Ooredoo تحتفي بعيد الأمهات وتمنحك فرصة الفوز بمبلغ 10،000 دينار!    مكثر: وفاة شاب واصابة 5 أشخاص في حادث مرور    وزير السياحة يؤكد لمستثمرين كويتيين الاستعداد لتقديم الإحاطة اللازمة لتطوير استثماراتهم في تونس    ميشيل مدرب جيرونا: إنهاء الموسم في المركز الثاني مهمة صعبة جدا    علي معلول: لاعبو الأهلي يمتلكون الخبرة الكافية من أجل العودة بنتيجة إيجابية    مجلس عمداء المحامين يصدر بيان هام..#خبر_عاجل    وفاة عسكريين في حادث سقوط طائرة عسكرية في موريتانيا..#خبر_عاجل    قطر تستضيف النسخ الثلاث من بطولة كأس العرب لسنوات 2025 و2029 و2033    لاعب الأهلي المصري :''هموت نفسي أمام الترجي لتحقيق أول لقب أفريقي ''    الشركة التونسية للبنك تتماسك وترفع الودائع الى 10.3 مليار دينار    منوبة: تفكيك وفاق إجرامي للتحيّل والابتزاز وانتحال صفة    بنزرت: توفير الظروف الملائمة لتامين نجاح موسم الحج    القلعة الخصبة: انطلاق فعاليات الدورة 25 لشهر التراث    الدورة ال3 لمهرجان جربة تونس للسينما العربية من 20 إلى 25 جوان 2024    وزير الفلاحة: قطع المياه ضرورة قصوى    الكاف: عدد الأضاحي لهذه السنة لا يتجاوز 56 ألف رأس غنم    وزارة الصناعة: إحداث لجنة لجرد وتقييم العقارات تحت تصرّف شركة ال'' ستاغ ''    في هذه المنطقة: كلغ لحم ''العلّوش'' ب30 دينار    أكثر من 3 آلاف رخصة لترويج الأدوية الجنيسة في تونس    علاجات من الأمراض ...إليك ما يفعله حليب البقر    من بينهم طفلان: قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 20 فلسطينيا من الضفة الغربية..#خبر_عاجل    وزارة المالية تكشف عن قائمة الحلويات الشعبية المستثناة من دفع اتاوة الدعم    مكتب مدنين : غدا استكمال الحصص التوعوية للحجيج    بورصة تونس .. مؤشر «توننداكس» يبدأ الأسبوع على انخفاض طفيف    بنزرت: إيداع 7 اشخاص بالسجن في قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ    صورة/ أثار ضجة كبيرة: "زوكربيرغ" يرتدي قميصًا كُتب عليه "يجب تدمير قرطاج"..    الأكثر سخونة منذ 2000 عام.. صيف 2023 سجل رقماً قياسياً    ما حقيقة سرقة سيارة من مستشفى القصرين داخلها جثة..؟    عاجل - مطار قرطاج : العثور على سلاح ناري لدى مسافر    27 ألف متفرج لنهائي الأبطال بين الترجي و الأهلي    اخر مستجدات قضية سنية الدهماني    أنشيلوتي يتوقع أن يقدم ريال مدريد أفضل مستوياته في نهائي رابطة أبطال أوروبا    في مسابقة طريفة بصفاقس.. صناع الخبز يتنافسون على نيل شرف أفضل صانع خبز !    الأهلي يصل اليوم الى تونس .. «ويكلو» في التدريبات.. حظر اعلامي وكولر يحفّز اللاعبين    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    صفاقس: ينهي حياة ابن أخيه بطعنات غائرة    ضجة في الجزائر: العثور على شاب في مستودع جاره بعد اختفائه عام 1996    الكرة الطائرة ..أي «كلاسيكو» مثير بين النجم والترجي؟    الرائد الرسمي: صدور تنقيح القانون المتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الأطفال    ارتفاع عدد قتلى جنود الإحتلال إلى 621    عاجل/ مع انتهاء آجال الاحتفاظ: هذا ما كشفه محامي مراد الزغيدي..    في يومها العالمي.. الشروع في اعداد استراتيجية وطنية جديدة للنهوض بالأسرة    أول أميركية تقاضي أسترازينيكا: لقاحها جعلني معاقة    الرئيس الايراني.. دماء أطفال غزة ستغير النظام العالمي الراهن    "حماس" ترد على تصريحات نتنياهو حول "الاستسلام وإلقاء السلاح"    البرمجة الفنية للدورة 58 من مهرجان قرطاج الدولي محور جلسة عمل    للسنة الثانية على التوالي..إدراج جامعة قابس ضمن تصنيف "تايمز" للجامعات الشابة في العالم    تونس تصنع أكثر من 3 آلاف دواء جنيس و46 دواء من البدائل الحيوية    بن عروس: جلسة عمل بالولاية لمعالجة التداعيات الناتجة عن توقف أشغال إحداث المركب الثقافي برادس    الكاف: حريق اندلع بمعمل الطماطم ماالقصة ؟    قابس : اختتام الدورة الثانية لمهرجان ريم الحمروني    نابل..تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلة الموت...
نشر في الصباح يوم 05 - 06 - 2018

المشهد مؤلم وقاتم وتعجز معه كل اللغات عن نقل حجم المأساة أمام لوعة الاهالي وهم يبحثون بين الجثث النافقة عن فلذات أكبادهم... اذ وبرغم تواتر المآسي في السنوات الماضية يظل المشهد أصعب وأعقد من التعاطي معه كحدث يمكن أن يدخل إطار العادة والمألوف...
