(وكالات) يتجه الناخبون الروس اليوم إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في الانتخابات الرئاسية الروسية التي يجمع الملاحظون على أنها شبه محسومة لصالح الرئيس فلاديمير بوتين الذي سيحكم روسيا لولاية جديدة تستمر ست سنوات إلى غاية 2024 .ودخلت روسيا أمس مرحلة الصمت الانتخابي فيما دعا الرئيس الروسي الناخبين إلى المشاركة بكثافة في الانتخابات. ويشارك في الانتخابات نحو مائة مليون ناخب في أكثر من 94 ألفا من مراكز الاقتراع، كما يشارك في التصويت نحو مليوني ناخب آخرين يتواجدون خارج الأراضي الروسية. وتعد الانتخابات الراهنة تصويتا على شعبية بوتين في غياب ابرز معارضيه اليكس نافالي الذي ابعد من السباق الانتخابي بقرار قضائي .. وتوقع استطلاع الذي أجراه المركز الروسي لدراسة الرأي العام، قبل أسبوع من موعد الانتخابات الرئاسية، تبين أن نحو 73% من الروس سيصوتون لصالح بوتين الذي يسعى لولاية رابعة، فيما حل مرشح الحزب الشيوعي للرئاسة، «بافل غرودينين» في المركز الثاني بنسبة 7% من الأصوات ، بينما جاء «فلاديمير جيرينوفسكي»، زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي في المركز الثالث بنسبة تأييد بلغت 5 % . تحديات مرتقبة وتواجه روسيا تحديات داخلية وخارجية عديدة أبرزها ارتفاع معدلات الفقر داخل البلاد، كما تفرض الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات دولية ضد موسكو على خلفية الأزمة الأوكرانية وتداعيات الانتخابات الرئاسة الأمريكية الأخيرة و العقوبات التي أعلنتها واشنطن على موسكو. إلى جانب التصعيد الحاصل مع بريطانيا على خلفية أزمة غاز الأعصاب واتهامات رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي لبوتين بتسميم العميل الروسي المزدوج وابنته والمرشحة لمزيد العقيد بعد قرار موسكو المعاملة والرد على قرار بريطانيا طرد 23 ديبلوماسيا روسيا من بريطانيا بطرد عدد مماثل من الديبلوماسيين البريطانيين في موسكو . -من هم المتنافسون في الانتخابات؟ ويتنافس في الانتخابات الرئاسية الروسية، 8 مرشحين من بينهم الرئيس بوتين البالغ من العمر65 عاماً والذي تّقدم كمرشح مستقل للانتخابات الرئاسية، وكان في السابق زعيما لحزب روسيا الموحدة، ويشرف بوتين في الوقت الحالي على جبهة «كل شعب روسيا»، وهي عبارة عن مجموعة منظمات تشمل أكثر من 1500 حزب صغير ونقابات ومجموعات مصالح. ومن المرشحين المشاركين في هذه الانتخابات أيضا «فلاديمير جرينوفسكي» ولديه تجربة سياسية طويلة، ويوصف أحيانا بأنه «رجل استعراض في السياسة الروسية»، وشارك في انتخابات عام 1991 كزعيم للحزب الليبيرالي الديمقراطي الحر. وهناك أيضا المرشحة الاشتراكية «كسينيا سوبشاك» وهي مقدمة برامج تلفزيونية تبلغ من العمر 36 عاما، وهي ابنة عمدة مدينة «سان بطرسبرغ» الإصلاحي الراحل، أناتولي سوبتشاك. الى جانب المرشح «ماكسيم سوريكين» الذي يقود الحزب الشيوعي، ويتزعم محاولات إعادة الاتحاد السوفياتي السابق.. والمرشح «غريغوري يافلينسكي»زعيم «الحزب الحر الاجتماعي» (يابلاكا)، وقد ترشح للانتخابات