تتواصل حالة الطوارئ منذ27 شهرا بعد إعلانها في 24 نوفمبر 2015 على اثر عملية محمّد الخامس الإرهابية وقد قرّر رئيس الجمهورية بالأمس وعلى اثر اجتماع مجلس الأمن القومي تمديدها لمدّة سبعة أشهر دفعة واحدة، ابتداء من12 مارس الجاري. وتعدّ حالة الطوارئ، حالة استثنائية تسمح باتخاذ تدابير صارمة تمسّ من الحقوق والحريات لحماية الأمن والنظام العام ويجيز الفصل 80 من الدستور التونسي لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم يكون مهددا ل»كيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها» أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية من تدابير تهدف لعودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويضبط الأمر عدد 50 لسنة 1978 المتعلّق بإعلان حالة الطوارئ التدابير الضرورية لإعلان حالة الطوارئ. طوارئ.. ولكن «لايت» ! ورغم أن حالة الطوارئ متواصلة إلى اليوم منذ 27 شهرا وقرّر رئيس الجمهورية تمديدها ل7 أشهر إضافية،إلا أن إجراءات الطوارئ ورغم مدد إعلانها الطويلة إلا أن إجراءات تطبيقها لم تكن صارمة وكما يفرضها قانون الطوارئ الذي يضع تدابير استثنائية عند تطبيق حالة الطوارئ، لكن يبدو أن جملة من هذه التدابير سيتم تفعيلها في علاقة بأزمة فسفاط قفصة التي مازالت تراوح مكانها خاصّة وان مجلس الأمن المجتمع بالأمس وتم خلاله الإعلان عن تمديد حالة الطوارئ لمدّة 7 أشهر، بما يطرح امكانية أن تكون هناك توصيات تستند إلى أحكام قانون الطوارىء، لاسيما وأن النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بقفصة باشرت أوّل أمس وبناء على شكاوى تقدّمت بها شركة فسفاط قفصة ضدّ المجموعات المعطّلة لإنتاج الفسفاط ونقله، أبحاثا تحقيقية تتعلّق بتعطيل حرّية العمل وقطع السّبل العمومية والإضرار بملك الغير. قانون الطوراىء وأزمة الفسفاط يجيز قانون الطوارئ»إعلان حالة الطوارئ بكامل تراب الجمهورية أو ببعضه، إما في حالة خطر داهم ناتج عن نيل خطير من النظام العام وإما في حال حصول أحداث تكتسي بخطورتها صبغة كارثة عامة». كما يعطي قانون الطوارئ وزير الداخلية صلاحيات «وضع الأشخاص تحت الإقامة الجبرية وتحجير الاجتماعات وحظر التجول وتفتيش المحلات ليلا ونهارا ومراقبة الصحافة والمنشورات والبث الإذاعي والعروض السينمائية والمسرحية، دون وجوب الحصول على إذن مسبق من القضاء. بالاضافة الى كون قانون الطوارىء يمنح الوالي صلاحيات استثنائية واسعة بما تقتضيه ضرورة الأمن أو النظام العام منها منع جولان الأشخاص والعربات ومنع كل إضراب أو صد عن العمل حتى ولو تقرر قبل الإعلان عن حالة الطوارئ وتنظيم إقامة الأشخاص وتحجير الإقامة على أي شخص يحاول بأي طريقة كانت عرقلة نشاط السلط العمومية مع امكانية اللجوء إلى تسخير الأشخاص والمكاسب الضرورية لحسن سير المصالح العمومية والنشاطات ذات المصلحة الحيوية. وإذا أخذنا هذه الصلاحيات الاستثنائية الممنوحة للولاة وفق إجراءات الطوارئ وأزمة الفسفاط التي تراوح مكانها اليوم بقفصة وفشلت الحكومة والأطراف الاجتماعية في ايجاد الحلول المناسبة والعاجلة بعين الاعتبار وأخذنا كذلك بعين الاعتبار البلاغ الصادر عن رئاسة الجمهورية يوم أمس على اثر انعقاد مجلس الأمن القومي وورد فيها أنّه»تم التأكيد على أهميّة مزيد بذل المجهودات لتأمين المواقع الحيويّة لإنتاج الفسفاط والتسريع بعودة الإنتاج وضمان ديمومته بما يساهم في الترفيع من نسق التنمية وتنويع القاعدة الاقتصادية بالجهة» فانه من غير المستبعد أن يتم تفعيل إجراءات الطوارىء في علاقة بأزمة فسفاط قفصة من خلال التصدّي للإضرابات العمالية بشركة فسفاط قفصة بدعوى إخلالها بالنظام العام، خاصّة وأن رئيس الجمهورية كان أعلن منذ أشهر وبعد أزمة «الكامور» عن قرار تكليف الجيش بحماية المنشآت العمومية الحساسة وكل مناطق الإنتاج، مع التمسك بحرية التظاهر السلمي في إطار القانون،غير أن الأمر يبدو مختلفا في علاقة بفسفاط قفصة الذي شلّت الاحتجاجات الانتاج بما كبّد الشركة والدولة خسائر فادحة. ورغم أن البلاغ أشار الى أنه يجب»اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتطبيق القانون وحماية المصلحة العليا للوطن مع احترام الحقوق والحريات المضمنّة في الدستور»الاّ أن ذلك لا يمنع من اتخاذ كل الإجراءات المناسبة حتى لا يتواصل تعطيل الإنتاج بسبب الاضرابات رغم أن الاضراب هو حق دستوري لكن حالة الطوارىء تسمح قانونيا بالمسّ من الحقوق والحريات.