اهدى ملتقى «شعراء العالم» بسانتياغو بالشّيلي غرب امريكا الجنوبية دورته القادمة وعددها 14 التي تلتئم تحت شعار «في اقتفاء أثر الشّاعر».. من 17 أكتوبر إلى 28 منه 2018 إلى الشّاعر التونسي يوسف رزوقة واختارته ضيف شرف الدورة وستسعى الى ترجمة ديوان له باللغة الاسبانية اللغة الرسمية للشيلي الى جانب الانقليزية وستنشره له دار أبوستروف، لأنه لعب دورا أساسيّا في بناء حركة «شعراء العالم» وإشعاعها عبر العالم وهو نائب رئيسها واحد اعضائها الناشطين. «الصباح» التقته بالمناسبة وسألته: *كيف تقرأ هذا التكريم وفي أي اطار تنزله انت الشاعر التونسي الناطق باللغة العربية الصعبة في تركيبها الصوتي والدلالي والسياقي والبلاغي؟ -أرى ان هذا التكريم يتنزل في إطار العرفان لي بالجميل كعرفاني أنا لهذه الحركة بالجميل، يكفي أنّها فتحت لي نوافذ على نظرائي الشعراء على امتداد الكرة الأرضية وجعلتني في حراك دائم وعلى احتكاك بثقافات العالم. هو ضرب من الاعتراف بالشّاعر فيّ وبدوره في النّضال ضمن حركة شعريّة لافتة وهو إيعاز لي بمزيد موقعة الشعر التونسيّ والعربيّ على حدّ السواء هناك. *»حركة شعراء العالم» اسم كبير فهل ان اشعاعها وأفضالها على الشعر معادل لحجم اسمها؟ -انبعثت»حركة شعراء العالم» سنة 2005 بأمريكا اللاّتينيّة، متّخذة من سانتياغو مقرّا لها، بمبادرة من أمينها العام الشّاعر الشّيلي لويس أرياس مانسو، وقد أمكن لها أن تجمع شمل العائلة الشّعريّة، الموسّعة بانفتاحها على القارّات الخمس ليدرج من ثمّة عبر أقسام بوّابتها النّاطقة بلغات شتّى حوالي عشرة آلاف شاعر من ضمنهم حوالي ألفي شاعر يمثّلون 22 دولة عربيّة ساهمت أنا، كنائب لرئيس الحركة، في إدراجهم على امتداد سنوات في موقع «شعراء العالم». *هذه التكريمات والجوائز العالمية والوعود بترجمة الاثر تدفعنا للحديث عن واقع حركة ترجمة الشعر من والى اللغة العربية؟ هل هذا الواقع راكد ام متحرك؟ -عندنا، هي حركة بالكاد موجودة قياسا بحراك الشعر العالميّ المترجم.. في موسكو وفي عواصم أخرى، الفعل التّرجميّ فعل يوميّ لا تخطئه العين.. وهنا شيء آخر. كيف يقف أدبنا التونسيّ على مشارف العالمية؟ لا سبيل إلى ذلك إلاّ بمعجزة المبدع نفسه متى عوّل على تسويق وجهه وأدبه. *ولكن ألا يستفيد الشعر من كل هذه التظاهرات والملتقيات الوطنية والعربية والدولية؟ - الشّعر تفسده الملتقيات، وعلى الشّاعر إن كان شاعرا حقّا أن ينأى بإبداعه عن جمهور هذه الملتقيات حتّى لا يتنمّط إبداعه هذا فيروج لينتهي كما لدى «فلاسفة الفايسبوك».. الّذين أبدع عالم السيمياء الإيطاليّ أمبرتو إيكو في وصفهم. *الشاعر يوسف رزوقة اسم متداول تونسيا وعربيا وحتى عالميا في المشهد الشعري فهل اثر هذا التداول على علاقاتك بالشعراء في تونس من ناحية انتاجك الشعريّ ومن ناحية العلاقات الإنسانية؟ - هي علاقة لا إطار لها.. تشظّت القيم وسادت بتشظّيها «الدّستوبيا› أي أدب المدينة الفاسدة.. ما ينتجه الواحد منّا شعرا أو نثرا، مآله اللاّمبالاة حتّى من أهله أعني المبدعين أنفسهم.. مع الهجمة الافتراضيّة وفساد كلّ شيء وتنامي شهوة التّشويه: إبحارا واستسهالا وإحساسا ولو وهما بسلطة مكتسبة لإلحاق الأذى بالجمال، لم تعد حتّى النّخبة نخبة ولا الشّاعر شاعرا ولا الحكيم حكيما. الكراهيّة أو العدائيّة المتبادلة باتت للأسف هي المهيمنة.. أتساءل أحيانا: أيعقل أن يحقد شاعر مثلا، وهو النّاطق باسم الجمال والسّموّ ونحوهما، على نظيره الّذي قد يكون حقّق نجاحا ما؟ ألا يخشى في ذلك لومة مرآته الفاضحة فيبدو أمامها ضئيلا وهو المثقّف الّذي من المفروض أن يتدرّب كثيرا، أخذا وعطاء، كي يكون كبيرا أمام نفسه وإزاء الآخرين؟ *لأي جنس أدبي ترتاح أكثر للرواية أم للشعر؟ -ألقى ذاتي في كليهما.. فالشعر يظلّ ترجمان الحالة والمرآة العاكسة لإحساس ما بينما الرواية بناء تسوّغه الآلة؛ آلة السّرد بما تنطوي عليه من ميكانيزمات معقّدة كالحبكة وحيوات الشخوص والصّراع بين القيم. *من من الشعراء التونسيين كتبوا عن تجربتك الشعرية وهل هناك من صنفك واعترف لك بجودة الشعر من الشعراء التونسيين طبعا أما العرب فقد لمسنا الاحترام في أيام قرطاج الشعرية؟ -أعتبر نفسي محظوظا في هذا السّياق لاهتمام نظرائي من شعراء المرحلة أو نقّادها بمدوّنتي الشّعريّة.. يفيض المجال هنا عن ذكرهم.. فقد كتبوا ما كتبوا وثمّنوا مشروعي الشّعريّ بمؤلفات فاقت العشرين كتابا فضلا عن المقالات النقدية المنشورة في المجلات وفي الصّحف ولم يصنّفني أيّ من نظرائي سواء أكانوا تونسيين، عربا أو أجانب إلاّ بما أعرفه أنا عن تجربتي الشّعريّة وهو تصنيف ينتصر لي في نهجي الإبداعيّ المتّبع منذ أربعين سنة تقريبا والمبنيّ على تقنيّة العدول وما إليها. أمّا اعترافهم لي من عدمه بجودة ما أكتب فلا أنتظر اعترافا لا منهم ولا من نقّاد إن وجدوا طبعا.. فالشاعر إن كان معتدّا بتجربته ومتقنا لقانون اللعبة، أقولها بكلّ تواضع، لا يعنيه إلاّ اعترافه هو نفسه لنفسه بقيمة نفسه وبطموح مشروعه.. وهذا تحدّ دائم ورهان منه كي لا يصدأ فيموت.