لم يتوقف الجدل منذ إعلان رئيس الحكومة يوسف الشاهد، الثلاثاء 24 جويلية 2018، تعيين هشام الفوراتي على رأس وزارة الداخلية خلفا للوزير السابق لطفي براهم الذي أقيل منذ أكثر من شهر ونصف. انقسمت الساحة السياسية إلى فريقين ؛ أحدهما داعم لتعيين الفوراتي على راس الداخلية و ال0خر رافض . ولعل أحد أبرز الأسباب التي دفعت ثلة من الفرقاء السياسيين الى رفض الوزير الجديد على الرغم من أنه ابن مؤسسة الداخلية منذ حوالي عشرين سنة، هو تصريح النائب عن حركة النهضة أسامة الصغير الذي أكد أن رئيس الحكومة أعلم مسبقًا الحركة بمقترح تعيين الفوراتي وزيرًا للداخلية، معتبرا أن "هشام الفوراتي ينسجم مع الخيار الذي بنت عليه النهضة دعمها للحكومة"، الأمر الذي أثار حفيظة عدد من السياسيين. و انتقد النائب بالبرلمان والمتحدث باسم حركة نداء تونس منجي الحرباوي هذا التعيين المفاجئ الفوراتي، معللا ذلك بأن رئيس الحكومة لم يستشر أحدًا بخصوص تعيين وزير الداخلية الجديد باستثناء حركة النهضة مضيفًا أن "تعيين وزير داخلية جديد هو ضروري ولكن المستهجن والغريب أنه إذا اعتقد الشاهد أن للحكومة سند سياسي وأنها منبثقة عن الحوار الوطني فلماذا لم يستشر أحدًا في هذا التعيين؟". في المقابل، أكد رئيس الحكومة يوسف الشاهد استشارة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي والكتل البرلمانية المساندة للحكومة قبل تعيين وزير الداخلية الجديد هشام الفوراتي. وأشار الشاهد في تصريح لإذاعة "شمس اف ام" إلى ضرورة بقاء وزارة الداخلية دائمًا فوق كلّ التجاذبات والحسابات السياسية. وشدّد الشاهد على أن تكون وزارة الداخلية دائما فوق كل التجاذبات والحسابات السياسية، مشيرا إلى أن الفوراتي شخصية بعيدة عن التجاذبات السياسية والحزبية، فضلا عن كونه ابن الوزارة بما أنه يعمل فيها منذ أكثر من 20 سنة وهو ملم بالملفات الأمنية. تصريح رئيس الحكومة كذبه المستشار السياسي لرئيس الجمهورية، نور الدين بن تيشة الذي أكد أنّ الشاهد لم يستشر السبسي في تعيين وزير الداخلية الجديد. وأكد بن تيشة أن رئيس الجمهورية مثلما سبق أن عبّر عن رفضه للتكلّم باسمه فإنّه يرفض الترويج لما سماه ب"معطيات غير دقيقة" حول تعيين وزير الداخلية، مشدّدا على أنّ التعيين تمّ دون استشارة رئيس الجمهورية. ولم يتوقف الجدل عند هذا الحد، بل دخلت المتحدثة باسم رئاسة الجمهورية سعيدة قراش بدورها على الخط، لتكذب بن تيشة. و أكدت قراش أن الشاهد اتخذ قرراه بتعيين وزير الداخليّة في إطار صلاحيّاته الدستوريّة. وأوضحت قراش، في تدوينة على صفحتها على "فيسبوك"، أنه تفاديا لأي تأويلات مجانبة للصواب، يهم رئاسة الجمهورية أن توضح أن رئيس الحكومة اتّخذ قراره بتعيين وزير الداخليّة في إطار صلاحيّاته الدستوريّة، وأن الإعلان عن هذا التعيين تمّ بعد إعلام رئيس الجمهورية. ومن المنتظر أن يقع اليوم الحسم في تعيين الفوراتي وزيرا للداخلية من عدمه، في الجلسة الخاصة بمنح الثقة للوزير الجديد. و تختلف التوقعات حول نتائج التصويت التي ستفضي إليها الجلسة. و كان النائب عن نداء تونس المنجي الحرباوي قد أعلن أمس أن الكتلة ستصوت ضد منح الثقة للوزير، فيما صرحت النائب انس الحطاب أن 20 نائبا من النداء سيمنحون الثقة له. ومن جهته، أعلن رئيس كتلة حركة النهضة نورالدين البحيري أن كتلة الحركة ستمنح ثقتها الفوراتي. فيما اجتمعت أصوات أحزاب المعارضة على قرار عدم منح الثقة اليه، حيث قال النائب عماد الدايمي، عن حزب "حراك تونس الإرادة"، إن حزبه لن يمنح الثقة للوزير، مشيرا في حوار لإذاعة "شمس"، إلى أن "الوزير ليس وزيرنا والحكومة ليست حكومتنا ولن نمنحه الثّقة... ورئيس الحكومة يوسف الشاهد يسعى إلى فرض سياسة الأمر الواقع". ومن جهته ، كتب الأمين العام لحزب "التيار الديمقراطي"، غازي الشواشي، على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك: "في إطار الصراع المحموم بين القصبة وقرطاج ، يبدو أن السيد هشام الفراتي سيكون أول مترشح لمنصب وزير لا يحصل على عدد الأصوات المطلوب لنيل ثقة البرلمان ". بدورهم، أكد نواب من "الجبهة الشعبية" قرارهم بعدم منح الثقة للوزير الجديد. يُذكر أن يوسف الشاهد كان قد عيّن في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء هشام الفوراتي وزيرا للداخلية ليعوض بذلك غازي الجريبي الذي شغل هذا المنصب بالنيابة منذ اقالة لطفي ابراهم يوم 6 جوان المنقضي.