تحسم اليوم معركة «شيخ المدينة» او رئاسة بلدية تونس هذا المنصب الذي رافقه جدل واسع منذ اعلان ترشيح كل من حركة النهضة امراة لترؤس بلدية تونس مقابل اصرار حركة نداء تونس على الظفر به. ورغم التوافقات السياسية على مستوى مركزي يبدو ان منصب شيخ المدينة وضع النهضة والنداء وجها لوجه بعد ان قرر الحزبان عدم التحالف في المجالس البلدية. ورافق ترشيح سعاد عبد الرحيم جدل واسع خاصة بعد ان اعتبر العديد من المتدخلين في الشان السياسي وحتى من حاملي شعارات الحداثة والتقدمية انه لا يمكن لامراة تقلد المنصب لانه «لا يعقل في التقاليد التونسية ان تكون حاضرة في ليلة 27 من رمضان وكذلك في الاعياد الدينية والجوامع». ومن وجهة نظر بعض المتابعين السياسيين فان «احتكار» «البلدية «او اهل «الحاضرة» لمنصب شيخ المدينة يعكس صورة متخلفة والامر نفسه بالنسبة لتوظيف صورة المراة سياسيا. ولرئيس بلدية تونس او شيخ المدينة ثلاث مهام رئيسية وهي ادارة المصالح البلدية والاعتناء بشؤون المدينة والمساهمة في التقدم الاجتماعي والثقافي والاقتصادي لمدينة تونس. وتتوزع الستون مقعدا في بلدية تونس العاصمة بين حركة النهضة (21 مقعدا) يليها نداء تونس (17 مقعدا) ثم التيار الديمقراطي 8 مقاعد والاتحاد المدني 6 مقاعد والجبهة الشعبية 4 مقاعد والقائمة المستقلة مدينتي تونس (4 مقاعد). سعاد عبد الرحيم مرشحة حركة النهضة لرئاسة بلدية تونس أكدت في تصريح ل«الصباح» أن الأعين متجهة نحو رئاسة بلدية تونس لأنها سياسية بامتياز وللرمزية الكبيرة التي يحملها هذا الجهاز التنفيذي رغم أنه ليس فيه صراع على السلطة. وشددت عبد الرحيم على ضرورة الالتزام بما سيفرزه صندوق الاقتراع دون توجيه أي لوم لأحد على اختياراته، معتبرة أن المحليات يجب أن تخلق توازناتها السياسية بعيدا عن المركز. وعبرت عبد الرحيم في سياق حديثها عن تقديرها خيارات التيار الديمقراطي الذي سيقدم مرشحا له في الدور الأول في عملية تنصيب رئيس بلدية تونس اليوم وعلى ضوء النتائج اما سيواصل أو ينسحب في الدور الثاني ونفس الأمر بالنسبة للجبهة الشعبية. فيما أكد كمال ايدير مرشح النداء لرئاسة بلدية تونس أنه إلى حد اللحظات الأخيرة سيتمسك كل من النداء والنهضة برئاسة مدينة تونس مضيفا بأن حزبه سيدافع عن طموحاته لآخر لحظة. يوم تاريخي.. من جانبه قال غازي الشواشي القيادي بالتيار الديمقراطي أن انتخاب رئيس بلدية تونس اليوم هو حدث تاريخي لأنه لأول مرة في تاريخ تونس نشهد انتخاب رئيس بلدية بطريقة تعددية وديمقراطية. وعن مرشح التيار قال الشواشي «قررنا ترشيح أحمد بوعزي عضو مكتب سياسي لرئاسة بلدية تونس وندعو أعضاء الجبهة الشعبية وبعض المستقلين إلى دعمه»، مؤكدا أنه إذا انحصرت المنافسة في الدور الثاني بين النهضة والنداء فلن نصوت لأي طرف منهما اما في حال ترشحت شخصية مستقلة فقد ندعمها شرط أن تتوفر فيها نظافة اليد». وانتقد قيادي التيار الديمقراطي عملية التوظيف السياسي لرئاسة بلدية تونس سواء من قبل النهضة التي تسعى لترؤس امرأة هذا المنصب قصد التسويق لصورتها في الخارج على أساس تبنيها للحداثة وتكسر الصورة الدينية التي ارتبطت بها لعقود في حين يتبنى النداء من جانبه عقلية شيخ المدينة حكر على «البلدية» وهي رمزية متخلفة يجب كسرها حسب الشواشي. وفي