لا عدو دائم ولا صديق دائم وما الديمومة الا للمصالح.. هكذا هو الوضع العام داخل نداء تونس بعد ان قرر فتح ابوابه لعدد واسع من ابنائه الغاضبين، ليكون المنسق العام لحزب تونس اولا رضا بلحاج اول العائدين الى حضيرة الحزب في اطار اعادة ترتيب البيت الداخلي وتسوية كل الخلافات العالقة لسببين اثنين أولهما انهاء مهام رئيس الحكومة يوسف الشاهد وثانيا الاستعداد للاستحقاق الانتخابي القادم بشقيه التشريعي والرئاسي. عداء حافظ قائد السبسي لرضا بلحاج وجد ما ينهيه، بعد ان تحددت أهداف عودة بلحاج للنداء وبعد ان تنازل قائد السبسي الابن عن نرجسيته السياسية لفائدة العائدين الى الحزب الذي خسر جزءا كبيرا من عوامل نجاحه لتظهر نتائج الانتخابات البلدية التراجع الواضح للحزب الاول. دائرة المصالح عودة بلحاج ستفتح الأبواب امام شخصيات اخرى، شخصيات ترى ان التحاقها مجددا بالحزب سيخلق لمسة"سحرية" لإعادة التوازنات السياسية، بيد ان هذا القول سيصطدم بواقع الربح والخسارة ويدرج ضمن دائرة المصالح. فمنذ مغادرته للنداء وعمله على تأسيس حركة تونس اولا لم يترك بلحاج صفة الا واطلقها على حزب "خصمه" ليؤكد في عدد واسع من التصريحات الإعلامية "ان النداء انتهى سياسيا وانه واقع تحت هيمنة واستبداد شخص ابن الرئيس، وان التداخل بين الحزب والعائلة والحزب امر واضح وجلي، وان النداء شبيه بما عاشه حزب المؤتمر من اجل الجمهورية". عوامل سرعت بإنشاء حزب تونس اولا، حزب استمد تفاصيله السياسية وهيكلته ذات التوجه الذي حمله نداء تونس منذ تاسيسه، ليتقاطع بلحاج وحزبه مع كل من رئيس الاتحاد الوطني الحر سليم الرياحي والامين العام لمشروع تونس محسن مرزوق في اطار جبهة الإنقاذ، جبهة لم تكن عنوانا سياسيا بقدر ماهي عنوان وعلامة تجارية سرعان ما عرفت نهايته بعد ان غادرها مرزوق اثر ترتيب واضح بينه وبين رئيس الحكومة يوسف الشاهد للإطاحة بالرياحي. ومع نهاية جبهة الإنقاذ عاد بلحاج ليؤسس لتجربة جديدة تحت عنوان الائتلاف المدني حيث خاض من خلاله تجربة الانتخابات البلدية ضمن قائمات حزبية وائتلافية ومستقلة لتكون الهزيمة مدوية لتنتهي معها التجربة مجددا. وبات ادراك بلحاج ان المستقبل السياسي لا يكون من خلال تجارب مع احزاب لا حجم ولا انتشار لها كما حصل مع سعيه لدمج حزبي تونس اولا وحزب البديل لصاحبه مهدي جمعة في حزب واحد فكان لا بد من بدائل حقيقية ومتحركة. الانتخابات القادمة في البال والثابت ان بلحاج يعي جيدا ان بقاءه في حزب تونس اولا لا معنى له سيما وان الانتخابات القادمة لن تكون بالسهولة المنتظرة لشدة المنافسة وهو ما قد يؤدي الى نهاية محتملة لحزبه، ويدرك بلحاج ان رهن مستقبله في حزبه الصغير سينهيه سياسيا بعد الانتخابات فكان لابد من القفز قبل ان تعود ماكينة النداء لتشتغل من جديد عله يحظى بفرصة جديدة داخل الحزب. ويعرف بلحاج ان النداء في أوج أزمته السياسية بعد تمرد نوابه وقياداته الجهوية والمحلية وبالتالي فان الريح مواتية للتموقع من جديد، في ظل تنامي الاحباط الذي يعيشه حافظ قائد السبسي بعد الانتصار الذي حققه يوسف الشاهد إلى حد الآن داخل الحزب سواء عبر إقناع ثلثي الكتلة بالالتحاق به او عبر الدفع بالهيئة للاجتماع واتخاذ قرارات جرئية أهمها الدعوة الى مؤتمر ديمقراطي. "انسحاب المنسق العام للحزب لم يكن متوقعا داخل الحزب، وهو ما دفعنا لاصدار بيان مقتضب عبرنا فيه عن قبولنا لاستقالة سي رضا" هكذا كانت اجابة القيادي بحزب تونس اولا طارق الشعبوي. واضاف الشعبوني -احد الممضين على وثيقة قبول استقالة بلحاج- ان الحزب سيواصل التزاماته تجاه أنصاره ومناضليه وانه لا يمكن مد اَي تصريح في هذا الخصوص في انتظار الاجتماع الذي تمت الدعوة اليه اول امس الاربعاء والصادر في بيان الحزب. ويبقى الأهم، ماهو الثمن الذي قد يقبضه بلحاج مقابل العودة الى النداء وفِي وقت اشتدت فيه الازمة داخل الحزب حول شخص المدير التنفيذي؟وهل يكتمل مثلث النداء بالتحاق محسن مرزوق الى جانب بلحاج وحافظ قائد السبسي؟ خليل الحناشي