صادق مجلس نواب الشعب مؤخرا على مشروع قانون جديد يتعلق بتنقيح وإتمام القانون عدد 31 لسنة 2015 المؤرخ في 21 أوت 2015 والمتعلق بتدعيم الأسس المالية للبنوك العمومية الثلاثة؛ بنك الإسكان والشركة التونسية للبنك والبنك الوطني الفلاحي .كان ذلك خلال جلسة عامة تحت قبة المجلس وبموافقة 84 نائبا واحتفاظ 10 نواب ورفض 6 آخرين. وينص القانون على أن مجلس الإدارة أو مجالس مراقبة البنوك تضبط سياسة استخلاص الديون والمصادقة عليها وتحديد اختصاص مختلف هياكل البنك المفوض لها البت في اتفاقيات الصلح والإجراءات الواجب إتباعها، وتقوم كذلك بضبط سياسات التحكيم والشروط التحكيمية وتصادق على اتفاقيات الصلح المتعلق بهذه الديون مع الحرفاء بخصوص التخلي الجزئي أو الكلي عن ديونها من حيث الفوائض التعاقدية وفوائد التأخير، ويستثنى من هذا الصلح القروض التي تم منحها دون ضمانات والتي كانت محل تتبعات قضائية بسبب شبهات فساد. 6.5 مليار دينار ومن المنتظر أن يضع اتفاق الصلح هذا، البنوك العمومية الثلاث ونظيرتها في القطاع الخاص على قدم المساواة في مجال المنافسة، ووصف هذا القانون برمته ب»الثوري» باعتباره يهدف إلى استرجاع الديون المتعثرة أو ما يعرف بالديون غير المصنفة وغير المستخلصة لدى البنوك العمومية الثلاثة. كما سيكون هذا القانون الأداة الجديدة والمهمة في يد المصارف لتحسين شروط التفاوض حول استرجاع الديون، والتي يعود جزء منها إلى أكثر من ثلاثة عقود مضت وناهزت قيمتها ال6.5 مليار دينار حسب ما أفاد به في تصريح إعلامي مؤخرا الوزير المستشار لدى رئيس الحكومة المكلف بالإصلاحات الكبرى توفيق الراجحي. ولطالما مثلت الديون المتعثرة عائقا كبيرا أمام هذه البنوك لتسجل من سنة إلى أخرى النقطة السلبية في قوائمها المالية، مما اضطر الحكومات المتعاقبة ما بعد الثورة في التفكير في عديد الحلول لإنقاذ هذه المؤسسات البنكية من بينها الخوصصة بعد أن استوفت جميع الحلول التي أطلقتها وكانت أهمها الإجراءات الحكومية قبل ثلاث سنوات والتي تتعلق بضخ 900 مليون دينار في البنوك الثلاثة بهدف خفض حجم الديون المتعثرة. كما سعت الدولة إلى إصلاح القطاع المصرفي وانطلقت في برنامج إعادة هيكلته تنفيذا لاتفاق مع صندوق النقد الدولي اشترط هذه الإجراءات التابعة لحزمة الإصلاحات القاسية التي فرضها مقابل برنامج تمويل بقيمة 2.9 مليار دولار على مدى أربع سنوات. منحى ايجابي وتمكنت هذه الإجراءات الحكومية إلى حد ما من السيطرة نسبيا على الصعوبات المالية التي تواجه هذه البنوك، حيث أظهرت البيانات المالية لهذه المؤسسات نموا ملحوظا لا سيما في السنتين الأخيرتين في قوائمها المالية حسب التقارير السنوية التي تنشرها، كان آخرها تقارير موفى سنة 2017 والتي بينت أن الشركة التونسية للبنك سجلت تحسنا ملحوظا مقارنة بمستوياتها في نهاية سنة 2016 بعد أن بلغ الناتج الصافي للبنك 390.2 مليون دينار ليسجل تحسنا ب80.6 مليون دينار، أي بزيادة تقدر ب 26 بالمائة. كما سجل البنك الوطني الفلاحي إلى غاية موفى 2017، ارتفاعا في الناتج البنكي الخام ليصل إلى 446 مليون دينار مقابل 379 مليون دينار سنة 2016 مسجلا بذلك ارتفاعا ب8.17 بالمائة. كذلك حقق بنك الإسكان نموا في الناتج البنكي الصافي بنسبة 15 بالمائة في الربع الأول من سنة 2018، ليمر من 109 ملايين دينار سنة 2017 إلى حدود ال 124.9 مليون دينار في نفس الفترة من سنة 2018. حسب البيانات المالية التي تم الإفصاح عنها مؤخرا. ومن المنتظر أن تواصل البنوك العمومية الثلاثة في المنحى الايجابي، كما من المتوقع أن تحقق قفزة نوعية في العديد من المؤشرات حسب الإحصائيات التي ستكشفها تقاريرها السنوية التي ستصدرها مع موفى السنة الجارية، وذلك بفضل تفعيل القانون الجديد والانطلاق رسميا في استخلاص ديونها المتعثرة والتي ستكون بموجب اتفاق الصلح الذي نص عليه القانون موزعة على مبالغ يتم تعبئتها سنويا على مدى ثلاث سنوات. ديون القطاع السياحي وتبقى أهم قيمة لهذه الديون تلك المتخلدة بذمة مؤسسات القطاع السياحي التي ستتأثر سلبا بمجرد صدور هذا القانون في الرائد الرسمي في الأيام القليلة القادمة ليكون ساري المفعول ويجبرها على استخلاص ما يناهز ال1700 مليون دينار؛ منها 78 بالمائة متعثر خلاصها أي ما يعادل ال 1250 مليون دينار، وتتحمل الشركة التونسية للبنك لوحدها من بين بقية البنوك 40 بالمائة من الديون السياحية على الصعيد الوطني.