مفاجاة "مجالس المالوف" التي نظمها قطب الموسيقى والأوبرا بمناسبة شهر رمضان كانت اول امس الخميس 07 جوان بمسرح الجهات وتمثلت في عرض مجموعة "الولادة للمالوف والأغنية التونسية" من سليمان التي قدمت قراءتها الخاصة والجديدة للمالوف التونسي وأحيت الأغاني التونسية الأصيلة وأعادت توزيعها وطريقة ادائها وطعّمتها بإضافة انتاجات خاصة من تأليف قائد المجموعة "مراد التومي" الذي يعمل على مواصلة العملية الإبداعية انطلاقا من الموروث نحو المعاصر. تتكون المجموعة من كورال يضم 13 طفلا وطفلة و 9 عازفين ثلاثة عازفي ايقاع وبيانو عربي يعزف عليه الاستاذ مراد التومي وعازف عود وعازف كمنجة وعازف ناي وعازف قيثارة وقد اعتقدنا في البداية انها زائدة على الحاجة وأنها ستكون نشازا ولكن تبين لنا العكس وأنها كانت مندمجة ومنصهرة مع الالحان والإيقاعات وذلك طيلة الحفل وقد كان طويلا جدا.. متابعة وإنصات وتصفيق انطلق الحفل بداية من الساعة العاشرة ليلا وتجاوز منتصف الليل بكثير اكراما لقدوم وزير الشؤون الثقافية الذي ابى إلا ان يحضر ويشجع هذه المجموعة بعد ان حضر على ما يبدو في انطلاق حفلات اخرى في فضاءات عروض اخرى، ولعله مثلنا لم يكن يتصور ان المجموعة الصوتية لمجموعة "الولادة للمالوف والأغنية التونسية" متكونة من اطفال تتراوح اعمارهم بين 8 و 13 سنة تقريبا لبسوا زيا تونسيا انيقا مستوحى من اللباس التقليدي الاندلسي وهذا ليس بغريب عن سكان مدينة سليمان ذات الجذور الاندلسية والتي حافظت على الكثير من عاداتها وتقاليدها وشاهد الحضور على الشاشة العملاقة لمسرح الجهات بمدينة الثقافة الكثير من مواقعها التاريخية ومعالمها ومدينتها العتيقة ومآذنها وجوامعها الجميلة. حظي هؤلاء الاطفال بمتابعة وإنصات وتصفيق جمهور ملأ مدرجات مسرح الجهات وتفاعل معهم الجمهور بالزغاريد والغناء وردّد مقاطع من اغاني تونسية كثيرة ومشهورة بنجاح رغم ان اغلبها كان بتوزيع جديد ومختلف مبني على الكثير من البحث والرغبة في الاضافة. انضباط.. تناسق وتناغم وقد احب الجمهور انضباطهم وبان التناسق والتناغم جليا بينهم وبين استاذهم مراد التومي وبقية عناصر الفرقة الموسيقية وهو يغنون على طريقتهم الخاصة "يا للي بعدك ضيع فكري" و"هاذي غنايا جديدة" و"اليف يا سلطاني" و"عاذلي بالله" و"طبعا هذه الاغاني تخللها عزف صولو على البيانو شنف به مراد التونسي اذان الجمهور وعلى الناي قبل ان تؤدي المجموعة الصوتية نشيد "صلى عليك الله يا خير الانام". ثم وبتوزيع اركسترالي جديد وجميل ومؤثر جدا اغنية "بالله يا حمد يا خويا" و"ساق نجعك ساق" و"عرضوني زوز صبايا" و"شوشانة يا شوشانة" و"الكون الى جمالكم مشتاقون" و"زعمة النار تطفاشي ونبرا من وجعاتي" تلتها "عاشق ممحون" و"اه اه يا خليلة" واودعوني يا لبنات بالله لتنتهي هذه الوصلة بتقسيم على الكمنجة وتبدا مجموعة اخرى من الاغاني مثل "بعد النكد والغصة"و "ليام كيف الريح في البريمة" و"خلوني قلقت ومليت عيشة مرة معاك عديت" . كما طعّم مراد التومي برنامج الحفل بمقطوعة موسيقية ونشيد "حرة خضراء يا بلادي.. حرة يا ارض اجدادي". مع هذه القراءة المختلفة للمالوف والخاصة بمدينة سليمان الاندلسية وباعتبار ان للمالوف قراءات متعددة وذات خصوصيات تختلف باختلاف المناطق التونسية والمدن،عمل قائد مجموعة "الولادة للمالوف والأغنية التونسية" على احياء الكثير من الاغاني التونسية التي تكاد تندثر وقد كانت لازمة في كل حفلات زمان مثل الرقص وهي الاغاني الفكاهية التي كانت تنعش الاجواء وتضفي البهجة والمرح على السهرات الفنية وقد اندثر هذا النوع من الاغاني في فترة ما بعد الاستقلال وفي بدايات التلفزة التونسية. اجتهاد.. بحث وإضافة ومن بين هذه الاغاني الفكاهية ادت المجموعة الصوتية بكثير من الحرفية والحماس وخفة الروح كوكتالا من اغاني الراحلين محمد الجراري ومحمد الجموسي مثل "زردة زردة بالكسكوس واللحمة لحمة علوش"و"القسم على الله من الكريطة" و"قهوجي يدور.. قهوجي يدور" وكذلك اوبيرات "اصطاد الحوق اشكون قاللي عمري راح ورحت بكللي". تابع الجمهور الحفل الثالث ل"مجالس المالوف" الى نهايته ثم وقف للتصفيق ولتكريم المجموعة الصوتية وعناصر المجموعة الموسيقية وقائدها ولكن الكل عادوا الى مقاعدهم للانتشاء من جديد وللاستمتاع فاحتفاء بقدوم الوزير الدكتور محمد زين العابدين اعادت مجموعة "الولادة للمالوف والأغنية التونسية" كل اغاني هذه الفقرة وبعض اغاني الفقرة الاولى التي تمثل قراءة مدرسة سليمان للمالوف والتوزيع الجديد الذي ينم عن الكثير من الاجتهاد البحث والإضافة التي اجتهد فيها الاستاذ مراد التومي. علياء بن نحيلة