الحمى تصيب النواب.. اعتداءات لفظية.. وتشابك بالأيدي.. وتبادل للاتهامات.. مبروك الحريزي يهدد بأن يصبح انتحاريا.. وهالة عمران تحذر الشعب من أمثاله سامية عبو تصف رئيس المجلس بالدكتاتور والمستبد والمارق صلاح البرقاوي يوجه نداء الى رئيس الجمهورية بحل البرلمان الجيلاني الهمامي يحذر من الالتفاف على مسار العدالة الانتقالية سمير ديلو: الجلسة العامة باطلة تونس: الصباح بعد جلسة عامة صاخبة اختلط فيها الحابل بالنابل، وتعالت خلالها الأصوات من كل حدب وصوب، قرر مجلس نواب الشعب مساء أمس بعد خمس ساعات من الضجيج والتجاذبات السياسية الحادة، تأجيل النظر في موضوع تمديد عمل هيئة الحقيقة والكرامة الى يوم غد الاثنين. وتعطلت هذه الجلسة الساخنة ثلاث مرات، وحضرتها سهام بن سدرين ونائبها محمد بن سالم لتفسير سبب قرار التمديد في عملها، لكنهما سرعان ما غادرا بعد ان تعذر عليهما الكلام وسط تلك الأجواء المشحونة. ودبت حمى التوتر في المكان منذ اللحظات الأولى للجلسة العامة، حيث تجمهر عدد من المشاركين في اعتصام باردو أمام البوابة الرئيسية للبرلمان ونددوا بأعلى أصواتهم بما فعلته بهم بن سدرين وهيئتها مطالبين النواب بعدم التمديد، ولم تكن الأجواء أهدأ داخل القبة اذ عم صراخ النواب الارجاء لساعات طويلة، فنواب الديمقراطية والجبهة الشعبية والنهضة يعتبرون الجلسة العامة غير قانونية أصلا وباطلة، لا فقط لأن مكتب المجلس ليس من صلاحياته ان يطلب من الجلسة العامة التصويت على التمديد للهيئة بل لأن رئيس المجلس امتنع عن الاعلان مثلما جرت عليه العادة عن عدد النواب الحاضرين المسجلين الكترونيا ولأنه لم يقل ان النصاب غير متوفر، واعتبروا ما اقدم عليه رئيس المجلس خرقا فاضحا للنظام الداخلي واعتبروا ان الجلسة غير قانونية وكل ما يمكن ان يتترب عنها غير قانوني. أما نواب نداء تونس والحرة لحركة مشروع تونس وآفاق تونس والوطنية فتمسكوا بأن الجلسة العامة قانونية وبأن النصاب متوفر، وبأن عدد الحاضرين في القاعة يتجاوز المائة، لكن نواب المعارضة تعمدوا عدم تسجيل الحضور لكي يتعللوا بأن النصاب غير متوفر ولكي يعطلوا الجلسة بالقوة. وكان نور الدين البحيري رئيس كتلة النهضة أول ما اثار مشكلة الحضور وطالب محمد الناصر رئيس المجلس منذ البداية بالإعلان عن نتيجة تسجيل الحضور والقول في المصدح ان عدد الحاضرين سبعة وخمسين، أما مبروك الحريزي النائب عن الديمقراطية فبين ان الجلسة في حد ذاتها اعتداء على السلطة وخرق لقانون العدالة الانتقالية واعتبر قرار المكتب تدليس لهذا القانون وذكر انه من المفروض ان يحاكم عليه رئيس المجلس بالخيانة العظمى لانه انقلب على الدستور وأضاف وهو في اوج الغضب:" انا اليوم انتحاري وسأقصفكم وسأفعل اكثر مما فعله القصاص في التأسيسي والجلسة العامة لن تمر الا على جثتي".. وهدد الحريزي بإنزال محمد الناصر من كرسية بالقوة.. وتعقيبا عليه قال صلاح الدين البرقاوي النائب عن الحرة لحركة المشروع ان الحريزي قارن نفسه بالقصاص وهو يتمنى الا يراه بعد انتهاء فترة نيابته يعتصم في مقر الاتحاد الاوروبي. واعتبر تعطيل الجلسة بتلك الطريقة سابقة خطيرة وذكر انه لا يتصور ان يبقى المجلس خلال ما تبقى من المدة النيابية جديرا باحترام الناس ودعا من له صلاحية انهاء المجلس وترجاه لكي ينهيه في أسرع وقت. وفسر سمير ديلو النائب عن النهضة ان ما يحدث هو حرق للدستور وقانون العدالة الانتقالية والنظام الداخلي وذكر ان شرط توفر ثلث عدد النواب غير متوفر وبالتالي فان الجلسة في حكم العدم قانونا والعدم لا يبنى عليه، وأضاف ان اعمال العقلاء مصانة من العبث الا من اختار العبث.. وبين الجيلاني الهامي النائب عن الجبهة الشعبية ان ما فعله رئيس المجلس ذكره بما كان يفعله اسماعيل السحباني في اتحاد الشغل سابقا مع من يختلفون معه في الرأي وبين ان قرار المكتب خاطئ وذكر ان هناك قانون عدالة انتقالية يجب ان يطبق لا ان يطوع وفقا للموافق السياسية للكتل البرلمانية. وأضاف أن الجبهة يمكن ان تكون لها مؤاخذات على الهيئة وعلى