رغم افتقاره لتمثيلية برلمانية وجد حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي نفسه مشاركا في نقاشات ماراطونية حول وثيقة قرطاج 1 وصولا إلى وثيقة قرطاج 2 كما وجد نفسه جزءا من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة يوسف الشاهد من خلال تحمل حقيبة وزارة الفلاحة التي لا تعكس تاريخه السياسي والنضالي حسب بعض المحللين السياسيين. ونجح رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في ترويض حزب المسار للظفر بموافقته للمشاركة في الحكم حتى يتمكن من إضفاء روح الوحدة الوطنية على حكومة يوسف الشاهد حتى ولو كان ذلك على حساب غياب الدعم البرلماني باعتبار أن المسار الديمقراطي ليس له أي تمثيلية نيابية ستخدم الشاهد وفريقه الحكومي عند الحاجة. وكان لخيار المسار الديمقراطي الاجتماعي المتمثل في مساندة حكومة الوحدة الوطنية بدل مواجهتها والخروج عن صف المعارضة تداعيات في علاقة باليسار السياسي في تونس ممثلا في اكبر كتلة يسارية وهي الجبهة الشعبية إذ وصل الأمر حد تبادل الاتهامات مما دفع حزب المسار الى استنكار الحملات الموجهة ضد أمينه العام سمير الطيب واعتبارها اتهامات تجاوزت كل الحدود التي طالت المواقف التي دافع عنها باعتباره وريث حزب التجديد والحزب الشيوعي. شيئا فشيئا تغيرت المعطيات في المشهد السياسي وبدأت أوراق حكومة الوحدة الوطنية تتبعثر وتعالت الأصوات من داخل قيادات حزب المسار المنادية بمغادرة الحكومة والنسج على منوال أحزاب سبقتها وهم آفاق تونس والحزب الجمهوري. ولئن كانت مسألة البقاء أو المغادرة النقطة الخلافية الأبرز داخل حزب المسار إلا أن بعض المعلومات تفيد بان التحوير الوزاري العميق لن يشمل وزير الفلاحة سمير الطيب استجابة لرغبة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الذي يسعى للحفاظ على «فلسفة «الوحدة الوطنية. بين الدفاع والمواجهة وبدوره لم يخلف وزير المسار الديمقراطي الاجتماعي العهد وخرج ليصرح منذ أيام قليلة قائلا «ان حكومة يوسف الشاهد بدأت تحقق نتائج يمكن البناء عليها ومواصلتها» مشيرا إلى وجود درجات في تقييم فشل هذه الحكومة بين مكونات اجتماع قرطاج. الطيب دافع بكل شراسة عن حكومة الشاهد وتحرك في مختلف الاتجاهات، «جاهد» واستمات في محاولة الإقناع من اجل إعطاء فرصة جديدة لحكومة الوحدة الوطنية من خلال حواراته الصحفية على مدى الأيام الماضية. وفي الضفة الأخرى يخرج الجنيدي عبد الجواد القيادي في حزب المسار أمس ليصرح في أكثر من وسيلة إعلامية بان حضور سمير الطيب وزير الفلاحة والأمين العام للمسار في اجتماع اللجنة العليا المنعقد أمس لا يمثل الحزب وإنما يمثل الحكومة ورئيسها يوسف الشاهد مؤكدا أن الطيب قرر بمفرده المشاركة في الاجتماع وهو الذي تغيب عن اجتماع المجلس المركزي للحزب ويواصل الدفاع عن حكومة الشاهد. وأشار عبد الجواد إلى ان المكتب السياسي للحزب والمجلس المركزي كان قد فوض مسالة حضور الاجتماع لفوزي الشرفي كممثل للحزب معتبرا ان حزبه يرفض المحاصصة الحزبية ومنطق الغنيمة المسار الذي انزلقت فيه وثقية قرطاج 2 حسب تعبيره. هذه المتغيرات صلب المسار تطرح إمكانية تكرر سيناريو عاشه الحزب الجمهوري منذ فترة عندما طالب ممثله في الحكومة اياد الدهماني بالمغادرة لكنه رفض وخير الاستقالة رسميا من الحزب والانحياز للحكومة على حساب سنوات نضاله السياسي. واليوم بدوره سمير بالطيب يتمسك بمنصب وزير الفلاحة رغم الخلافات بينه وبين قيادات حز بالمسار الديمقراطي. وكان سمير بالطيب عضوا بحركة التجديد المنصهرة داخل القطب الديمقراطي الحداثي وتم ترشيحه إثر انتخابات 23 أكتوبر 2011 كنائب بالمجلس الوطني التأسيسي عن دائرة تونس . الطيب يمثل نفسه فقط.. يبدو ان لقاء الساعات الأخيرة الذي جمع نهاية الأسبوع المنقضي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي بوفد عن حزب المسار الديمقراطي، لمواصلة المشاورات حول النقطة الخلافية في وثيقة قرطاج والمتعلقة بتغيير رئيس الحكومة يوسف الشاهد من عدمه أفضت الى اجتماع المكتب السياسي للحزب أول أمس الأحد. وحول الموضوع، اكد جنيدي عبد الجواد القيادي بحزب المسار الديمقراطي في تصريح ل»الصباح» «ان حزبه غير معني بالحكومة وإذا أصر سمير الطيب على المحافظة على منصبه سيتحمل مسؤوليته وسيمثل نفسه وليس الحزب وفي حال تم التمسك مبروك عليهم».