مٌراوحة بين الماضي والمستقبل.. مستقبل من خلال إمكانية انجاز قمر صناعي تونسي وماض يعبق بتاريخ عسكري مجيد أين تحفظ الذاكرة بامتياز تراث ثري وزاخر بالأحداث . ذلك هو العنوان الأبرز للزيارة الميدانية التي نظمتها وزارة الدفاع الوطني الأربعاء الماضي لفائدة ممثلي مختلف وسائل الإعلام إلى المركز الوطني لرسم الخرائط والاستشعار عن بعد بالعوينة فضلا عن المتحف العسكري الوطني «قصر الوردة» بمنوبة . الانطلاقة كانت إلى المركز الوطني لرسم الخرائط والاستشعار عن بعد حيث استهل اللقاء بتقديم عرض فيديو لشرح ابرز المهام الموكولة لهذا المركز. وتتمثل ابرز هذه المهام في تركيز العلامات الحدودية البرية للبلاد التونسية فضلا عن رسم الخرائط والاستشعار عن بعد إلى جانب رسم الخرائط والتصوير الجوي. ومن المهام الموكولة للمركز أيضا مراقبة جودة الأشغال المنجزة لفائدة المؤسسات العمومية في مجالات تخصص المركز علاوة على الإشراف على تنظيم قطاع الجغرفة الرقمية وتمثيل تونس لدى المنظمات الدولية المختصة في مجال الجغرفة الرقميّة هذا إلى جانب رسم الخرائط وطباعتها وبيعها للعموم. من جهة أخرى وفي إطار الحديث عن المشاريع المستقبلية للمركز، أورد المدير العام للمركز الوطني لرسم الخرائط والاستشعار عن بعد العميد بالبحرية زهير الجندلي في تصريح للإعلاميين بأن المركز يتولّى حاليا القيام بدراسة -من خلال الانضمام إلى اللجنة الوطنية للفضاء الخارجي -حول إمكانية إنجاز قمر صناعي خاص بتونس، قصد مساعدتها في كافة المجالات وخاصة الاتصالات مشيرا في السياق ذاته الى أن الاستشعار عن بعد يتمثل في وضع نتائج تحليل الصور الفضائية التي تلتقطها الأقمار الاصطناعية على ذمة مؤسسات الدولة والخواص لاستغلالها في ميادين التنمية على غرار الفلاحة والتجهيز ومجابهة الكوارث الطبيعية والتخطيط لبناء المدن. المركز الوطني لرسم الخرائط والاستشعار عن بعد يٌمثل فعلا قطبا هاما بالنظر لأهمية ودقّة المهام الموكولة إليه حيث يعمل في نطاق التعاون بين القطاعين العام والخاص على إحداث برمجية للتموقع الجغرافي بمعطيات خاصة على أن تدخل هذه البرمجية حيز العمل بداية من شهر جويلية 2018 وأن تكون متاحة على جميع الهواتف الجوالة بصفة مجانية وفقا لما أكده المدير العام للمركز الوطني لرسم الخرائط والاستشعار عن بعد. الجزء الثّاني من الزيارة خٌصّص للمتحف العسكري الوطني قصر الوردة. هذا القصر الذي يحفظ وبدقة كل مراحل التاريخ من خلال قطع شاهدة على العصر على أهم حقبات التاريخ العسكري. يعرض المتحف أسلحة قديمة ونماذج لمدرّعات ومدافع ثقيلة وطائرات وسفنا حربية إضافة للوحات زيتية تجسد قادة عسكريين تونسيين إلى جانب أحداث تاريخية .. ما أن يتجاوز الزائر المدخل الرئيسي للقصر، حتى يقف على عظمة المكان وعظمة الأحداث التي هي في انتظاره فضلا عن ضخامة وأهميّة الموروث التراثي للمتحف: حيث يبلغ العدد الجملي للقطع الأثرية التي يحتوي عليها متحف «قصر الوردة» 23 ألفا وتتعلق أساسا بأسلحة بيضاء وأسلحة نارية فضلا عن لوحات زيتية ودروع ومدافع وأسلحة ثقيلة . كما يمثل «قصر الوردة» امتدادا أيضا لمختلف العهود التي مرت على بلادنا: فمن العهد القرطاجي والروماني وغيرها من الحضارات التي تعاقبت على بلادنا مرورا بالمقاومة المسلحة الى ان ينتهي المطاف الى ثورة 2011 والدور الريادي الذي لعبه الجيش الوطني «لتتجمّل» جدران القصر بلوحات توثق لحظات ومواقف خالدة لجيشنا الوطني . ليكون هذا المتحف فعلا «خلاصة تاريخ تونس العسكري وأهم المحطات التي عرفتها البلاد منذ أقدم العصور» وفقا لما أدلى به محافظ المتحف العسكري المقدم سمير الشام والذي تولى مصاحبتنا خلال هذه الزيارة موضحا في هذا السياق ان «قصر الوردة «هو المتحف المركزي للقوات المسلحة وهو امتداد لمتاحف جهوية أخرى على غرار المتاحف الموجودة في غار الدماء ومارث والسيجومي. يعتبر المتحف العسكري الوطني من أجمل القصور التاريخية ومن أفخم التٌحف المعمارية التي بٌنيت خلال فترة حكم الباي حمودة باشا الحسيني والتي تعكس أهم محطات التاريخ العسكري لبلادنا من خلال صور تٌخلد ملاحم على غرار المجسم الذي يحتويه القصر لمعركة بحيرة ترازيمان (سنة 217 قبل الميلاد) أين وقّع القائد القرطاجني حنبعل على ملحمة هزم الرومان مرورا إلى القاعة الشرفية للقصر التي خصصت لتخليد ملامح المقاومة الوطنية من أجل التحرير عبر مختلف مراحلها والتي تحفظ الرشاش الذي استعمله المقاوم مصباح الجربوعي. هنا كل ركن وكل قاعة في «قصر الوردة» يروي تاريخا زاخرا من الأحداث التي عاشتها بلادنا هنا تتوقف عجلة الزمن أمام حقبات تاريخية هامة وملاحم نضالية مجيدة .