غادر زياد العذاري وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي ظهر أمس مقر البرلمان خائبا بعد فشله في تمرير القرض الذي جاء من أجله. ففي حالة شديدة من الغليان، أسقطت الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب مشروع القانون المتعلق بالموافقة على اتفاق القرض المبرم بتاريخ 21 ديسمبر 2017 بين الجمهورية التونسية والبنك الافريقي للتنمية بمبلغ جملي قدره 72 مليون اورو اي ما يعادل حوالي 190 مليون دينار لتمويل مشروع دعم القدرات التقنية والتكنولوجية. ومباشرة إثر إعلان رئيس المجلس محمد الناصر عن اسقاط مشروع القرض، غادر العذاري قاعة الجلسات العامة دون أن يعتذر عما بدر منه مساء الثلاثاء الماضي من تشنج، وعما تلفظ به من عبارات جارحة مست عددا من نواب نداء تونس والديمقراطية والجبهة الشعبية، إذ قال يومها ردا على من انتقدوا الحكومة وسياسة الاقتراض والوضعية الكارثية للمؤسسات التربوية إن التونسيين الذين يشاهدونهم يستحقون منهم خطابات مسؤولة في المستوى. وهو بهذا الرد المستفز تسبب في إثارة زوبعة كبيرة وتمسك نواب النداء يومها بمطالبته بالاعتذار لكنه لم يستجب، وانتهى الأمر الى رفع الجلسة العامة وتأجيل التصويت على مشروع القرض. وحتى قبل استئناف النظر فيه صباح امس كرر النائب عن النداء عماد اولاد جبريل نفس الطلب ودعا الوزير على الاعتذار وقال انه في صورة عدم اعتذاره فإنهم سيقاطعون الجلسة العامة وفي نفس السياق دعاه النائب عن الجبهة الشعبية عمار عمروسية الى الاعتذار اما النائبة عن الديمقراطية سامية عبو فنصحته بأن يتلقى دروسا في كيفية أن يكون وزيرا وقال له زياد لخضر النائب عن الجبهة الشعبية :»ان لم تستح فافعل ما شئت».. ودفاعا عن الوزير رد نور الدين البحيري رئيس كتلة النهضة قائلا إن هناك من لا يفوتون فرصة وقوفهم امام الكاميرا دون ان يقولوا كلاما لا يليق بأي مسؤول في الدولة. كمين للتذكير فقد تضمن مشروع القانون الذي اسقطته الجلسة العامة فصلا وحيدا، ولعل المثير للانتباه هو أنه عند عرض هذا الفصل على التصويت حظي بموافقة 89 نائبا أي أنه مر بسلام، لكن عند عرض مشروع القانون برمته على التصويت سقط وكانت نتيجة التصويت 71 فقط نعم و18 محتفظ و22 لا. وفسر النائب عن النهضة الحبيب خضر ما حصل أثناء عملية التصويت على مشروع القرض بالكمين الذي لا ينم عن وطنية، فرد عليه النائب عن الجبهة الشعبية منجي الرحوي أن من يرى وجود كمين في عملية تصويت عليه ان يبين ان هناك أحزابا تضع كمينا لتونس ونوابها يتحدثون عن الفقر والمدرسة العمومية لكنهم طيلة السنوات السابقة لم يصوتوا الا على قوانين تعمم الفقر ولم يكن تصويتهم الا لمصالح حزبية ضيقة تتعلق بالتعويضات او بهيئة الحقيقة والكرامة او بمصالح لا علاقة لها بمطالب الشعب، وبذلك فإنهم هم الذين وضعوا كمينا لتونس. ويذكر ان الهدف من الحصول على القرض وحسب ما جاء في التقرير الذي رفعته لجنة المالية والتخطيط والتنمية الى الجلسة العامة يتمثل في دعم القدرات التقنية والتكنولوجية بالمنظومة التربوية في تونس في اطار السعي إلى تكريس مبادئ الانصاف وتكافؤ الفرص وارساء مقومات الجودة وعدم المسالك والشعب من اجل دفع التشغيلية. ويهدف القرض الى تطوير انماط التعليم العلمي والتقني والتكنولوجي والفني وتحسين البنية التحتية وتوفير المستلزمات المتعلقة بخدمات الاسناد المدرسي من اجل مقاومة الفشل المدرسي والانقطاع المبكر عن الدراسة. ويتكون هذا المشروع من ثلاثة عناصر اساسية أولها دعم تنمية القدرات التقنية والتكنولوجية من اجل الرفع من التشغيلية من خلال تنمية المناهج التقنية والتكنولوجية في المدارس الاعدادية والمعاهد والرفع من عدد التلاميذ في هذه المؤسسات التربوية خاصة الفتيات ودعم اصلاح منظومة التوجيه المدرسي، ودفع التعاون بين القطاع العام والقطاع الخاص في مجال تكوين التلاميذ في المواد التقنية والتكنولوجية، وتأهيل خدمات الاطعام المدرسي. اما العنصر الثاني فيتمثل في تنمية القدرات الرقمية وضمان نفاذ مندمج للهياكل الدراسية من خلال دعم القدرات الرقمية للتلاميذ ووضع اليات تكوين رقمي عن بعد وتكوين المكونين والمتفقدين والاساتذة في هذا المجال ووضع اليات لمتابعة جودة التكوين ولمتابعة المسار التعليمي للتلاميذ. ويتمثل العنصر الثالث في دعم المنظومة الاعلامية والاحصائية في مجال التربية وتكوين المعنيين بالإصلاح التربوي وتمويل الحملات التحسيسية والاعلامية لهذا الاصلاح وتقديم الدعم الفني للهيكل المعني بتنفيذه. وتبلغ فترة سداد القرض 19 سنة منها 7 سنوات امهال وبنسبة فائدة قدرها صفر فاصل 4 بالمائة. وبعد رفض مجلس نواب الشعب المصادقة على مشروع القرض يمكن للحكومة ان تعيد طرحه من جديد على البرلمان لكن بعد مضي ستة أشهر.