سياق متصل أفاد المتحدث بوجود معلومات حول ترشيح النداء لرئيس القائمة المستقلة «مدينتي تونس» منير بن ميلاد لمنصب شيخ المدينة في إطار صفقة سياسية حسب تعبيره. هذه المعطيات نفاها بن ميلاد قائلا ل»الصباح» «نظرا لأنني أكبر الأسماء سنا سأكون اليوم رئيس الجلسة الأولى لتنصيب شيخ مدينة تونس لذلك وقانونا ليس لي حق الترشح كما لم أنو الترشح اصلا لهذا المنصب حتى أكون بعيدا عن أية تجاذبات سياسية». كما شدد بن ميلاد على أن لكل أعضاء القائمة المستقلة مدينتي تونس حرية التصويت اليوم، مؤكدا أنهم لا يتقاطعون لا مع النهضة أو النداء. ◗ جهاد الكلبوسي المرشحون في سطور... - سعاد عبد الرحيم هي مرشحة حركة النهضة لمنصب شيخ مدينة تونس، ولدت في 16 ديسمبر 1964 بصفاقس وهي سياسية تونسية وقيادية مستقلة ضمن حركة النهضة ونائب عنها في المجلس الوطني التأسيسي بين 2011 و 2014 وكانت إحدى أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للطلبة. - كمال ايدير مرشح حركة نداء تونس ولد بالعاصمة في 26 سبتمبر 1952 متحصل على الدكتوراه في الصيدلة كما شغل عدة مناصب كمتفقد عام للصحة العمومية ومدير عام الصيدلية المركزية وشغل خطة نائب رئيس بلدية تونس من 1995 إلى 2005. - أحمد بوعزي مرشح التيار الديمقراطي لمنصب شيخ مدينة تونس وهو أصيل ولاية القصرين ولد سنة 1948 وهو دكتور في الهندسة الإعلامية وأستاذ جامعي وباحث وكان بوعزي عضو مكتب سياسي سابق في التحالف الديمقراطي وقيادي سابق بالحزب الديمقراطي التقدمي كما انتخب عضو المكتب السياسي للتيار الديمقراطي في مجلسه الوطني في 15 أكتوبر 2017. ◗ ج.ك لمحة عن تاريخ بلدية تونس تم احداث منصب شيخ مدينة تونس لأول مرة بمقتضى مرسوم محمد باي بن حسين في 30 أوت 1858 وتداول على بلدية تونس 31 رئيسا وكان يوجد منصب شيخ المدينة الذي كان يعينه باي تونس من الأعيان. وحسب عبد اللطيف الحناشي استاذ الأكاديمي والمختص في التاريخ فقد بقيت بلدية الحاضرة منذ انبعاثها سنة 1858م مثل غيرها من المؤسسات الحضرية الأخرى خاضعة بصورة شبه كاملة لسلطة الدولة ولم يكن للباي أي استعداد لتمكين المجموعة الحضرية بالحاضرة من الارتقاء إلى مستوى تسيير شؤونها بنفسها تماما مثلما هو الحال في غالبية الأنظمة البلدية. بعد الجنرال حسين تعاقب على رئاسة المجلس البلدي إلى غاية سنة 1914م ثمانية رؤساء هم على التوالي : محمد قارة ( 1865م – 1869 م ) العربي زروق ( 1869م – 1880م ) حسونة المتالي ( 1880م – 1882م ) حسونة الوزير (1882م – 1883م) محمد المبزع ( 1883م – 1885م ) محمد العصفوري (1885م - 1902م) الصادق غيلاب (1902م - 1912م ) مصطفى الدنقزلي (1912م – 1915م ) أما الأعضاء الاثنا عشر فانه يشترط حسب ما جاء في الفصل الأول من قانون المجلس البلدي أن يقع اختيارهم من أعيان أهل البلاد ويتغير في كلّ سنة والتغيير يكون في العامين الأولين بالقرعة وبعدها يكون بأسبقية الزمن يتم تشكيل المجلس بالتعيين ما يؤدي الى ان يظل العمل البلدي حكرا على بعض الفئات من أعيان البلاد. وعن فكرة وصول المرأة لهذا المنصب قال أستاذ التاريخ المعاصر عبد اللطيف الحناشي أنه شرف للبلاد أن تتولى امرأة منصب شيخ مدينة تونس ومن يرفض ذلك تحكمه حسابات سياسية ضيقة ولا يفكر في صورة البلاد ومستقبلها.