لاشك انه كلما تعلق الأمر بالمنتخب الوطني، او لقاء «دربي» او «كلاسيكو» الا وانتشرت «البلاتوهات» واصبح عدد المدربين أكثر من عدد سكان البلاد.. وأصبح الجميع يفهمون في التكتيك والخطط، وبالتالي لا عزاء للمحليين والفنيين.. وما حدث مع المنتخب الوطني بعد مباراة بلجيكا لا يخرج عن هذا الاطار، لكن مهما كانت النتائج وحتى في صورة مرور المنتخب الوطني إلى الدور الثاني في نهائيات كأس العالم لأول مرة في تاريخه ،لابد ان نتجاوز كل هذه الأسطوانات المشروخة ونهتم بما هو اهم، والاهم هو ضرورة فتح ملف كرة القدم التونسية وتشريحه، فخلافا لعدة منتخبات عربية لا يملك المنتخب الوطني نجوما محترفة ولا أيضا لاعبين كبارا، وهذا ليس زيد أو عمرو سببه بل الأندية التي ظلت تتأرجح بين الهواية والاحتراف ...فطالما أنديتنا تحكم بقوانين الجمعيات الخيرية وتنتظر أحيانا المساعدات من الولاية والوزارة وغيرهما ، لا يمكن لها أن تقوم بدورها المتمثل أساسا في التكوين وصقل المواهب.. فالمسؤول لا همّ له غير إنقاذ موسمه والخروج بأخف الاضرار طالما الهيئة متطوعة.. والمداخيل قليلة والمهم بالنسبة الى كل مسؤول النتيجة.. «كون حزين ورصين».. وفي مثل هذه الظروف وبعد الأداء الكارثي للمنتخب الوطني في مونديال روسيا لا يجب ان نتخمر كالعادة وننساق وراء حملات التشويه والتخوين وغير ذلك بل يجب ان نعمل بالمثل القائل «كون حزين ورصين» حتى نفهم على الأقل عيوبنا وتكون لدينا القدرة على تشخيص مواطن العلل، فلا يمكن بأية حال من الأحوال ان نجعل هذه الخيبة تمر دون ان نستفيد منها، فنحن لم نكن ننتظر من المنتخب بلوغ المربع الذهبي، لكن لم نكن ننتظر منه ذلك المستوى الهزيل ولا أيضا تلك الأخطاء التي اعترف بها الاطار الفني وخاصة نبيل معلول.. وبعيدا عن التشنج وفي اطار التفكير الهادئ لابد من تقييم شامل وموضوعي لمشاركة وتحضيرات المنتخب الوطني لمونديال روسيا، ولابد من مساءلة الاطار الفني حول عديد الوضعيات، منها خاصة السلبية الدائمة لمساعدي نبيل معلول اللذين ظلا على الهامش ولم يكن لهما رأي، ولا أيضا لديهما ما يمكن ان يفيدا به المجموعة، وحتى ان تمت المحافظة على المدرب الأول بالنظر الى الاستحقاقات القريبة للمنتخب الوطني. .. التقييم يتطلب خاصة ان يكون كل طرف صريحا مع نفسه ولا يقيم من خلال مباراة منها فقط، بل لابد من تقييم شامل للتحضيرات والاختيارات والأجواء، وعلاقة اللاعبين بالاطار الفني، وعلاقة الجامعة بالجميع. التقييم لابد ان يشمل التحكيم لابد من تقييم للبطولة ككل.. وللفرق الأربعة الكبيرة وللتحكيم والهياكل الرياضية.. ولابد من المرور الى احتراف كامل لكرة القدم، على الأقل على مستوى الرابطتين الأولى والثانية للخروج من عقلية الهواية، وكذلك حتى لا يصبح لدينا مسؤولون مؤقتون، يقومون على شؤون انديتهم من باب المزية ويشفقون عليها من مالهم الخاص، ومن ليست له أموال ينتظر اعانات الوزارة.. فكرة القدم تحولت الى