شركة "كوتوزال" هي إحدى الشركات المختصة في تصنيع الملح في تونس منذ ما قبل الاستقلال وتصديره. وقد وجهت عديد الاتهامات لهذه الشركة في الفترة الأخيرة وصلت لحد المطالبة بإيقاف الاتفاق الموقع معها بتعلة ان هذه الشركة تستغل ثروة من ثروات البلاد وتتهرب من واجبها الجبائي وان الدولة لا تستفيد من عائدات ثروتها من الملح باعتبار ان الشركة تستغل هذه الثروة مقابل فرنك واحد للهكتار... حول هذه الاتهامات كان ل "الصباح" هذا اللقاء مع السيد فؤاد الاخوة رئيس مجلس ادارة "كوتوزال". أثارت الاتفاقية المتعلقة ببيع الملح والموقعة منذ سنة 1949 مع الشركة العامة للملاحات التونسية (كوتوزال) موجة من الانتقاد من قبل عديد الاطراف بما فيها مجلس نواب الشعب. فماذا يمكن أن نعرف عن هذه الاتفاقية وما ردكم على ما وجه اليكم من اتهامات؟ تستغل"كوتوزال" ملاحتي"طينة" و"الساحلين" منذ سنة 1949 بموجب اتفاقية لزمة إشغال واستغلال الملك العمومي البحري مصادق عليها بالأمر العلي المؤرخ في 6 أكتوبر 1949. وقد حددت مدة امتياز الاستغلال بمقتضى الاتفاقية ب50 سنة قابلة للتجديد ضمنيا كل مرة لفترة قدرها 15 سنة، في صورة احترام الشرط المتعلق بإنتاج سنوي يفوق 250 ألف طن، مع امكانية ابطالها من قبل أحد الطرفين 10 سنوات على الأقل قبل انتهاء فترة التمديد الجارية. وبموجب هذه الاتفاقية، تخضع شركتنا الى النظام الجبائي التالي: 1- اتاوة استغلال الملك العمومي البحري ب1 فرنك للهكتار الواحد في السنة وإن فرضنا أن مقدار هاته الأتاوة يحتسب حسب مجلة المناجم لسنة 2003 فان المبلغ المطلوب سوف يكون : 5151,000 دينار فقط !!! 2- إتاوة في شكل مساهمة الدولة تحتسب على أساس قاعدة الضريبة على الأرباح وقد كان مقدار هذه الأتاوة 149446,261 دينارا سنة -2016 411773,055 دينارا سنة 2017. 3-الأداءات والضرائب المنصوص عليها بالقانون العام وسددت في سنة 2017 مبلغ (1200000,000) مليون ومائتان ألف دينار بعنوان سنة 2017 وقد خضعت اتفاقية 1949 لتغييرات ذات علاقة بمساحة الاستغلال وكانت في شكل 3 ملاحق وتنص صراحة على إبقاء جميع بنود اتفاقية 6 أكتوبر1949 سارية المفعول من ذلك الملحق عدد 01 بتاريخ 9 أكتوبر 1969 والملحق عدد 02 بتاريخ 20 جانفي 1972 والملحق عدد 03 بتاريخ 25 فيفري 1974. -لكن عديد الاتهامات وجهت إليكم منها استغلال ثروة الملح الوطنية والتهرب الجبائي والاضرار بموارد الدولة؟ القول بان ملح البحر ثروة وطنية، نجيب عليه بأن الملح يعد من بين المواد الأكثر وفرة وغزارة في العالم، وتقدر مدخراته بالبحار والمحيطات حاليا ب50 مليون مليار مليار طن، دون ذكر مدخراته من السباخ والمناجم والبحيرات المالحة المغلقة والجيوب من تحت سطح الأرض. أما الإنتاج العالمي للملح فإنه يقدر ب270 مليون طن في السنة، مقابل استهلاك سنوي لا يتجاوز 170 مليون طن ويتلف الفائض المقدر ب100 مليون طن أو يقع إرجاعه إلى موقع الإنتاج. وشركة كوتوزال تنتج