سهام بن سدرين اكثر من المعارضين لها لكنها تريد تطيق القانون وذكر ان هناك من يريدون طمس جريمة الاستبداد والتعسف نهائيا واخفاء ارشيف الهيئة وعدم جبر ضرر الضحايا مقابل افلات الجلادين من العقاب يفعلون ذلك نكاية في مسار العدالة الانتقالية وليس في سهام بن سدرين. وبين ان الجبهة لها مشكلة مع بن سدرين ومع الاخطاء التي ارتكبتها لكن مسار العدالة الانتقالية فوق سهام وفوق الجميع. وذكرت ريم محجوب النائبة عن افاق انها مع العدالة الانتقالية لكن لا بد من احترام النظام الداخلي ووصفت ما قام به نواب المعارضة ب "التبوريب". وفي نفس السياق نددت هاجر بن الشيح احمد النائبة عن نفس الكتلة بحالة الفوضى التي عمت القاعة وحرمتها من ممارسة حقها في التعبير وطالبت رئيس المجلس بإخراجهم من القاعة.. وامام تزايد الصراخ تعطلت الجلسة وارتفع منسوب التشنج في صفوف نواب النداء عندما توجه النائب مبروك الحريزي نحو الناصر لينعته بالكلب المكلوب.. ورد محمد سعيدان النائب عن النداء الفعل سريعا وجرى في اتجاهه لضربه وتشابكت الايادي وارتمى وليد جلاد بين الخصمين ليحول دون تحول الجلسة الى قاعة مصارعة.. وفي خضم تلك الاجواء الهستيرية تسمر النائب الطبيب عن افاق تونس محمد غنام مشدوها في مكانه حائرا من العلة التي اصابت النخبة السياسية. مبادرة لحماية المسار وبعد ان هدأ من روع نواب كتلته أكد سفيان طوبال رئيس كتلة النداء انه أصبح خائفا على مسار العدالة الانتقالية من الناس الذين يعطونهم الدروس وقال ان كتلة لديها مبادرة تشريعية لحماية هذا المسار وستعلن عنها في صورة عدم التمديد للهيئة. ودعا ما سماه بكتل سهام بن سدرين الى مواصلة الجلسة. وبعد حالة الانفلات اعلن محمد الناصر عن عدد الحاضرين وقال انه يبلغ 84 نائبا وان النصاب متوفر وطلب من سهام بن سدرين ان تتكلم لكن سرعان ما ارتفع صوت سامية عبو النائبة عن الديمقراطية أكثر وأكثر وكررت عشرات المرات انها تريد نقطة نظام.. وهو نفس ما طالبت به النائبة عن النهضة منية ابراهيم التي راحت تصرح وتصرخ الى ما لا نهاية.. وفي الاثناء حصلت مناوشة كلامية بين رمزي خميس النائب عن النداء ويمينة الزغلامي النائبة عن النهضة.. وتدخل احمد الصديق رئيس كتلة الجبهة لتهدئة الاجواء لكنه أعلن أن النصاب غير مكتمل والجلسة غير قانونية، وتم رفع الجلسة مرة اخرى وعاد النواب بعد وقت قصير وتمسكت عبو من جديد بحقها في نقطة نظام وانهالت على رئيس المجلس محمد الناصر نقدا ووصفته بالدكتاتور والمستبد والمارق على القانون وتدخلت هالة عمران النائبة عن النداء لتوجه اصابع الاتهام لنواب الديمقراطية خاصة سامية عبو ومبروك الحريزي وعماد الدايمي بانهم اعداء الديمقراطية وقالت ان الحريزي قال انه انتحاري وهي تعرف انه انتحاري وتعرف ان من هددوا برفع المشانق ومن حرقوا ومن القوا الرش ويتموا الاطفال ومن قالوا ان الارهاب فزاعة لا يمكن الا ان يكونوا ارهابيين، واضافت انهم لن ينزلوا الى مربع العنف الذي يستدرجونهم اليه وأضافت :"هذا لن يحدث ونحن لسنا منكم وانتم لستم منا"، وذكرت ان النائب الذي يصرخ لديه جمعيات ممولة من دول اجنبية إنه وضع نفسه تحت ذمتها لكي يمول الارهاب وقالت ان الاناس الذين في قلوبهم الدم والفوضى والكراهية للشعب التونسي ليس لهم مكانا بين الشعب. وفي النهاية وبطلب من رئيس كتلة النهضة تم رفع الجلسة مرة اخرى لبعض لوقت وعند استئناف الأشغال عبر مختلف رؤساء الكتل عن رغبتهم في تأجيلها وهو ما حدث. وحمل زهير المغزاوي النائب عن حركة الشعب مسؤولية كل ما حصل لرئيس المجلس لانه امتنع عن تطبيق النظام الداخلي وذكر ان تعاطي الاغلبية مع موضوع العدالة الانتقالية غير معزول عما حدث مع المحكمة الدستورية والقانون الانتخابي والنظام السياسي وذكر ان هناك من يريد اعادة البلاد الى نقطة الصفر. وعقب عليه رئيس المجلس محمد الناصر انه لم يتجاوز القانون، بل طبقه وهو ليس ضد العدالة الانتقالية وذكر انه متحمل لمسؤوليته وانه امتنع عن الرد على من تهجموا عليه وبين انه سمع من يقول انه سيفجر نفسه.