صيف الموظفين لن يكون عاديا هذه السنة. فمائدة النقاش داخل المكاتب وحتى خارجها سيكون طبقها الرئيسي اسبوع الخمسة ايام. واحقاقا للحق فإن هذا النمط من التوقيت ليس بغريب عن بلادنا فكل المؤسسات المالية والبنوك وبعض من المنشآت العمومية والمؤسسات الخاصة تعتمده منذ سنوات.. وقد عوّدت المتعاملين معها على تنظيم تعاملاتهم وفقه. اسبوع الخمسة ايام هذا.. سيمكّن ان تم اقراره من المساواة بين شريحتين من الموظفين: شريحة العاملين في المؤسسات المالية والبنوك وبعض المنشآت العمومية والمؤسسات الخاصة وشريحة موظفي الوزارات وبعض المؤسسات العمومية التي لاتزال تعتمد نظام العمل لمدة ستة ايام في الاسبوع.. كما أن هذه المساواة سترفع الضيم عن بعض العاملين تحت لواء وزارة واحدة بعض مؤسساتها اعتمدت نظام الخمسة ايام وبعضها الآخر ظلت تعمل وفق نظام عمل الوزارة.. وإلى جانب ما سبق فان اقرار العمل بهذا التوقيت سيمكن المجموعة الوطنية من اقتصاد هام في الطاقة على اعتبار الحد من التنقلات بوسائل النقل العمومي أو الخاص خلال الظهيرة واقتصاره على خمسة ايام في الأسبوع عوضا عن ستة ايام معتمدة اليوم. كما أن المصالح ذات العلاقة المباشرة بالمواطن التي اعتادت أن تسدي له خدمات كمصالح الحالة المدنية أو الفحص الفني أو البريد أو شبابيك مؤسستي الكهرباء والماء.. اعتادت منذ مدة فتح أبوابها في غير الأوقات الادارية وحتى أيام الاحاد والعطل بما اصطلح على تسميته بالادارة السريعة. على مستوى اخر برهنت الحكومة من خلال اعتمادها على الاستبيان على مدى احترامها للموظف مهما كانت رتبته اذ شركته في اتخاذ القرار حتى لا تتعالى الأصوات الرافضة فيما بعد أو المثيرة للجدل العقيم فالفرصة سانحة للجميع لابداء الراي وحتما ستشارك مختلف وسائل الاعلام في تبليغ اصوات كل الأطراف فيكون بذلك القرار المتخذ قرار الاغلبية التي اما تبقي الحال على ما هو عليه أو تنشد التغيير. ولئن سبقتنا دول أخرى في اعتماد هذا النمط من التوقيت في العمل فانه لم يمر دون اثارة مشاغل ومشاكل وأتذكر أن الحوار الذي ساد اقرار اسبوع الخمسة ايام في اليابان تعلق بالأساس وبماذا سيفعل اليابانيون المعروفون بتفانيهم في العمل بيوم الراحة الاضافي.. واذكر أن دولا اوروبية فكرت في هذا السؤال بالذات قبل اقرار اسبوع الخمسة أيام .. ومن المشاغل والمشاكل المطروحة محليا هو ملاءمة اوقات الدروس مع هذا التوقيت الجديد حتى يتسنى للعائلة التمتع بيومي العطلة مجتمعين.. كما أن من المشاغل المطروحة هو الخشية على الأبناء من قضاء يوم كامل دون مراقبة وهو ما يعني تعزيز مؤسسات الحضانة المدرسية وتعميمها في مختلف المناطق والجهات.. ومن المشاغل كذلك توفير وسائل الترفيه بالقدر الكافي للعائلة التونسية وبأسعار مدروسة بما يمكنها من استغلال عطلة نهاية الأسبوع في ظروف طيبة.. ومن المسائل المطروحة كذلك أن العطلة تشجع على الانفاق في مختلف اوجه الحياة لكن امكانيات الموظف لا تسمح له بذلك وهو ما قد يجره للبحث عن عمل ثان في الوقت الذي تجد عاطلا عن العمل في حاجة اليه اكثر منه. إن هذا التوجه سيسيل حبرا كثيرا وكذلك لعابا كثيرا (لجموع التجار) وسيثير نقاشا طويلا لأنّه ليس مجرد تغيير توقيت عمل فقط بل نمط حياة مجتمع باكمله لذلك فالمطلوب متابعة دقيقة لانعكاسات كل ما هو اجتماعي والاستئناس بتجارب دول سبقتنا حتى لا نقف في اقرار اسبوع الخمسة أيام عند مجرد الاقتصاد في الطاقة وكفى.