صادق مجلس نواب الشعب أمس خلال جلسته العامة بقصر باردو على مشروع القانون المتعلق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرمة بتاريخ 28 فيفري 2018 بين حكومة الجمهورية التونسية والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بمبلغ 400 مليون دينار للمساهمة في تمويل مشروع دعم التعليم الابتدائي، لكنه في المقابل اجل التصويت على مشروع القانون المتعلق بالموافقة على اتفاق القرض المبرم بتاريخ 21 ديسمبر 2017 بين الجمهورية التونسية والبنك الإفريقي للتنمية بمبلغ قدره 72 مليون اورو اي ما يعادل 190 مليون دينار لتمويل مشروع دعم القدرات التقنية والتكنولوجية بالمنظومة التربوية في تونس. الجلسة العامة كانت صعبة على زياد العذاري وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي، اذ انه لم يستطع كبت غضبه من الانتقادات التي وجهها بعض النواب لحكومته ولقروضها، ورد الصاع صاعين وهاجمهم بلسان لاذع ليجد نفسه في النهاية تحت القصف وفي وضعية صعبة. وخلال نقاش المشروع الاول، انتهز النواب الفرصة للحديث عن تردي وضعية المدرسة العمومية التي راهنت عليها دولة الاستقلال واستطاعت بفضلها نشر التعليم والحد من الجهل والتخلف، وطالبوا بتحسين ظروف التدريس فيها وبدعمها ماديا وبصيانتها وبالحد من آفة الانقطاع المدرسي. وهناك من طالب بإصلاح خارطة المدارس الابتدائية مشيرا الى ان هناك مدارس تفتح ابوابها لستة او سبعة تلاميذ فقط وكل واحد منهم يدرس في قسم. ومن بين الدعوات التي وجهها احد النواب الى الحكومة، الكف عن الرضوخ لإملاءات البنك الدولي المتعلقة بتنفيذ سياسة خوصصة التعليم. وعند تطرقهم إلى مشروع القانون الثاني بين النواب انه من المفيد دعم القدرات التقنية والتكنلوجية بالمنظومة التربوية من أجل دعم جودة التعليم والحد من الانقطاع المدرسي وذكروا أنه لا بد من توفير أرضية ملائمة لتميكن التلاميذ من النفاذ الى التكنولوجيات الحديثة، وهناك من تحدث عن منح تلاميذ احدى المدارس لوحات رقمية لكنهم لم يستفيدوا منها نظرا لان المدرسة غير مرتبطة بشبكة الانترنيت وهناك من قال ان مثل هذه المشاريع هي ضحك على الذقون لأن هناك مدارس ليس فيها حتى دورات مياه وتلاميذها عطشى فكيف ستتم رقمنتها؟ ولم يخف بعض النواب مخاوفهم من تبعات الاقتراض، ولتلافي التشكيك في ان القرضين موجهين لدعم الميزانية وليس لدعم التعليم الابتدائي أو لدعم القدرات التقنية والتكنلوجية للمنظومة التربوية هناك منهم من وجه دعوة للجنة المالية والتخطيط والتنمية لكي تكون فريقا مصغرا من النواب وتكلفهم بالتثبت في مجالات صرف القروض التي صادق عليها مجلس نواب الشعب، وهناك من ذهب الى ابعد من ذلك ودعا المجلس الى وضع سقف للمديونية محذرا من ان الحكومة تجاوزت بسياسة الاقتراض الخطوط الحمراء وعبر عن خوفه من ان تكون نتيجة هذه السياسة الاستعمار، وتمسك بعض النواب بطلب توجيه دعوة لوزير التربية لكي يفسر لهم بمنتهى الوضوح اهداف القرضين. وتعقيبا على مداخلات النواب بخصوص مشروع القانون الاول بين زياد العذاري وزير التنمية والتعان الدولي