لا تكاد تمرّ إقالة مسؤول كبير أو استقالة حتى تثير كثيرا من الجدل وسط تضارب متواصل للأخبار بين من يؤكّد ومن ينفي في صورة أصبحت مألوفة في المشهد السياسي التونسي، وتنطبق هذه الصورة على تعيين وزير الداخلية الجديد هشام الفوراتي حيث تضاربت الأخبار وتناقضت حول استشارة رئيس الحكومة يوسف الشاهد لرئيس الجمهورية قبل الإعلان عن تسميته. الناطقة باسم رئاسة الجمهورية سعيدة قراش، أكّد يوم أمس الخميس أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد اتّخذ قرار تعيين وزير الداخلية الجديد هشام الفوراتي في إطار صلاحياته الدستورية. وقالت قراش في تدوينة نشرتها اليوم على صفحتها الخاصة بموقع "فايسبوك": "تفاديا لأيّة تأويلات مجانبة للصواب، يهم رئاسة الجمهورية أن توضّح أن رئيس الحكومة اتّخذ قراره بتعيين وزير الداخليّة الجديد في إطار صلاحيّاته الدستوريّة، وأن الإعلان عن هذا التعيين تمّ بعد إعلام رئيس الجمهورية". وجاءت تدوينة قراش بعد ساعات قليلة من تصريح زميلها في رئاسة الجمهورية ، نور الدين بن تيشة اكد فيه أنّ رئيس الحكومة يوسف الشاهد لم يستشر رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في تعيين وزير الداخلية الجديد وانه اكتفى باعلامه بذلك. وقال بن تيشة في تصريح سابقإنّ رئيس الجمهورية مثلما سبق أن عبّر عن رفضه للتكلّم بإسمه فإنّه يرفض الترويج لما أسماه ب"معطيات غير دقيقة" حول تعيين وزير الداخلية، مشدّدا على أنّ التعيين تمّ دون استشارة رئيس الجمهورية. كما رفض بن تيشة التعليق على أسباب إقدام الشّاهد على تعيين وزير في حقيبة سيادية دون العودة إلى رئيس الجمهورية. وكانت رئاسة الحكومة قد أعلنت أوّل أمس الثلاثاء 24 جويلية 2018 عن تعيين هشام الفوراتي وزيرا جديدا للداخلية لتعويض غازي الجريبي الذي شغل هذا المنصب بالنيابة منذ إقالة لطفي ابراهم يوم 6 جوان المنقضي. قال رئيس الحكومة يوسف الشاهد ، أنه قام باستشارة رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي والكتل البرلمانية المساندة للحكومة قبل تعيين وزير الداخلية الجديد هشام الفراتي. واعتبر الشاهد أن وزير الداخلية الجديد شخصية بعيدة كل البعد عن التجاذبات السياسية و الحزبية و هو إبن الوزارة، وفق تعبيره. تجدر الإشارة الى أن الدستور التونسي لا يحتم على رئيس الحكومة يوسف الشاهد استشارة رئيس الجمهورية عند تعيينه وزير داخلية إذ ينص الفصل 89 من الدستور على أن الحكومة تتكون من رئيس ووزراءَ وكتّاب دولة يختارهم رئيس الحكومة وبالتشاور مع رئيس الجمهورية بالنسبة لوزارتيْ الخارجية والدفاع. كما ينص الفصل 92 من الدستور على أن يختص رئيس الحكومة بإحداث وتعديل وحذف الوزارات وكتابات الدولة وضبط اختصاصاتها وصلاحياتها بعد مداولة مجلس الوزراء. ويختص رئيس الحكومة بإقالة عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة أو البت في استقالته، وذلك بالتشاور مع رئيس الجمهورية إذا تعلق الأمر بوزير الخارجية أو وزير الدفاع، ويمكن لرئيس الحكومة، وفق ذات الفصل إحداث أو تعديل أو حذف المؤسسات والمنشآت العمومية والمصالح الإدارية وضبط اختصاصاتها وصلاحياتها بعد مداولة مجلس الوزراء، باستثناء الراجعة إلى رئاسة الجمهورية فيكون إحداثها أو تعديلها أو حذفها باقتراح من رئيس الجمهورية.