في حديثه عن عمل وزارته من اجل النهوض بالعمل الثقافي في الجهات، قدم وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين بسطة عن تدخلات الوزارة، وبيّن نسب انجاز تلك التدخلات، وتتراوح بين التفكير او انطلاق الدراسة الأولية لخلق مقرات المؤسسات الثقافية المزمع بعثها او إعادة تأهيل إستراتيجية التنمية الثقافية لضمان حسن تثمين المخزون الجهوي أو التسريع في إجراءات تحديد العقار لانطلاق أشغال مشاريع إعادة البناء، وذلك بمناسبة انعقاد الجلسة العامة بمجلس نواب الشعب يوم 25 ماي 2018 لمناقشة تقرير لجنة التنمية الجهوية بخصوص زياراتها الميدانية إلى ولايات الجنوب الشرقي للبلاد. وتبين من خلال مداخلته امام اعضاء مجلس النواب الحرص الفعلي على دفع ودعم العمل الثقافي في ولايات تطاوين ومدنين وقابس لإثراء الحركية الثقافية في ربوعها لتكون رافدا من روافد التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وذكّر الوزير بالبرامج الوطنية للنهوض بالمجالات الابداعية مثل»مدن الفنون»و»مدن الآداب والحضارات»وبالتظاهرات ذات البعد الخصوصي التي تهدف الى اثراء الحياة الثقافية في هذه الجهات التي سبق لها وفي هذا الاطار ان انتفعت بالعروض الخاصة خلال التظاهرات الثقافية والدولية والوطنية الكبرى القديمة والمحدثة مؤخرا على غرار ايام قرطاج الشعرية وأيام قرطاج الكورغرافية وأيام قرطاج للفنون التشكيلية. ولكن يبقى هذا العمل وان كان مهما بالنسبة الى الجهات ولسكان المناطق البعيدة عن العاصمة منقوصا والنقص هنا مهم جدا وهو فضاءات العرض وفضاءات استقطاب السياح التونسيين والأجانب واستقبالهم ولعله من قبيل» الحصير قبل الجامع» او»دفعة على الحساب». لأننا نعرف ان اغلب الولايات لا تحتكم على فضاءات صالحة للعروض الثقافية وان خارطة المؤسسات الثقافية تفتقر الى التوازن في اغلب الجهات فان وعد وزير الشؤون الثقافية الدكتور محمد زين العابدين بمواصلة العمل على بلوغ نحو الف فضاء بهذه الجهات بين عام وخاص في أفق 2022/2023 مهم، ونحن نتمنى ان يكون الوزير على دراية تامة بمعنى هذه الوعود لان بناء وتجهيز فضاءات العرض و الفضاءات الخاصة بالاحداثات الثقافية الجديدة مثل المتاحف والمراكز والمعاهد وحده الكفيل بديمومة هذه الاحداثات الجديدة لان حل كراء فضاءات للمتاحف او لدور الثقافة وغيرها من المؤسسات الثقافية لا يعتبر من الحلول الجدية ولا يضمن التواصل والديمومة ومن الافضل حسب رأينا ان نبادر ببناء او تهيئة فضاءات خاصة بتلك الاحداثات حتى وان تأخر تدشينها فهي افضل من الكراء على كل حال. كما ان الحرص على اعادة تهيئة او تأسيس فضاءات ومؤسسات ثقافية جديدة في ولايات داخل الجمهورية لا يجب ان ينسينا التفكير وإعادة التفكير في المحتوى الثقافي والتراثي ومضمون التظاهرات بصفة عامة فما يصلح للعرض في العاصمة قد لا يصلح بالضرورة للعرض في المناطق الداخلية للبلاد لذا لا بد من التفكير الجدي في مزيد الارتقاء بالمضمون واكسائه بخصوصية القرب في تلك المناطق. ونحن هنا لا نقصد ان تنغلق الجهات على نفسها ثقافيا مراعاة لخصوصياتها الاجتماعية، بل نرى ان تساهم منح صندوق التشجيع على الابداع الادبي والفني مثلا في انتاج ابداعي يعرّف بالجهة ويخبّر عن راهنها ويستشرف مستقبلها ويعبّر عن آراء ورؤى سكانها مسرحا وسينما وأدبا ورسما وغيرها من الفنون حتى تكون هذه الجهات منتجا لثقافة صالحة للعرض في كل تونس وتكون بالفعل اقطابا لإنتاج الفعل الابداعي.