صناعة ناجحة في كل اصقاع العالم ماعدا تونس التي بقيت فيها كرتنا مترفة بقوانين الجمعيات الخيرية.. ولابد أيضا من أسماء بارزة من لاعبين دوليين وفنيين سابقين الى جانب المدرب الأول للمنتخب، حتى لو كان نبيل معلول حتى يجد النصح وكذلك المساعدة الحقيقية.. توزيع غير عادل للمنح ولكن.. ! رياضتنا عليلة بسبب غياب التوزيع العادل للمنح والمساعدات في الوقت الذي توجد فيه رياضات ما انفكت ترفع راية البلاد في كل المحافل الدولية فالرياضات الفردية.. وكذلك كرة اليد والكرة الطائرة وكرة السلة والتي انطلقت في الدورة الترشيحية لكأس العالم 2019، في قاعة رادس تم التخفيض من منحتها بحوالي الثلث والحال ان منتخب كرة السلة متحصل على كأس افريقيا ويحتاج اهتماما اكبر حتى يواصل نجاحاته.. لذلك من المفروض إيلاء الأهمية القصوى لمثل هذه الرياضات من قبل الوزارة والهياكل المشرفة على القطاع الرياضي واذا كان التوجه العام هو ترشيد النفقات والتقليص من المصاريف بالنظر الى الوضع الصعب الذي نعيشه فانه لابد من برمجة واضحة تولي اهتماما اكبر بالرياضات المتألقة، لبرمجة استشرافية ولها بعد نظر اذ صحيح ان الوزارة مطالبة بكل الرياضيين وليس برياضة معينة دون أخرى، بالإضافة الى انه لا حد يمكنه ان يحجب عنها دور الوقوف الى جانب كل الرياضيين حسب ما هو متوفر من إمكانيات واعتمادات، لكن هناك دوما بعض الاستثناءات، فكرة القدم مثلا لها مداخيلها الذاتية وهنا نتحدث عن الجامعة التي نوعت مصادر تمويلها بفضل التعاقدات والمشاركات القارية والدولية ولم تعد تحتاج مثلا للوزارة حتى تدفع رواتب المدربين وكان من الأفضل استعمال هذه الأموال لدعم رياضات أخرى متألقة أيضا قاريا ودوليا، لكن الاعتمادات المرصودة لها غير كافية.. هناك جامعات تحتاج لدعم اكبر، فرغم قصر ذات اليد فهي تقدم الكثير للرياضة، وكرة السلة مثلا مطلوب تحويلها إلى لعبة شعبية، خاصة ان لديها برنامجا طموحا، الهدف منه نشر كرة السلة بين الاحياء السكنية بما يمكن من اكتشاف المواهب وكذلك تعميم هذه الرياضة التي دخلت بقوة طور الاحتراف .. هناك جامعات تقدم للرياضة ولها برامج واضحة على غرار جامعة كرة السلة التي تحتاج الى وقفة اكبر من الحالية خاصة ان علي البنزرتي رئيسها منفتح على جميع المجالات وجامعته نشيطة ومتنوعة فقد ضمت اليها وجها رياضيا بارزا وهو جلال تقية رئيس الجامعة التونسية للرياضة للجميع حتى يساهم في توسيع ممارسة كرة السلة بين الاحياء وفق برنامج طموح لكنه يحتاج الدعم.. انظروا ماذا احرز الرياضيون في العاب المتوسط.. واي مستوى بلغه منتخب كرة اليد.. في انتظار انجاز كرة السلة، لذلك كلها رياضات تحتاج دعما استثنائيا ومجهودا كبيرا.. الرياضات الفردية تشرف الراية وكذلك عدة رياضات جماعية أخرى لكنها لا تجد نفس الحظوة التي تتمتع بها كرة القدم لذلك تقع المطالبة دوما بتمكين هذه الرياضات من تمييز إيجابي على الأقل في التظاهرات والمحافل الدولية..