والاستثمار الخارجي ان القطاع التربوي يحظى بالأولوية ولهذا الغرض تم تخصيص 1200 مليار لفائدته خاصة وانه لم يأخذ سابقا حظه على مستوى رصد الموارد الضرورية وهو ما يفسر تردي وضعية المدارس الابتدائية. وردا على النواب الذين لم يستحسنوا اللجوء إلى الاقتراض لفائدة القطاع التربوي، قال العذاري إن ضخ تمويلات في القطاع التربوي يعني القيام باستثمارات حيوية وأساسية والتالي هي ليست نفقات ثانوية. وذكر الوزير أن هذا القرض ليس مخصصا لتمويل الميزانية بل لدعم التعليم الابتدائي، وطمأن النواب بأنه قرض خاضع للمتابعة والمراقبة والتدقيق. وعن سؤال يتعلق بمآل القرض الذي حصلت عليه تونس سابقا من البنك الاوروبي للاستثمار وصادق عليه البرلمان سنة الفين وخمسة عشر بهدف تطوير المؤسسات التربوية اجاب الوزير ان هذا المشروع متواصل الى غاية 2021، اما القرض الجديد فهدفه بناء خمسين مدرسة جديدة وتوسعة الفين مدرسة قائمة وصيانة 800 مدرسة وتوفير تجهيزات مدرسية واجهزة حواسيب لفائدة خمس مائة مدرسة. وردا عن مطالب احداث مدارس ابتدائية اجاب العذاري انه لا يقع احداث المدارس الابتدائية بطريقة اعتباطية بل بناء على دراسة. واجابة عن الاسئلة المتعلقة برقمنة المؤسسات التربوية قال ان الرقمنة ليست ترفا بل ضرورة لان غياب تأهيل الاطفال سيخلق مستقبلا نوعا جديدا من الامية الرقمية التي تجعلهم غير قادرين على الاندماج في سوق الشغل. ودعا الوزير النواب الذين تحدثوا عن وجود املاءات من البنك الدولي لخوصصة التعليم في تونس، الى تجنب مثل هذه الادعاءات والى الابتعاد عن ادخال موضوع السيادة الوطنية في كل «عجة». وذكر ان القرض هو من اجل العائلات محدودة الدخل التي تدرس ابناءها في المدارس العمومية اما العائلات الميسورة فهي تدرس ابناءها في مدارس خاصة ومدارس اجنبية. حينما يغضب الوزير ردا على مداخلات النواب المتعلقة بمشروع دعم القدرات التقنية والتكنولوجية بالمنظومة التربوية في تونس، اجاب زياد العذاري وكان على حالة شديدة من التشنج أن الكلام الذي سمعه من بعضهم والذي يدخل في دائرة التخوين والتشكيك في الوطنية غير مسموح به وتجاوز الحدود، وقال لهم إن التونسيين الذين يستمعون إليهم يستحقون منهم خطابات مسؤولة وخطابات في مستوى التونسيين وذكر ان الحكومة عندما تخصص 1200 مليار للقطاع التربوي فهي تعرف اين ستصرف كل مليم. وبين انه من حق النواب في اطار دورهم الرقابي الحصول على أي معلومة يطلبونها. وأثار الرد المتوتر للوزير امتعاض العديد من النواب خاصة النائب عن نداء تونس عماد اولاد جبريل وفي تلك الاجواء الساخنة وانقاذا للموقف طلب رئيس كتلة النهضة نور الدين البحيري رفع الجلسة العامة ربع ساعة للتشاور وطال امد التشاور اكثر من اللزوم لكنه لم يسفر عن نتيجة ولم يؤدي الى ذوبان الجليد بين الوزير والنواب، وعادت فوزية بن فضة النائبة الثانية لرئيس مجلس نواب الشعب الى القاعة لتعلم الحاضرين عن رفع الجلسة العامة واستئنافها في موعد لاحق وأثار كلامها غضب نواب الجبهة الشعبية الذين وصفوا ما يحدث في البرلمان بالفضيحة لان حركة النهضة تسيره كما تريد.