رافق تفعيل قرار العمل بنظام الخمسة ايام في الاسبوع في الوظيفة العمومية بدلاً من نظام أسبوع الستة أيام تجاذبات وردود أفعال وقراءات مختلفة لأبعاد هذا القرار الجديد ومختلف تداعياته. علما ان النظام الجديد للعمل الاداري دخل حيز التنفيذ بداية من هذا الاسبوع ليشمل العاملين في الوظيفة العمومية ومختلف المؤسسات والمنشآت العمومية، باستثناء قطاعات التعليم والصحة والقمارق والأمن... هذا الإجراء تضاربت حوله آراء بعض المواطنين بين مؤيد ورافض.. فقد انتقد محمد (موظف) قرار العمل القاضي بنظام الخمسة ايام وقال:"ان مثل هذه القرارات لا يمكن ان تخدم المواطن ولا الادارة وان المواطن سيجد نفسه في يوم عطلة اضافية مما سيضطره تحت ضغط العائلة والاطفال إلى نفقات اضافية هو في غنى عنها." وعبر عن اعتقاده ان هذا القرار يمكن ان يساهم ايضا في تدهور الاقتصاد نتيجة تدني المردودية بفقدان يوم عمل. وافاد منذر النابلي (موظف) انه ضد قرار التوقيت الجديد لانه لا يتناسب مع الموظف ولا يسمح له بقضاء مصالحه وشؤونه الادارية مما سيضطره للتغيب اثناء فترات العمل لقضاء مصالحه مع العلم وان الفترة المخصصة للاستراحة قصيرة ولا تكفيه حتى لتناول غذائه على حد تعبيره. وقال محمد الزين (موظف) بان هذا القرار سيوقع الموظف في مشكل مع الادارة من حيث اضاعة الوقت والتواكل.. وقال انه لا يخدم اصحاب المشاريع الخاصة مثل المطاعم وغيرها... راحة نفسية وجسدية من جهتها رحبت السيدة زينب (موظفة) بهذا القرار وقالت بأن المواطن بحاجة ليوم عطلة اضافية خاصة وانها ستساهم في الراحة النفسية والجسدية للموظف الذي ستمكنه الراحة من تحسين اداءه في العمل مما سيؤدي حتما الى تحسين الانتاجية وسيساهم في تطور عجلة الاقتصاد خاصة في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها بلادنا. من جهته اكد عادل الورغمي (موظف) انه مع قرار نظام العمل بخمسة أيام خاصة وان اغلب الادارات لا تعمل يوم السبت هذا فضلا على ان هذا القرار يمكن ان يساهم في الحد من استهلاك الطاقة داخل الوزارات والمؤسسات العمومية والشركات، لكن المأخذ الوحيد حسب رأيه يظهر في قصر الفترة المخصصة للراحة وتناول الفطور ويقترح ان تراجع الحكومة هذا القرار من ناحية التوقيت. ماذا عن الزمن المدرسي لاحظ الاستاذ طارق بلحاج محمد اخصائي في علم الاجتماع أن توقيت العمل يجب ان لا يكون معزولا على الزمن الاجتماعي من حيث إيقاع حياة المجتمع في المجال التربوي والثقافي والاقتصادي، واشار الى ان التوقيت يجب ان يكون في خدمة مصالح المجموعة الوطنية ومختلف الفاعلين الاجتماعيين. وخلافا لما يروج من حجة تدني المردودية نظرا لفقدان المجموعة الوطنية ليوم عمل في الاسبوع أكد بلحاج محمد بان هذه المسالة ليست مرتبطة بمسالة التوقيت بقدر ما هي مرتبطة بما يتوفر للموظف من ظروف عمل ملائمة ومحبذة. وقال ليس المهم "اعتقال" الموظفين اداريا مدة ستة ايام في الاسبوع في غياب دوافع وحوافز نفسية للعمل بقدر ما هي دوافع يمكن ان يوفرها تمتيع الموظف بيومين متتاليين كعطلة نهاية اسبوع. وأضاف في ظل تسارع نسق الحياة ونظام العمل بستة ايام لم يكن للعائلة التونسية الوقت