في الوقت الذي تنتظر فيه تونس إزاحتها من القائمة السوداء للدول الأكثر عرضة لمخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب بعد تصنيفها من قبل مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا « GAFI»، صنفت أمس الأول بلادنا مرة أخرى من قبل أكبر بورصة للعملات الرقمية أو المشفّرة في كوريا الجنوبية (بيثامب)، ضمن قائمة 11 دولة تم منع التعامل مع مواطنيها. وفي نفس اليوم كانت الوكالة العالمية للتصنيف الائتماني «فيتش رايتنغ»، قد أبقت على الترقيم السيادي لتونس على مستوى العملة الصعبة على المدى الطويل عند «ب إيجابي « مع تغيير الآفاق من مستقرة إلى سلبية، بعد اقل من ستة أشهر على التصنيف الأول الذي شمل بلادنا مع مطلع السنة الجارية وإدراجها ضمن القائمة السوداء للملاذات الضريبية من قبل الاتحاد الأوروبي. وتطرح هذه التصنيفات التي تواترت تباعا على بلادنا؛ القديمة منها والجديدة خلال النصف الأول من السنة الجارية العديد من المخاوف لاسيما أن لها تداعيات وخيمة على مفاصل الاقتصاد الوطني الذي يعاني من صعوبات كبيرة تتعلق بتوسع عجز الميزان التجاري وعجز الميزانية العمومية وارتفاع نسبة المديونية الخارجية. ومن أهم التداعيات التي ستنجر عن هذه التصنيفات، صعوبة خروج تونس للاقتراض من الأسواق المالية العالمية باعتبار أنها ستخرج هذه المرة دون ضمانات من أية دولة بعد أن استوفت كل فرص الضمانات مع موفى سنة 2017، وكان آخر ضمان من الولاياتالمتحدةالأمريكية وقبله قرضان من اليابان. وبين المحلل الاقتصادي والخبير في الاستثمار محمد الجراية في تصريح ل»الصباح» أن هذه التصنيفات ستصعب من عملية خروج تونس للاقتراض من رؤوس الأموال الخارجية والتي ستكون بكلفة باهضة جدا من حيث مستوى الفائض المرتفع، مضيفا أنها ستؤثر على أهم المحركات الاقتصادية وهو الاستثمار خاصة الاستثمار الخارجي باعتبار أن كل مستثمر ينوي تركيز مشروعه في بلادنا سيطلع قبل أن يتخذ القرار على كل التقارير المتعلقة بالتصنيفات التي شملت بلادنا. كما أشار الجراية إلى أن تراجع الاستثمار الخارجي من شانه أن يخلق مزيدا من الترقب وخاصة تأجيل كل الوعود التي تم الاتفاق فيها في الندوة الدولية للاستثمار»تونس 2020»، مبينا أن كل التصنيفات السلبية التي طالت بلادنا ستكون لها تداعيات وخيمة على صورة تونس في الخارج وخاصة لدى المؤسسات المالية المانحة على غرار صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية. وحول التصنيفين الجديدين اللذين شملا بلادنا أمس الأول، سيتم حسب اكبر بورصة للعملات الرقمية أو المشفّرة في كوريا الجنوبية (بيثامب) منع التعامل مع مواطني11 دولة شملهم التصنيف، من بينهم كوريا الشمالية، تونس والبوسنة والهرسك وترينيداد وتوباغو وفانواتو واليمن، كما سيصبح بمقتضى هذا التصنيف المتعاملون الجدد من هذه الدول غير قادرين على التعامل مع هذه المنصة مع تعليق الحسابات القديمة لها بداية من يوم21 جوان القادم. ويعود هذا التصنيف حسب المؤسسة المالية إلى أن هذه الدول لم تتخذ التدابير المطابقة للمواصفات الدولية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وغير ذلك من الأخطار التي تهدد النظام المالي الدولي. أما في ما يخص التصنيف الثاني الصادر عن الوكالة العالمية للتصنيف الائتماني «فيتش رايتنغ»، فقد تم حسب ما أوضحته في بلاغ لها تصنيف تونس بعد تسجيل تأثرها بثقل وتزايد الدين العمومي والخارجي مما عكس عجزا للميزان الجاري وعجز الميزانية ونموا اقتصاديا معتدلا ونسق إصلاحات ضعيف في ظل ضغوطات اجتماعية وسياسية وبشان مراجعة الآفاق من مستقرة إلى سلبية حسب نفس المؤسسة فقد تم بالنظر إلى تزايد الضغوطات على التمويل الخارجي إضافة إلى حالة الشك الكبيرة تجاه قدرة الحكومة التونسية على دفع السياسات الكفيلة بالتقليص من اختلالات الاقتصاد الكلي. وتنضاف هذه التصنيفات الجديدة إلى بقية التراقيم التي شملت بلادنا في اقل من ستة أشهر فقط وفي ظرف اقتصادي صعب، والأخطر أنها ستؤثر سلبا في قادم الأيام على العديد من القطاعات الحيوية في البلاد.