أكّد النائب ورئيس كتلة الولاء للوطن رياض جعيدان في حوار مع «الصباح الأسبوعي» أنّ الكتلة الجديدة ستعمل على تغيير صورة المجلس لدى التونسيين. واعتبر جعيدان أنّ أغلب القرارات والمهام الرقابية لا تُتخذ في رواق المجلس وإنما في مقرات الأحزاب. وأشار رئيس الكتلة الجديدة إلى أنّ مجلة الجماعات المحلية في ثوبها الحالي وبالصياغة الحالية لا يمكن وصفها إلا بمجلة تعيسة وأعتبرها تهديدا لوحدة الدولة وخاصة لمصلحة تونس على المستويين المتوسط والبعيد... وفي ما يلي نصّ الحوار ● ما الإضافة التي ستُقدّمها كتلة الولاء للوطن الجديدة إلى المشهد النيابي؟ - تمّ تكوين هذه الكتلة بعد عمليّة تقييم للعمل البرلماني خلال الأربع سنوات الماضية، فلاحظنا العديد من الإخلالات منها خاصة حياد النائب عن اليمين الدستورية، فأغلبهم أصبحوا نوابا للأحزاب لا للشعب والوطن. وهذا ما أثّر على صورة المجلس لدى التونسيين والذي كان من المفترض أن يُدافع عن مصالحه وهمومه وإصلاح الوضع الاقتصادي والاجتماعي، لا أن يتحوّل إلى مكان لتجسيد المحاصصات الحزبية الضيقة. وكانت أغلب القرارات والمهام الرقابية لا تُتخذ في رواق المجلس وإنما في مقرات الأحزاب، وأصبح مجلسا لتمرير مشاريع قوانين الحكومة ولم يعد مجلسا منتجا يُقدّم مقترحات. لذلك سنسعى إلى اثراء العمل النيابي وتغيير صورته لدى التونسيين بعد أن حاد عن مهامه. ● كيف ستُغيّر كتلة صغيرة وحديثة النشأة مشهدا نيابيا محسوما بين كتلتي النهضة والنداء؟ - نحن لم نقل سُنغيّر كلّ شيء في لمح البصر، فاليوم الكتلة صغيرة ومتكونة من عشرة نواب، ولكن الآن هناك عديد طلبات الانضمام إلينا، وقد يكبر حجم هذه الكتلة في الأيام القادمة. ولكن المسألة ليست مسألة عدد، فحتى كتلة صغيرة قادرة على أن تكون مؤثرة وذلك إذا كانت قادرة على إقناع الرأي العام. ● عن أي إقناع تتحدّث؟ الشارع التونسي لم يعُد يتحرّك ويقتنع لا بكلام النواب ولا السياسيين.. - الشارع فقد الثقة في هذا المجلس لما يُشاهده من مشهد سلبي وما يطلبه هو أن يكون النائب نائب شعب لا حزب أو قطاع بعينه، فإذا توجهنا من جديد إلى التونسيين وأخبرناهم أننا سنحاول إعادة العمل النيابي إلى مساره الطبيعي وتجديد هذه المؤسسة فالمؤكد أنه سيكون هناك تفاعل خاصة وأن العديد من النواب عرفوا بثباتهم على مبادئهم وعرفوا بمواقفهم المتصلبة والصائبة.. ● عفوا.. كيف ستقنعون شعبا يعلم أنّ ما يجري في المجلس أقوى وأكبر وأخطر مما تتحدث عنه؟ - لا، نحن تبادلنا الرأي في هذه المسألة وقلنا إنه لا يجب أن نفقد الأمل وأن نقول أن اللعبة قد انتهت وحُسمت و..و..و ... ● كيف ذلك ونتائج سبر الآراء أبرزت كمّ الإحباط لدى التونسيين وعدم ثقتهم في النخبة السياسية والأحزاب والبرلمان؟ - أنا لا أؤمن بسبر آراء في غياب قانون يُنظّم هذه العملية... ● عفوا الشارع خير برهان على ذلك وحتى دون نتائج سبر آراء؟؟ - نحن ننزل إلى الشارع ،على عكس بقية النواب، ونستمع إلى نبضه ولا إلى نتائج سبر الآراء.. يجب أن نتفق على مبدإ ضرورة تغليب مصلحة الوطن والشعب فالمشكل لدى السياسيين هو تفكيرهم بمنطق الربح والخسارة.. ● هذه مجرّد شعارات..فمع من ستتوافق الكتلة الجديدة لتغيير ما تطمح إليه؟ - نحن ليس لدينا مشكل مع أي كان، ووجهنا الدعوة إلى كافة الكتل والنواب لتقاسم هذه الرغبة بما أننا وصلنا إلى نفق مسدود..ومن لا يرغب في ذلك وفي التغيير ستكون نتائج الانتخابات البلدية بمثابة الردّ عليهم ...وأنا أتوقع مفاجآت في هذا السياق.. ● أين ستكون المفاجآت؟؟ أغلب مراقبي المشهد العام عبروا عن تخوفهم من إعادة المشهد النيابي إلى المشهد البلدي؟ - ردود فعل الشعب التونسي في السنوات الأخيرة كانت دائما غير متوقعة، وأرى أن هذه الانتخابات ذات طابع محلي وبالتالي ستكون النتائج مفاجئة وتعطي الأولوية لأشخاص سيخدمون مصلحة المنطقة..والمشهد السياسي سيتغير بعد هذه الانتخابات على ضوء الحلول التي ستقترحها السلطة التنفذية خلال الأسابيع القادمة والتي ستكون حاسمة في تونس لأن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي نمرّ بها لم تعد تحتمل... ● فيم تتمثل هذه الحلول الحاسمة من قبل السلطة التنفيذية والتي ستُغيّر المشهد السياسي في الأسابيع القادمة؟؟ - (لا اجابة عن المقترحات والحلول..) العديد من المفاجآت ستحدث في الانتخابات البلدية ..الشعب التونسي لا يمكن أن يلدغ مرة أخرى مثل ما حدث في الانتخابات التشريعية..فالأحزاب التي اعتمدت أسلوب الكاستينغ في آخر دقيقة لتقديم ترشحاتها لا أتوقع لها النجاح .. ● هذا معلوم لدى الجميع..لكن ما هي هذه الحلول التي ستتقدم بها الحكومة والتي ستغيّر المشهد السياسي وتحدثت عنها؟ - اليوم إن الحكومة بعد انتهاء الانتخابات البلدية ليست لديها حلول على المدى القصير وعاجلة لإنقاذ الاقتصاد الوطني فلن يقبل أي طرف إقراضنا، فالجهة الوحيدة الباقية هي صندوق النقد الدولي الذي كان في تونس منذ أيام ورفض في الأول مبدأ صرف القسط الثالث واعتبر أنّ تونس لم تلتزم بأي اصلاح تمّ الاتفاق عليه. واليوم استثنائيا وافق على صرف جزء من القسط المتبقي مع فرض اجراءات عديدة بصفة عاجلة والتي انطلقت بالترفيع في سعر المحروقات... ● ماهي الحلول الممكنة على المدى القصير في مثل هذا الوضع؟ - أولا، من غير المعقول أن يشتغل رئيس حكومة مع فريق عمل متكون من أكثر من أربعين عضوا لا لشيء إلا ارضاء لأطراف واقتسام الكراسي والمواقع من ذلك مثلا كتابة الدولة للديبلوماسية الاقتصادية التي لم أفهم ما الغاية من إحداثها والحال أنّ لدينا وزارة التعاون الدولي والاستثمار الخارجي ووزارة الخارجية، وهذا خطأ من رئيس الحكومة الذي خضع لضغوطات بعض الأطراف لتعيين نائب جديد في المجلس وخسرنا الكثير من المال العام في انتخابات لا معنى لها والأهمّ من ذلك أنّ لا أحد تحمّل مسؤوليته في هذا الملف. فالمطوب بالتالي فريق عمل حكومي مصغر يضمّ اثني عشر شخصا وكلّ وزير يشتغل على ملفات ومجالات كبرى حتى نتمكن من إنقاذ ما يمكن إنقاذه والكفّ عن تحميل المعارضة هذا الفشل وخلق نقاشات بيزنطية بين طرف وآخر. ● هل ستكون كتلة الولاء للوطن في صف المعارضة؟ - لا، كتلتنا ليست كتلة مساندة للحكومة أو معارضة لها ،بل كتلة مساندة لمصلحة الوطن العليا وللشعب، أي نريد أولا تغيير المشهد البرلماني فمن غير المعقول أن يتواصل الوضع بنفس الوتيرة ويبقى مجلس نواب الشعب مجلس أحزاب لا مجلس شعب. ● هل تتوقع اتمام المصادقة على مجلة الجماعات المحليّة قبل يوم 14 أفريل؟ - في حقيقة الأمر المجلة في ثوبها الحالي وبالصياغة الحالية لا يمكن وصفها إلا بمجلة تعيسة وأعتبرها تهديدا لوحدة الدولة وخاصة لمصلحة تونس على المستويين المتوسط والبعيد. ● لماذا؟ - لأن مجلة الجماعات المحلية الحالية بُنيت على تصورات وأفكار لا تتماشى البتة مع واقعنا السوسيولوجي والاقتصادي والاجتماعي، فتمّ وضع التصور وفق مسار دولة تمرّ بانتقال ديمقراطي وتمّ الاستئناس بالتجربة الاسبانية وهو ما لا يتماشى مع الواقع التونسي وتطبيق الديمقراطية المحلية. وسيكون من الخطر على تونس أن تكون فيها أقاليم ويتمّ تقسيمها وكان من الأجدر العمل عليها وصياغتها من قبل خبراء تونسيين فقط ودون النظر إلى تجارب المقارنة لخصوصية المجتمع التونسي ولنا تاريخ في اللامركزية وكان من الأفضل العمل على تطوير الموجود وإعطائه المزيد من الديمقراطية على المستوى المحلي قبل إقرار مبدإ التدبر الحرّ. ومشكلة تونس ليست الديمقراطية وإنما الفساد وكان من الأولى معالجة هذه الآفة من المحلي إلى المركزي. ● ألا تعتبر الخطوات التي قطعت في هذا السياق إيجابية؟ بقيت ،مجرد شعارات ،القرارات المعلنة، فلم نقاوم الفساد بفاعلية والغاية كانت الضوضاء الإعلامية ولم نر أشياء ملموسة. ..أضف إلى ذلك حكومة تتضمن 42 عضوا أغلبهم عيّنوا تحت ضغط أحزاب وأشخاص فهي من أساسها حكومة ينخرها الفساد. فالعديد من الأشخاص فُرضوا في التعيينات من آخرين معينين يسيرون الحكومة من خارج القصبة..وبالتالي لا يمكن الانتقال من مرحلة الانتقال الديمقراطي إلى مرحلة تكريسه. ● كيف تُقيّم اجتماع مكتب مجلس النواب مع رئيس الحكومة؟ التنسيق كان بصفة متأخرة جدا، وكنت أودّ احترام النظام الداخلي والالتزام باللقاء الدوري مع المجلس وأن يجتمع بنواب الشعب ويُقدّم تقريرا يتضمن نتائج ما أعلن عنه في خطابه وتقديم أولويات الحكومة على المدى القصير لإنقاذ الوضع. فكانت اللغة خشبية وخطاب مجاملات، خالية من أية حلول نأملها وكنا نودّ الاستماع إليها.