الكافي للاهتمام بأبنائها ورعايتهم خصوصا في سنواتهم الاولى وراى انه بنظام العمل الجديد يمكن ان تتمتع العائلة من أداء واجبها على وجه أحسن مما كان عليه بما يوطد العلاقات الاسرية. واعتبر ان هذا الاجراء يمكن ان يساهم في حركية اقتصادية داخل الجهات خاصة وأن شريحة واسعة من الموظفين يقيمون بعيدا عن عائلاتهم وفرصة التمتع بعطلة يومين اسبوعيا هي مناسبة للتنقل الى مدنهم وقراهم، هذا فضلا على انه يزيد من فرص الزيارات العائلية بما في ذلك من ايجابيات على الامن النفسي والاجتماعي. لكن الماخذ الرئيسي لهذا القرار حسب راي الاستاذ بلحاج يكمن في كونه لم ترافقه مراجعة الزمن المدرسي الذي يفترض ان يكون مفتاح وبوصلة اية مراجعة لتوقيت العمل او الزمن الاجتماعي عموما ولكي يكون نظام العمل منسجم مع الزمن المدرسي الذي يهم تقريبا جميع العائلات المدرسية من مربين واولياء وتلاميذ حتى يتوافق ايقاع المدرسة مع ايقاع العمل والمجتمع عموما. واضاف بلحاج محمد من المفروض ان يستثني هذا القرار اضافة الى قطاع الامن والصحة والتعليم بعض المرافق والادارات الحيوية الاخرى على الاقل عبر حصص الاستمرار لتأمين مصالح المواطنين على غرار القباضات المالية والصناديق الاجتماعية وشركة الكهرباء والغاز والبريد، ولان التوقيت الجديد لا يسمح للموظفين بقضاء مصالحم في فترة الاستراحة كما تعودوا على ذلك سيضطرون اما للتغيب عن العمل او مغادرته من اجل قضاء شؤونهم. واكد بلحاج محمد انه وعلى غرار تمديد عطلة نهاية الاسبوع، يجب الاخذ بعين الاعتبار الخدمات المتوفرة للترفيه والتسلية في حين اننا نعاني اصلا من ضعف البنية التحتية في هذا المجال وقلة الفضاءات العامة المناسبة لاستغلال اوقات الفراغ وبالتالي مراجعة توقيت العمل دون توفير البنية التحتية اللازمة ودون مراجعة التشريعات المتعلقة بهذا النشاط مما يحرم المواطن والعائلة من الاستمتاع بنهاية اسبوع على أكمل وجه. وعموما ستكون التجربة هي الامتحان الحقيقي للحكم عن هذا القرار مع العلم ان شريحة واسعة من الموظفين باركته ووافقت عليه في اطار الاستشارة التي قامت بها الوزارة الاولى. دفع عجلة الاقتصاد من جهته رأى معز الجودي خبير في الاقتصاد ان العمل بنظام الخمسة ايام يساهم في تطور عجلة الاقتصاد من حيث الاستهلاك والانتاج والاستثمار وما يمكن ان ينجر عن هذه الآليات من توفير لمواطن شغل ومفعولها الايجابي على الدورة الاقتصادية كذلك يساهم في نقص استهلاك الطاقة داخل الوزارات والمؤسسات العمومية والشركات وتحسين الانتاجية في العمل لما يمكن ان يوفره هذا اليوم للموظف من تحسين ادائه وتحسين الانتاجية، لكن في المقابل يمكن ان يؤثر على تعاملات الادارة مع القطاع الخاص والشركات الاجنبية التي تعمل في اوقات غير اوقات الادارة. وقال:" التوقيت الجديد بقدر ما يمكن ان يخدم الموظف يمكن ان يؤثر سلبا على اداء والتعاملات مع الدول الاجنبية والقطاع الخاص عموما". من جهة اخرى اشار معز الجودي ان الموظف في حاجة الى برهة من الزمن حتى يتأقلم مع التوقيت الجديد وهذه الفترة يجب ان لا تطول حتى لا تأثر سلبا على الدورة الاقتصادية خاصة في هذه المرحلة التي تستوجب انعاشة.