سلمت أول أمس حكومة يوسف الشاهد مكتب مجلس نواب الشعب مشروع قانون أساسي يتعلق بتنقيح القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 مؤرخ في 7 أوت 2015 يتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال، مع توصية بتصنيفه ضمن مشاريع القوانين ذات الأولوية اعتبارا لأهمية التنقيحات المقترحة والتزاما بالمعايير الدولية في مجال مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال.. ويأتي مشروع القانون لتجاوز نقائص قانون أوت 2015 مقترحا تعديلات شملت عدة فصول من القانون الحالي بعد مرور سنتين ونصف تقريبا على صدوره. وذلك نتيجة بروز إشكاليات تطبيقية وصعوبات عملية على مستوى الأحكام المتعلقة بمكافحة الإرهاب وعلى مستوى منع غسل الأموال. وقصور العديد من أحكامه على تحقيق الامتثال التام للمنظومة القانونية التونسية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. فضلا عن استناد المنظمات الدولية والهياكل الأممية والاتحاد الأوربي وغيرها على نقائص القانون وقصوره ضمن نقائص أخرى في تصنيف تونس ضمن قائمات سوداء لعل أهمها القائمة السوداء للدول الأكثر عرضة لمخاطر تمويل الإرهاب.. ووفقا لوثيقة شرح الأسباب المصاحبة لمشروع القانون، فإن تنقيح قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال جاء تنفيذا لتوصيات المجلس الوزاري ليوم 3 نوفمبر 2017 المتعلق بخطة عمل لتفادي نقائص المنظومة التونسية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فضلا عن إدراج تعديلات ضرورية لتدارك الهنات والنقائص التي افرزها التطبيق القضائي خاصة أن اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب سبق أن تقدمت بمقترح تعديل للفصل 67 من القانون المذكور. تتمثل أهم محاور التنقيح وفقا لمشروع القانون الذي تحصلت "الصباح" على نسخة منه في إرساء الإطار القانوني والمؤسساتي والإجراءات اللازمة لتطبيق قرارات مجلس الأمن المتعلقة بمنع تمويل انتشار التسلح وإرساء آلية لتنفيذ قرارات مجلس الأمن المتعلقة بمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل وتمويله خاصة ان النص المحدث للجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب أسند لها صلاحية متابعة تنفيذ القرارات ذات الصلة بتمويل الإرهاب دون التنصيص صراحة على القرارات الأممية المتصلة بمنع أسلحة الدمار الشامل وتمويلها. وشمل مشروع القانون تعديلات أخرى تتماشي مع ما يعرف ب"التوصيات الأربعين" المتعلقة بالمعايير الدولية لمنع غسل الأموال ومكافحة الإرهاب، منها مراجعة الباب المتعلق بطرق التحري الخاصة بسحبه على جرائم غسل الأموال والجرائم الأصلية المتأتية منها، وسحب عديد الأحكام الواردة بالقسم المتعلق بمكافحة الإرهاب وزجره على جرائم غسل الأموال والجرائم المتأتية منها مثل آجال الاحتفاظ وكيفية التمديد فيها المنصوص عليها بالفصل 39 والفقرة الرابعة من الفصل 41 من القانون. وتضمن مشروع التنقيح تعريفا لعدة مصطلحات منها تعريف مصطلح "إرهابي" و"تنظيم إرهابي" ضمانا للتناسق بين مختلف فصول القانون عدد 26 لسنة 2015 الذي استعمل في عدة مواضع مصطلح " تنظيم إرهابي" دون تعريفه والاكتفاء بتعريف مصطلح "تنظيم"، إضافة إلى إدراج تعريفات جديدة تتعلق بالمستفيد الحقيقي والترتيب القانوني والذات المعنوية والأدوات القابلة للتداول لحاملها تماشيا مع ما تضمنته المعايير الدولية في هذا المجال. تعزيز صلاحيات لجنة مكافحة الإرهاب وشمل التعديل بعض الأحكام التي من شأنها تجاوز نقائص القانون الحالي ومنها مراجعة الفصل 67 المتعلق بتركيبة اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، ومراجعة الفصل 68 المتعلق بصلاحية اللجنة لتجاوز الصعوبات الحالية في طرق عملها بتخويلها إمكانية إحداث لجان فرعية ضمانا للسرعة والنجاعة في اتخاذ قرارات التجميد في تناسق مع الصلاحيات المسندة لها بموجب أمر حكومي عدد 1 لسنة 2018 المتعلق بضبط إجراءات بتنفيذ القرارات الصادرة عن الهياكل الأممية المختصة المرتبطة بمنع تمويل الإرهاب. كما تم التنصيص على قضاء الأطفال ضمن تركيبة القطب القضائي لمكافحة الإرهاب وذلك لتدارك النقص الحاصل حاليا في الفصل 40 من القانون عدد 26 لسنة 2015. وأخذ مشروع القانون بعين الاعتبار النصوص القانونية التي صدرت بعد أوت 2015 والتي لها تأثير مفهوم مباشر على المفاهيم والمصطلحات بالمعتمدة بالقانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 ومنها خاصة القانون الأساسي المتعلق بالبنك المركزي التونسي، والقانون الأساسي المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية، والقانون الأساسي المتعلق بالقطب الاقتصادي والمالي والقضائي فضلا عن الأمر الحكومي عدد 1366 لسنة 2017 الصادر في 25 ديسمبر 2017 المتعلق بتحديد السقف الأدنى للضمان البنكي المستوجب وشروط الترشح لممارسة نشاط الصرف اليدوي عن طريق فتح مكتب صرف. التزام بالمعايير الدولية ومن أهم التعديلات التي جاء بها مشروع القانون في مجال مكافحة جرائم غسل الأموال توسيع نطاق التجريم بحذف سقف العقوبات المنصوص عليها بالفصل 92 من قانون 2015 الذي يشترط في الجريمة الأصلية أن تكون "جنحة تستوجب العقوبة بالسجن لمدة ثلاث سنوات أو أكثر". ويقترح مشروع القانون تمكين القاضي من تطبيق الفصل 53 من المجلة الجزائية بالفصل 10 من القانون عدد 26 لسنة 2015 على اعتبار أن المعايير الدولية على غرار اتفاقية الجريمة المنظمة العابرة للحدود، تؤكد على ضرورة الاكتفاء بتسليط عقوبات متناسبة مع خطورة الجرائم الإرهابية دون مساس بحقوق المتهمين في محاكمة عادلة وفي إعادة التأهيل والاندماج. يذكر أن تونس حلت في المرتبة 59 عالميًا في مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب من ضمن 146 دولة حسب مؤشر "بازل 3" لسنة 2017، الخاص بمكافحة غسيل الأموال ومخاطر تمويل الإرهاب. ويصدر التقرير سنويًا ويحظى برصد دقيق من مجموعة الدول الثماني الصناعية ومجموعة ال20 إلى جانب الدول والبنوك المركزية حول العالم والمؤسسات المالية الدولية، ويعتبر أرفع تقرير في العالم لرصد الجرائم المالية حول العالم ومدى تهديدها للأمن والسلم العالميين من فعل تجارة المخدرات والدعارة والسلاح والرشوة وبيع الأسلحة والفساد المالي وتجارة الأسلحة النووية والكيماوية. رفيق