في جلسة عامة سادها التشنج ناقش مجلس نواب الشعب أمس بقصر باردو مشروع قانون يتعلق بغلق ميزانية الدولة لسنة 2013 وصادق عليه مكرها خوفا من امكانية تصنيف تونس في قائمة سوداء أخرى. وكانت لجنة المالية والتخطيط والتنمية احتفظت على هذا المشروع وذلك بعد الاطلاع على ما جاء في تقرير دائرة المحاسبات من معطيات مفادها أنه تم الترخيص في اجراء تحويل بمبلغ ألف مليار من الرصيد المتبقي لدى البنك المركزي التونسي بعنوان التفويت في قسط من رأس مال شركة اتصالات تونس لفائدة موارد ميزانية الدولة في العنوان الاول وهذا الترخيص لا يتماشى مع احكام القانون الاساسي للميزانية. ويساوي المبلغ المتبقي من عملية فتح راس مال شركة اتصالات تونس 873 مليارا و41 الف دينار غير ان حساب سنة 2013 والوثائق المصاحبة له لا تتضمن مبالغ بهذا العنوان، وهو ما يتعارض حسب ما ذهبت اليه دائرة المحاسبات مع مقتضيات الشفافية ومبادئ الميزانية. خلال نقاش مشروع القانون ندد عدد من النواب بالإخلال الذي ارتكبته حكومة «الترويكا» في ميزانية سنة 2013، وبينوا ان الأمر لا يقتصر على المبلغ المتبقي من عائدات التفويت في شركة اتصالات تونس بل هناك انتدابات حصلت دون سند قانوني، في حين قلل نواب النهضة من قيمة هذا الاخلال وقالوا ان الاشكال هو مجرد اشكال محاسبي وبينوا ان قضاة دائرة المحاسبات أنفسهم أكدوا خلال الجلسة التي جمعتهم بلجنة المالية ان الامر لا يتعلق بغياب مبلغ مالي او باختلاسه لان المبلغ تم ادراجه في ميزانية الدولة وانما هناك اشكال محاسبي لا غير. تصنيف تونس جميلة الكسيكسي النائبة عن النهضة بينت ان المصادقة على قوانين ختم الميزانية تكتسي اهمية كبرى لأنها تتعلق بالترقيم السيادي لتونس وأضافت أنه كلما تم التأخير في المصادقة يقع تهديد تونس بإخراجها من شبكة الحكومة المفتوحة وهذا يؤثر على ترقيمها السيادي وبينت ان الملاحظات التي رفعتها دائرة المحاسبات بخصوص ميزانية 2013 تتعلق بتبويب الميزانية وأن الدائرة نفسها اكدت انه لا وجود لاختلاس مبلغ مالي. وفي المقابل فسرت فاطمة المسدي النائبة عن نداء تونس ان لجنة المالية عندما قررت الاحتفاظ على مشروع غلق ميزانية الدولة لسنة 2013 فهي تؤكد كل ما قيل سابقا حول التجاوزات التي حصلت زمن «الترويكا». وبينت ان قضاة دائرة المحاسبات قالوا ان صفقة مستشفى الامراض السرطانية بجندوبة مشبوهة وتساءلت ما الذنب الذي ارتكبه ابناء جندوبة حتى يحصل لهم كل هذا، وأضافت المسدي أن دائرة المحاسبات كشفت اخلالات بالجملة ارتكبتها حكومة «الترويكا» منها عدم الافصاح عن معلومات تتعلق بالميزانية وعدم الافصاح عن المعطيات التي تتعلق بالانتدابات لان الانتدابات التي حصلت في عهد «الترويكا» كانت بالجملة اذ تم انتداب المتمتعين بالعفو التشريعي العام كما توجد تجاوزات بالجملة في علاقة بشركة اتصالات تونس وباختفاء مبلغ مالي تتجاوز قيمته 800 مليار وقالت انها غير مسؤولة عما حدث في عهد «الترويكا» ولا يمكن اخفاء ما حصل من فساد. وعبر النائب عن النهضة محمد بن سالم عن بهتته من كلام زميلته فاطمة المسدي حول مستشفى الامراض السرطانية بجندوبة ودعاها الى قراءة التقرير قبل اطلاق حقدها الايديولوجي.. وعند هذا الحد قاطعه رمزي خميس النائب عن نداء تونس وعن نفس جهته محتجا فرد عليه بن سالم بشيء من السخرية ودعاه الى عدم مقاطعته وقال ان البلاد لا يمكنها ان تتقدم بمثل تلك الخطابات وحذر من انه في صورة عدم الموافقة على القانون فان تونس ستوضع في قائمة سوداء اخرى تتعلق بالشفافية وبين ان هناك الكثير من النواب الذين لا تهمهم صورة تونس وعليهم ان يدركوا ان التصنيف السيء ان تم فسيسجل أنه حصل في عهدهم وأشار الى ان المعارضة احتفظت بصوتها عند عرض المشروع على التصويت صلب اللجنة وكان من المفروض ان يحصل التصويت عندما يكون النواب حاضرين لكن تم تقديم موعد التصويت عنوة وهو من الاعمال السياسوية المعهودة