هل من تناقض بين التصريح الذي أدلى به المستشار الأول لرئيس الجمهورية نور الدين بنتيشة وبين تدوينة الناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية سعيدة قراش؟ ففي الوقت الذي أعلن فيه بنتيشة عن غياب أية استشارة لرئيس الدولة من قبل رئيس الحكومة قبل تعيينه وزير الداخلية الجديد هشام الفراتي، سارعت الناطقة الرسمي باسم رئاسة الجمهورية سعيدة قراش بالتدوين على صفحتها الرسمية قائلة «في ما يخصّ تعيين وزير الداخليّة الجديد، وتفاديًا لأي تأويلات مجانبة للصواب، يهمّ رئاسة الجمهورية أن توضّح أن رئيس الحكومة اتّخذ قراره بتعيين وزير الداخليّة في إطار صلاحيّاته الدستوريّة، وأن الإعلان على هذا التعيين تمّ بعد إعلام رئيس الجمهورية». تداخل المواقف بين «الرفيقين» بدا للبعض مؤشرا على حجم «التشنج» الحاصل داخل مؤسسة الرئاسة، لا سيما وأن تصريحات وقراءات تحدثت في الآونة الأخيرة عن تداخل المهام بين مستشاري الرئاسة إلى جانب الحديث عن تململ في محيط رئيس الجمهورية وعن خلافات حادة بين مستشاريه وانخراطهم في لعبة التوازنات السياسية وأزمة حزب نداء تونس، التي ألقت بظلالها على كامل مفاصل الحكم من برلمان الى الحكومة ومنها الى الرئاسة، ما أحدث حالة إرباك صدرها الحزب إلى مختلف مؤسسات الحكم في تقدير الكثير من المتابعين والسياسيين . انتقادات وانتقدت تصريحات سابقة ما يحصل داخل النداء خاصة من جانب تأثيره على عمل القصبة وقصر قرطاج وبخصوص ما بدا تناقضا في موقف مستشاري الرئيس سارع عضو المكتب السياسي بحزب التيار الديمقراطي شكري الجلاصي بتدوين ان «تصريح سعيدة ڤراش المضاد لتصريح بنتيشة يعلن بداية الانشقاق الرسمي داخل قصر قرطاج نفسه ويفيد أنّ رئيس الجمهورية لم يعد مسيطرا حتى على معاونيه المحيطين به وهذه نهاية حتمية لكل حزب تأسس على طموح شخصي لفرد». وأضاف الجلاصي في تدوينة له «كلّ ما يحدث الآن سبق وتنبّأنا به في حينه أثناء الحملة الانتخابية ل2014 ليس لأنّنا ندَّعي في العلم معرفة ولكن لأنّ كل التجارب المشابهة انتهت بنفس النهاية الكارثية ولأننا أيضا نعرف تاريخ ومعدن كل قيادات ومؤسّسي الحزب، بالإضافة لعامل السنّ وثقافة الباجي قائد السبسي نفسه غير الديمقراطية والفاقدة لأي مشروع سياسي يتناسب مع تونس الثورة،». بنتيشة ينفي في المقابل وعن تناقض موقفه مع ما جاء في تدوينة سعيدة قراش قال المستشار الأول نور الدين بنتيشة في تصريح ل«الصباح» انه لا وجود لأي تناقض بين تصريحه وبين تدوينة قراش وعلى العكس تماما وان كلاهما يؤكد صحة الآخر ولا يحمل أي تناقض». وأضاف بنتيشة إن تماهي موقفه مع موقف قراش يحمل تأكيدا على وحدة الموقف وانه لا يتحمل القراءات الخاطئة لؤلئك الذين لا يحسنون القراءات السياسية»، على حد تعبيره. وقد علمت «الصباح» ان رئيس الجمهورية كان على علم بتعيين وزير للداخلية حيث قدم له رئيس الحكومة 3 أسماء ليختار منها اسما واحدا، وبعد التشاور تم استبعاد احد الأسماء ليقع النقاش لاحقا حول الشخصيتين المتبقيتين، ليخلص الرئيس إلى اسم هشام الفراتي كوزير للداخلية عوضا عن الوزير المقال لطفي براهم وخلفا للوزير بالنيابة غازي الجريبي. كما علمت «الصباح» ان التشاور حول اسم وزير الداخلية وقع مع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ورئيس كتلة نداء تونس سفيان طوبال في حين عرض «profil» الوزير دون ذكر اسمه على عدد من الشخصيات الفاعلة داخل كتلها على غرار كتلة مشروع تونس والكتلة الوطنية التي يترأسها مصطفى بن احمد. وفِي هذا السياق أكد مصطفى بن احمد في تصريح ل«الصباح» صحة الأسماء الثلاثة المقترحة لتولي وزارة الداخلية، وقال «كنت على علم بوجود ثلاث أسماء لتولي حقيبة الداخلية وان رئيس الحكومة التقى برئيس الجمهورية يوم الثلاثاء الفارط صباحا أي يوم إعلان الاسم الجديد للوزير. وأكد بن احمد أن تلقيه لاسم وزير الداخلية الجديد كان عشية الثلاثاء. ويذكر ان رئيس الحكومة قد أكد خلال حواره الأخير لوكالة تونس إفريقيا للأنباء على ضرورة تعيين وزير للداخلية.