حاليا نوعية الملح البحري فقط، فهي لا تستغل مساحات تحتوي على هذه المادة أو مناجم تخزنها أو بحيرات محتوية على مادة الملح مما يجعلها قابلة للنفاذ بعد مدة من الإستغلال، بل هي تنتج هذه المادة حصريا من مياه البحر. وهذه العملية ليست مستنزفة لمخزون الملح الذي يمكن انتاجه إلى ما لا نهاية له على خلاف المواد المنجمية الأخرى فنحن لا نستغل مدخرات غير قابلة للتجديد قد يؤول عدم المحافظة عليها إلى حرمان الأجيال المقبلة من هذه الثروات. وأخيرا وبكل بساطة عن أي ثروة طبيعية نتحدث إذا كانت الثروة ذاتها تخلقها المؤسسة عبر عملية تحويلية صناعية ذات قيمة مضافة وليست متواجدة أصلا لا بباطن أو بسطح الأرض. وماذا عن الإضرار بموارد الدولة والتهرب الجبائي؟ القول بأن الدولة تخسر أكثر من 4000 مليار من المليمات، هذا رقم خيالي وغير صحيح بالمرة تم تداوله في الإعلام في سنة 2012 و2013 من طرف أشخاص يدعون أنهم خبراء وفي الحقيقة ليست لهم أي خبرة في المجال ويفتقدون حجج وبراهين وهو من نسج خيالهم، وان أفضل رقم معاملات إجمالي سجلته شركة كوتوزال منذ تأسيسها، كان سنة 2017 حيث بلغ 38 مليون دينار. وبخصوص المزاعم حول التهرب الجبائي فهو نوع من التحامل على المؤسسة وهو غير صحيح بالمرة ولدينا كافة شهادات الإبراء الجبائية عن كل السنوات المنقضية. ولم نعلم أبدا بموضوع هذه الاتاوة غير الخالصة وإنما علمنا بذلك من طرف نائبة في برنامج تلفزي وعثرنا على هذه الوثيقة بالانترنات عبر تحميلها من الموقع الالكتروني. وقد كان المبلغ الأولي لهذه الأتاوة عن الفترة الممتدة بين سنوات 2007 إلى 2012 وفقا لمراسلة وزير المالية إلى وكالة حماية المحيط والشريط الساحلي بتاريخ 10 ماي 2013، 5709094,000 دينار ثم وقعت مراجعته بمراسلة وزير المالية الى وكالة حماية المحيط والشريط الساحلي بتاريخ 4 أكتوبر 2013 عن نفس الفترة الممتدة بين سنوات 2007 إلى 2012 ليصبح 813822,000 دينار، وتأكيدا لذلك فإن المراسلتين المذكورتين تستندان كمرجع لنفس مراسلة وكالة حماية المحيط والشريط الساحلي (المرجع: المراسلة عدد 299 بتاريخ 12 فيفري 2013). وفي هذا الصدد قامت وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي بقضية بتاريخ 11/07/2014 بالمحكمة الابتدائية بتونس قصد استخلاص المبالغ التي تدعي استحقاقها والتي تقدر ب813822,000 دينار وقد أصدرت المحكمة الابتدائية بتونس حكمها عدد 44852 بتاريخ 15/06/2015 يقضي برفض المطلب. ثم قامت الوكالة في مرحلة ثانية، بقضية جديدة أمام المحكمة الإدارية لأداء معلوم هذه الأتاوة وهي جارية لم يقع البت فيها. لمحت وزارة الصناعة والطاقة والمناجم عند مناقشة ميزانية لسنة 2016 عن نية وضع حد لهذا العقد.. لكن هذا لم يحصل.. رغم أننا نعلم جيدا انكم طالبتم بدوركم بإيقاف العمل باتفاقية 1949. بعد اعلان الوزير عن نيته وضع حد لاتفاقية 1949 تراجع في اليوم نفسه عن موقفه، وفي الواقع، فان انهاء العمل باتفاقية 1949 مرتبط بشروط خاصة ولا يمكن إنهاء العمل بها بقرار وزاري. ونؤكد في هذا الصدد اننا قدمنا العديد من المرات طلب الخضوع لمجلة المناجم 2003 وإنهاء العمل باتفاقية 1949 لوضع حد لهذا الجدل ولا نعرف لماذا لم يقع ذلك الى حد اليوم. هل من مشروع صيغة جديدة تضمن حق الشركة وحق الدولة في استغلال موارد ثروة الملح؟ الصيغة الجديدة التي تضمن حق الشركة وحق الدولة هي خضوع شركة كوتوزال لمجلة المناجم 2003 مثل باقي المنافسين في قطاع الملح وعددهم أكثر من 30 شركة. حسب علمنا فان هناك ما لا يقل عن 8 امتيازات استغلال للملح ممنوحة ل6 شركات من بينها 3 شركات تونسية وشركتين من ايطاليا الى جانب الشركة العامة للملاحات التونسية إضافة إلى 4 امتيازات استغلال بصدد التطوير.. فلماذا لم يحصل هذا اللغط الا حول كوتوزال؟ هذا اللغط بدأ بعد الثورة عندما تذكر البعض أن البلاد التونسية كانت تحت الحماية الفرنسية الى حد سنة 1956 وكان البعض يزعم أن المقيم العام هو الذي قرر تأسيس وبعث شركة كوتوزال بينما بالرجوع الى نص اتفاقية 1949 نجد أن الباي محمد الامين باي هو الذي وقع على تكوين الشركة وذلك بأمر علي مؤرخ في 6 أكتوبر1949 وبما أن تونس موجودة تحت الحماية الفرنسية فمن المعقول في ذلك الوقت ان يوقع المقيم العام "جون مونس" على هذه الاتفاقية قبل الاصدار. اللغط حصل عندما تكلم البعض عن جنسية شركة كوتيزال التي هي تونسية وليست فرنسية مثلما أشار لذلك البعض. فمنذ سنة 1963 طلبت الشركة من مؤسسات تونسية أن تساهم في راسمالها وفي هذا الصدد نشير الى دخول البنك التونسي كمساهم في رأسمال الشركة وكذلك بنك تونس للتنمية الاقتصادية مع الشركة التونسية للبنك وبعض المؤسسات التونسية الاخرى التي ساهمت ايضا في رأسمال الشركة بما يناهز35,6 %. ولا يمكننا ان نتكلم عن شركة كوتيزال دون ان نذكر أن أول اتفاقية قطاعية للملاحات قد وقعها المرحوم فرحات حشاد الذي كان يمثل الاتحاد مع ممثلي الشركة آنذاك. كذلك لا يمكننا ان نتكلم عن شركة كوتوزال دون ان نذكر ان اول متصرف وعضو مجلس ادارة تونسي كان الفقيد المرحوم الطاهر بن عمار الذي استقال عندما عين وزيرا أول ثم رجع كمتصرف وعضو مجلس ادارة بعد ان امضى على وثيقة الاستقلال. المتصرف الثاني والذي شغل ايضا خطة رئيس مجلس إدارة شركة كوتوزال قبل وفاته هو المرحوم الزعيم محمد بدرة ثالث زعماء تونس بعد الرئيس بورقيبة وكذلك الزعيم صالح بن يوسف. مبدئيا تنتهي صلوحية الامتياز الممنوح لكوتوزال يوم 5 اكتوبر 2029، والى ذلك الوقت بماذا تطالبون الحكومة؟ تنتهي صلوحية الاتفاقية في سنة 2029 ونأمل ان تمكننا الدولة من الخضوع لمجلة المناجم لسنة 2003. وتشغل شركة كوتوزال 430 من الموظفين والعمال التونسيين في مختلف مواقع الإنتاج وتوفر العملة الصعبة للدولة التونسية باعتبار ان ثلثي رقم معاملاتها يقابل الصادرات... وبالتالي لا مجال للتشكيك بما توفره الشركة لميزانية الدولة وللبلاد.