كل المؤشرات الاقتصادية المسجلة خلال الأربعة أشهر الأولى من السنة الجارية تؤكد اتجاه وزارة المالية إلى إعداد قانون مالية تكميلي للسنة الجارية 2018 لا سيما وأن فرضيات قانون المالية لذات السنة غير واقعية وستؤدي إلى اختلال التوازنات وهو ما نعيش على وقعه اليوم على اعتبار أن فرضية سعر برميل النفط والذي حدد ضمن القانون المذكور ب54 دولارا للبرميل بلغ اليوم 75 دولارا ما قد يؤدي إلى تواصل تفاقم عجز الميزان الطاقي خلال الأشهر القادمة بفعل تجاوز ارتفاع سعر البترول كل التوقعات وخاصة الفرضية المضمنة ضمن قانون المالية لا سيما وأن العجز الطاقي خلال الأربعة أشهر الأولى من السنة ارتفع ليبلغ 1473 مليون دينار أي بارتفاع بنسبة 36 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي 2017. ورغم الانتقادات التي تواجهها الحكومات المتعاقبة على خلفية لجوئها لقوانين مالية تكميلية بسبب اعتماد فرضيات وتقديرات غير واقعية وخاطئة، وغياب رؤية واضحة وإستراتيجية للتصرف في المالية العمومية مما عمق الوضعية الحرجة التي يمر بها الاقتصاد الوطني وولد أزمة ثقة بين المواطن والحكومة يحتم عليها ضرورة لجوئها إلى إعداد قانون مالية تكميلي للسنة الحالية. وحول إعداد قانون مالية تكميلي للسنة الجارية أكد مصدر موثوق من وزارة المالية أن كل المؤشرات تؤكد الاتجاه إلى سن قانون مالية تكميلي لكن في وقت لاحق، مبينا أنه من المنتظر أن يتم النسج على منوال السنة المنقضية 2017 حيث تم إيداع قانون مالية تكميلي للسنة الفارطة لدى مجلس النواب بالتوازي مع إعداد قانون المالية ما يعني أن القانون المذكور سيكون جاهزا مع موفى السنة الحالية. وفي هذا الصدد أكد الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان ل»الصباح» أنه لا مناص من إعداد قانون مالية تكميلي للسنة الجارية مستدركا أنه غير ممكن في الوقت الراهن على اعتبار أن المعطيات المتوفرة غير نهائية. وأبرز أن الأزمة التي تعيش على وقعها الحكومة اليوم أجلت خروج تونس إلى الأسواق المالية الدولية من أجل تغطية عجز الميزانية، مبينا أن تونس في حاجة إلى 9.5 مليار دينار لتغطية العجز لكنه تم تأجيل الخروج إلى السوق المالية الذي كان مبرجا خلال النصف الثاني من شهر مارس المنقضي لكن إلى اليوم لم يتم الحسم في مسألة الخروج بسبب الأزمة السياسية التي تعرفها البلاد من جهة وعدم وضوح موقف صندوق النقد الدولي من الوضع الذي نعيشه اليوم على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. وبيّن أن تونس في حاجة إلى الخروج الفوري إلى السوق المالية لتعبئة موارد إضافية لتغطية عجز الميزانية لا سيما وأن مخزوننا من العملة الصعبة تراجع ليبلغ 72 يوم توريد فقط وهي من أدنى المخزونات المسجلة على الصعيد الوطني. وختم مشددا على وجوب تحقيق استقرار سياسي يكون بمثابة رسالة إيجابية لكل الشركاء الاقتصاديين من أجل مواصلة دعمهم لبلادنا، مؤكدا أن الاستقرار السياسي أساسي لكنه غير كاف إذ يجب أن ترافقه إصلاحات اقتصادية عميقة وناجعة.