الرئاسية للمرة الرابعة، وتعهد في حال توليه الحكم بتطوير اقتصاد بلاده كما وعد بتطبيع العلاقات مع الغرب، والاعتراف بعدم شرعية ضم القرم إلى روسيا في عام 2014. ومن المرشحين المنافسين في الانتخابات الرئاسية الروسية «سيرغي بابورين» وهو مرشح «اتحاد جميع شعب روسيا الوطني»، والمرشح «بوريس تيتوف» وهو ليبرالي التوجه والرئيس المفوض لحقوق المقاولين ومؤيد لاقتصاد السوق وحماية الطبقة المتوسطة ويتقدم «بوريس» للانتخابات باعتباره زعيما ل حزب التنمية، الذي أسسه في عام 2009. أما المرشح «بافل جرودينين» فهو أحد أقطاب الأعمال وينتمي أيضا للحزب الشيوعي الروسي. ويتعين على الفائز في هذه الانتخابات أن يحصل على أكثر من نصف أصوات الناخبين، وإذا تعذر ذلك فإن المرشحين الاثنين المتصدرين للنتائج، يتقدمان إلى الجولة الثانية، التي تنظم بعد ثلاثة أسابيع من إعلان النتائج. وقبل يومين من بدء عملية الاقتراع، دعا الرئيس فلاديمير بوتين، مواطني بلاده إلى المشاركة في الانتخابات الرئاسية. وقد دشن فلاديمير بوتين حملته الانتخابية في بداية شهر مارس الجاري من خلال كلمة بثها التلفزيون الروسي واستغرقت ساعتين أمام جلسة مشتركة لأعضاء البرلمان الروسي، وقد كشف فيها النقاب عن تطوير صاروخ كروز جديد وصفه بأنه «لا يقهر»، وأنه يمكنه أن يصل إلى أي مكان في العالم. وتعهد بوتين بالحد من الفقر في البلاد خلال السنوات الست المقبلة، وتشير إحصاءات إلى أن 42 مليون شخص في روسيا يعيشون تحت خط الفقر، غير أن بوتين قال إن العدد هبط الآن إلى 20 مليون شخص، ولابد من الاستمرار في هذا الاتجاه. وأكد أنّ الفترةَ المقبلةَ ستَحملُ ما وصفه بشعارِ «الانتصارات المشرفة». كما بعث بوتين برسالة طمأنة لمن يخشون سعيه لتغيير الدستور الروسي بتمديد فترات الرئاسة المتتالية المقتصرة على ولايتين فقط، بهدف البقاء في الرئاسة لفترة أطول، قائلا إنه «لن يفعل ذلك». وقد مدد النواب الروس في عام 2009 فترة الولاية الرئاسية من أربع سنوات إلى ستة أعوام، وهذا يعني أن بوتين يستطيع أن يظل في الحكم حتى سنة 2024، ليصبح بذلك صاحب أطول مدة رئاسية في تاريخ روسيا منذ عهد «جوزيف ستالين» الذي حكم الاتحاد السوفيتي لأكثر من عقدين من الزمان. وفي حال فوز بوتين ستكون هذه رابع ولاية له، فقد انتخب أولا سنة 2000 بعد تسلمه السلطة من جانب الرئيس»بوريس يلتسين» في ذلك الوقت قبل ستة أشهر من انتهاء ولايته. وبعد ولايتين رئاسيتين قضى بوتين أربع سنوات في منصب رئيس الوزراء، احتراما للدستور الذي يتيح ولايتين متتاليتين فقط للرئيس، ولكنه عاد للرئاسة بعد أن غادر «ديمتري مدفيدف» الرئاسة في 2012. ما الذي سيتغير؟ وإذا ما فاز الرئيس «بوتين» بولاية جديدة فسوف يقود بلاده وسط أزمات متصاعدة، وملفات دولية ساخنة، وعلاقات مضطربة مع الدول الغربية لاسيما مع العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة على بلاده على خلفية الأزمة الأوكرانية، وعقب تصويت سكان شبه جزيرة القرم المتمتعة بالاستقلال الذاتي قبل أربع سنوات لصالح الانضمام مجددا إلى الاتحاد الفدرالي الروسي. كما تواجه موسكو اتهامات من واشنطن بتدخلها في انتخابات الرئاسة الأمريكية التي جرت في عام 2016 وفاز فيها الرئيس دونالد ترامب ما دعا واشنطن إلى فرض عقوبات ضد شخصيات وكيانات روسية بدعوى تدخلها المباشر في انتخابات الرئاسة الأمريكية والتورط في ارتكاب هجمات إلكترونية، وهي الاتهامات التي تنفيها موسكو بشدة. ولا يتوقع المراقبون تغييرات جوهرية في سياسة بوتين في حال فوزه في انتخابات الرئاسة مجددا، حيث يرجح المحللون السياسيون للسياسة الخارجية الروسية، أن بوتين سيواصل سياساته ومواقفه السابقة داخليا وخارجيا ، متكأ على جلبه النظام لروسيا بعد سنوات من الفوضى، وعودة الدور السياسي والعسكري النافذ والفاعل لروسيا في كثير من الملفات الدولية الساخنة. وكان التدخل العسكري الروسي في الأزمة السورية من أبرز سياساته في السنوات الأخيرة، كما أن ما فعله في شبه جزيرة القرم في 2014 أغضب الغرب لكنه رفع من شعبيته بشكل غير مسبوق في الداخل، غير أن دعمه للحرب في أوكرانيا وضعه في مسار تصادمي مع الغرب .. فالعقوبات الدولية على بلاده تزداد، ورغم ذلك فإن الرئيس بوتين يعتبر بطلا في نظر الكثير من الروس الذين يرون فيه باعثا لقوة روسيا لاسيما بعد الانهيار المدوي للاتحاد السوفييتي في بداية التسعينيات من القرن الماضي.يبقى ملف الحريات من بين الملفات المغيبة في روسيا حيث لا تزال حرية الإعلام مقيدة في بلد يسعى رئيسه القادم إلى تعزيز موقعه إقليما ودوليا. وفق سياسة المعاملة بالمثل: موسكو تطرد 23 دبلوماسيا بريطانيا وتمهلهم أسبوعا لمغادرة أراضيها موسكو (وكالات) أعلنت موسكو السبت طرد 23 دبلوماسيا بريطانيا لديها، وأمهلتهم أسبوعا لمغادرة أراضيها، ردا على قرار مماثل اتخذته لندن الأربعاء الماضي. كما أعلنت الخارجية الروسية سحب تصريح بفتح قنصلية عامة في سان بطرسبورغ، ووقف نشاطات المركز الثقافي البريطاني لديها، في إطار أزمة تسميم العميل الروسي المزدوج سيرغي سكريبال وابنته في إحدى مدن جنوب إنكلترا في 5 مارس الجاري. وقالت الوزارة التي استدعت السفير البريطاني في روسيا إن «23 من أعضاء الطاقم الدبلوماسي للسفارة البريطانية في موسكو أعلنوا أشخاصا غير مرغوب فيهم وسيتم طردهم خلال الأسبوع». وأضافت الوزارة في بيان أنه «نظرا للوضع غير النظامي للمركز الثقافي البريطاني في روسيا، تم وقف نشاطاته». كما أعلنت الخارجية سحب تصريح لبريطانيا بفتح قنصلية عامة في سان بطرسبورغ وتعليق عمل المركز الثقافي البريطاني في البلاد. وكانت الخارجية الروسية استدعت السفير البريطاني الثلاثاء في إطار الأزمة التي تلت تسميم العميل الروسي المزدوج السابق سيرغي سكريبال وابنته في إنكلترا.وقالت الوكالة إن موسكو ستبلغ الدبلوماسي البريطاني بالإجراءات التي اتخذت ردا على تلك التي أعلنتها لندن خلال الأسبوع الجاري وبينها خصوصا طرد 23 دبلوماسيا روسيا من بريطانيا. وتفاقمت أزمة تسمم سكريبال وابنته، اللذين تعرضا لهجوم بغاز سام بإحدى مدن جنوب إنقلترا في الخامس من مارس الجاري، منذرة بمواجهة غير مسبوقة منذ الحرب الباردة.