شهدت أسعار النفط في اليومين الأخيرين انتعاشة طفيفة ليرتفع سعر البرميل إلى حدود ال74 دولارا بعد أن عرف انزلاقا وصف بالتاريخي منذ مطلع السنة الجارية، لكن هذه الانتعاشة مازالت تطرح العديد من المخاوف في ما يتعلق بالتوازنات المالية للبلاد لاسيما أن الفرضية التي تضمنها قانون المالية لسنة 2018 المتعلقة بسعر النفط التي قدرت ب54 دولار تبقى مستبعدة إن لم تكن مستحيلة. ومع انطلاق الحكومة في الإعداد لقانون المالية لسنة 2019، يرى العديد من الخبراء في الشأن المالي أن الحكومة اليوم مطالبة بإيجاد موارد تعبئة جديدة لتغطية النقص الذي ستخلفه الفرضيات «المغلوطة»، خاصة أن الفرضيات المتعلقة بسعر الصرف وسعر برميل النفط من أهم الفرضيات التي من المفروض أن تكون دقيقة وصحيحة لان كل اختلال فيها له تداعيات وخيمة على بقية الفرضيات وعلى الموازنة العامة برمتها. وهو ما يتطلب ضرورة إعداد قانون مالية تكميلي لسنة 2018 يصحح كل الفرضيات قبل التحضير لقانون المالية الأصلي للسنة المقبلة، حتى لا تتأثر التوازنات المالية للدولة خاصة أن الوضع الاقتصادي للبلاد يعاني من أزمات متتالية. وكان وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة خالد قدور قد بين في وقت سابق أن تسجيل ارتفاع بنسبة 10 دولار في سعر البرميل في ما بين شهرين سينعكس سلبا على ميزانية الدولة، حيث أن ارتفاع برميل النفط بدولار واحد له كلفة على ميزانية الدولة بحوالي مائة مليون دينار، فضلا عن انخفاض قيمة الدينار التونسي حيث أن انزلاق الدينار ب10 مليمات فقط له انعكاس سلبي على ميزانية الدولة بحوالي 30 مليون دينار. كما حذر البنك المركزي التونسي مؤخرا من مزيد تفاقم عجز الميزان الطاقي خلال الأشهر القادمة بفعل تجاوز ارتفاع سعر البترول وتجاوز البرميل عتبة 75 دولارا في الأسواق الدولية وتراجع الإنتاج الوطني تزامنا مع تواصل توسع عجز الميزان التجاري، خلال الربع الأول من العام الجاري، رغم تسجيل الصادرات لارتفاع في بعض المواد على غرار زيت الزيتون والصناعات المعملية. وتزامنا مع هذا الوضع، من المنتظر أن تشهد أسعار المحروقات في تونس ارتفاعا آخر في شهر سبتمبر المقبل بعد أن رفعت الحكومة في مرحلة أولى في بداية العام الجاري يليها ترفيع ثان في غرة أفريل المنقضي ب50 مليما، وترفيع ثالث كان خلال الشهر المنقضي وعللت وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة هذا الترفيع بأن مرده تفعيل آلية التعديل الآلي التي تحتم الزيادة في أسعار المحروقات كل ثلاثية من سنة 2018. وبالرغم من أن قانون المالية الجديد لسنة 2019 لن يتضمن ضرائب إضافية على المؤسسات المشغلة والمصدرة، حسب ما أعلنه عنه مؤخرا رئيس الحكومة يوسف الشاهد، إلا أن المخاوف تبقى قائمة بشان إيجاد مصادر جديدة لتغطية النقص الذي ستخلفه الفرضيات «المغلوطة» و»الخاطئة» .