ما حدث على السواحل التونسية بالأمس تكرر أيضا على السواحل التركية ومن قبلها على السواحل الليبية والسورية واليونانية والارجح أن المآسي ستتواصل في ظل استمرار الاسباب والدوافع التي تدفع بالمهاجرين الى ركوب الخط ولكن أيضا في ظل استمرار السياسات الاوروبية والخيارات المجحفة. والأفظع الصمت المريب بشأن ظروف وملابسات ابحار نحو مائتي نفر دون أن يثير ذلك الشكوك أو الريبة، والأخطر أن يختفي المسؤولون وينشغلوا بزيارة الاسواق وتدشين الفنادق الحلال وكأن قرقنة ليست جزءا من البلاد التي يديرون شؤونها ...
المتوسط وبدل أن يكون جسرا للفرص الاستثمارية في مختلف المجالات بين الشمال والجنوب بات مقبرة للشباب الذي يدفع ثمن فشل النخب والحكام ولكن أيضا ثمن سياسة المعايير المزدوجة للقوى الكبرى والقوى الاستعمارية السابقة التي تريد لدول الجنوب ان تكون الشرطي الحارس لأمنها ومصالحها في وجه الهجرة غير الشرعية ومافيا السلاح وعصابات المخدرات ...
من المسؤول عن نزيف سفن الموت وكيف يمكن الحد من الظاهرة أو تطويقها؟ الاكيد أنه لا أحد اليوم يملك اجابة مقنعة للقطع مع رحلات الموت المدفوع الاجر، بل لعل في صرخات الاباء وهم يواجهون الامر الجلل ما يدفع الى طرح السؤال ذاته كلما تعلق الامر بشبكات الارهاب التي تستقطب الشباب وتجعل منهم قنابل موقوتة قابلة للانفجار في كل حين في المجتمعات التي ينتمون لها... وفي ذلك ما يؤكد هذه الحقيقة وهي أن غول الهجرة غير الشرعية كغول الارهاب يخطف الشباب وحتى الاطفال في غفلة من ذويهم، آباء ملتاعون يرددون أن أبناءهم لم يكشفوا يوما عن رغبة في الهجرة وأن بينهم من لا يشكو بطالة أو تهميشا...
مرة أخرى يكون تجار البشر على الموعد ليستثمروا في مآسي فئة مهووسة بالرحيل لم تعد تجد في أوطانها ما يدفعها للثبات والتمسك بالجذور التي تنتمي لها للبحث عن بدائل أو ليوقعوا عبر سفن الموت أطوار مأساة جديدة تضاف لسلسلة مآسي البحر السابقة ورحلات الموت اليومية المحملة بأحلام شباب اختار عن وعي أوعن غير وعي المقامرة للقطع مع واقعه والتطلع الى موقع تحت الشمس فانتهى به الامر الى قاع البحر...
مشهد بات يتكرر على شواطئنا ليعمق جروح عائلات الضحايا ويفاقم النزيف والآلام.. وإذا كان المتوسط مقبرة المهاجرين غير الشرعيين، فإن تونس بلد الثورة التي أبهرت العالم باتت المنصة لانطلاق قوافل المهاجرين المغادرين تحت جنح الظلام وبين هؤلاء شباب وأطفال ونساء حوامل... قد يكون لكل حلمه وقد يكون لكل هدفه عندما قرر ركوب البحر والاستعداد لكل الاحتمالات ذلك أن نسبة الوصول سالما الى الضفة الاخرى ليست أكبر من احتمال الغرق
من الواضح أنه لا شيء اليوم يمكن أن يوقف النزيف الجديد الذي لا يقل خطورة عن الارهاب الاسود في أبشع مظاهره ولا شيء يمكن أن يمنع تكرار المأساة التي تحولت الى مآسي، وقبل حتى أن تندمل جراح عائلات من سبق من الضحايا إلا ويتكرر السيناريو مع لوعة الاهالي أمام هول المشهد وانتشار الجثث التي لفظها البحر على الشاطئ فيما يظل أهالي المفقودين يتطلعون الى أمل عسى أن يكون أبناؤهم على قيد الحياة ..
ما حدث نهاية الاسبوع في جزيرة قرقنة ليس المأساة الاولى ولن يكون حتما الاخيرة في زمن بات فيها سياسة الهروب الى المجهول خيار أمام جيل من الشباب تساوى أمامه الموت والعدم بعد أن فقد الثقة في محيطه ونخبه وبيئته..
شباب غابت عنه البدائل فألقى بنفسه الى جحيم قوارب الموت على أمل الوصول الى الضفة الاخرى للمتوسط حيث يتوهم أنه سيجد الجنة في انتظاره وسيجد بدل فرصة العمل مات الفرص للكسب...
من المتناقضات التي كشفتها مآسي سفن الموت أن التجنيس الذي كان عارا يلاحق اصحابه خلال مرحلة النضال من اجل الاستقلال أصبح حلم اجيال الاستقلال وهدفها الاول في الحياة سواء كان ثمن التجنيس رحلة الموت عبر سفن وقوارب الموت او الارتباط بأوروبيات في سن الأم أو الجدة أو غير ذلك من الاسباب..
وربما فات هؤلاء الشباب المغرّر بهم أن اوروبا اليوم ليست أوروبا الامس وأن صعود اليمين المتطرف في أوروبا سيتجه الى استهداف هؤلاء حتى وان أدى الامر الى تعمد اغراق هذه السفن والتخلص من أصحابها في قاع البحر..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.