وغير المقبولة. فظاعات «الترويكا» منجي الرحوي النائب عن الجبهة الشعبية ورئيس لجنة المالية والتخطيط والتنمية فقال إنه سيكتفي بقراءة فقرات من تقرير دائرة المحاسبات في وزارة وحيدة وهي وزارة النقل التي قامت بانتدابات استثنائية لبعض المتمتعين بالعفو التشريعي العام وعائلات شهداء الثورة وجرحاها غير انه تم التواصل في صيغة الانتداب الى غاية جوان 2014 دون سند قانوني وتجاوز عدد الانتدابات 410 وبين ان وزير النقل انذاك هو عبد الكريم الهاروني رئيس مجلس شورى حركة النهضة وقال ان الهاروني عين رؤساء مديرين عامين على راس شركات نقل دون ان تكون لهم خبرة في مجال النقل.. كما تم في عهده تمتيع عون التشريفات بسيارة ادارية رغم انه لا يعتبر موظفا عموميا. وقال الرحوي ان التوافق بين الحزبين اعطى صيغا لحصانات سياسية لكن ما حصل يتعلق بموارد الدولة، وهو عندما يردد ان هناك كوارث حصلت في عهد «الترويكا» في علاقة بالتعيينات والتصرف في موارد الدولة يلام عليه لكن هاهي دائرة المحاسبات تكشف الحقيقة. واضاف ردا على النائب عن النهضة محمد بن سالم الذي كان وزيرا للفلاحة في حكومة «الترويكا»، ان وزارة الفلاحة في عهد «الترويكا» لو يقع التدقيق فيها سيتم العثور على فظاعات. وأكد الرحوي ان التصويت في لجنة المالية وقع دون ضغط او مساومة وبين ان سوء التصرف موجب للمساءلة السياسية وفي كثير من الاحيان موجب للمساءلة القضائية. وبين النائب عن افاق تونس كريم الهلالي ان قانون ختم الميزانية يسمح لنواب الشعب بالاطلاع عن كيفية صرف ميزانية الدولة والتأكد هل ان الاعتمادات المرخص فيها صرفت على النحو الأمثل ام في غير موضعها. واضاف ان دائرة المحاسبات ليس لديها امكانيات مادية وبشرية كافية للمصادقة على الميزانية في الآجال واضاف انه لم يحصل اختلاس في علاقة بميزانية 2013 لكن هناك خطأ فظيع في التسيير لأنه عندما يتم التفويت في الف مليار موجودة في البنك المركزي كوديعة للأجيال القادمة ووضعها في ميزانية التسيير فهذا يعتبر خطأ في التسيير ويجب إشعال الضوء الأحمر. وبينت ألفة السكري النائبة المستقلة ان غلق الميزانية يتطلب احالة الموارد المخصصة للتنمية لهذا المجال لا لمجال اخر. وذكرت ان دائرة المحاسبات قالت في تقريرها ان هناك انتدابات استثنائية تمت في وزارة النقل انطلاقا من شهر جوان 2013 لكنها تواصلت الى غاية 2014 وكانت في حدود 410 انتداب وهو ما يتطلب الافصاح عن كلفة هذه الانتدابات. كما قالت دائرة المحاسبات انه لم يقع ادراج مبلغ 873 مليارا من عائدات شركة اتصالات تونس في ميزانية الدولة لسنة 2013 وقالت السكري انه يجب على الجميع تحمل مسؤوليتهم في ما حصل لان دولة القانون تتطلب الشفافية واحترام القانون. خطأ مادي تعقيبا على مداخلات النواب أكد وزير المالية رضا شلغوم ان الهيئات الرقابة اذا وجدت اخلالات ذات طابع جزائي فان دائرة المحاسبات مخول لها الاحالة الى دائرة الزجر المالي او على القضاء العدلي. وبالنسبة للاخلالات التي ترفعها دائرة المحاسبات في تقريرها حول ميزانية 2013 فهي ليست استثنائية لان الدائرة انجزت العديد من التقارير وهناك مسائل رفعتها الى القضاء. وقدم الوزير للنواب تفاصيل عن كيفية صرف العائدات المتأتية من فتح رأس مال شركة اتصالات تونس سنة الفين وستة وذلك بنسبة خمسة وثلاثين بالمائة سواء في تسديد القروض او تمويل ميزانية الدولة. وأقر الوزير بوجود تأخير في تقديم الميزانية لدائرة المحاسبات وبخصوص التصنيف فسر شلغوم ان تونس انضمت الى مبادرة شراكة الحوكمة المفتوحة ويجب عليها المصادقة على قوانين ختم الميزانيات المتبقية في اقرب وقت لأن عدم المصادقة له كلفة على الاقتراض وعلى ترقيم تونس كما ان عدم المصادقة على مشروع غلق أي ميزانية يمثل مشكلة بالنسبة لبقية الميزانيات. وبخصوص ما اثير من كلام حول وجود اخلالات بين ان هناك خطأ مادي تسرب على مستوى قانون المالية التكميلي لسنة 2013.