شهدت حفلات الدورة 54 من مهرجان قرطاج الدولي خلال الأسبوع المنقضي سهرة ثانية للفنانة أمينة فاخت (الثلاثاء 24 جويلية) ولم تخيب الديفا التونسية آمال جمهورها فتألقت أكثر واستعادت بريقها وجنونها بعد سهرة أولى جددت خلالها علاقتها بركح قرطاج.. جمهور أمينة كان أكبر في سهرتها الثانية وحضر بأعداد غفيرة حتى أن البعض من معجبيها اقتطع تذاكر للسهرتين.. نجاح مستحق لفنانة تونسية تثبت دوما أنها من طينة خاصة واستثناء في مشهد موسيقي محلي في حاجة ل»استفاقة» والوقوف على الكثير من الإشكاليات على مستوى التسويق والانتاج. ولعّل الكثيرات من صاحبات الأصوات الجميلة ظنن أن امتلاكهن لهذه الهبة يكفي ليكن «ملكات» على مسرح قرطاج.. هالة المالكي الفنانة التونسية الغائبة منذ سنوات والتي يعيدها مدير الدورة 54 لمهرجان قرطاج مختار الرصاع (حسب تصريحه في الندوة الصحفية للمهرجان) للركح بعد ظهورها في برنامج قناة «أم.بي.سي» أحلى صوت أو «ذي فويس» سقطت للأسف في فخ التمكن والأداء المتقن لأغاني الغير.. نعم من الممتع الاستماع لهالة المالكي من فترة إلى أخرى أو في برنامج تلفزيوني للمواهب العربية تغني لكوكب الشرق أو لوردة الجزائرية وحتى لموسيقار الأجيال بكل هذا التمكن لكن أين هي بصمة هالة المالكي الخاصة هل أصبح محمد عبد الوهاب موسيقار الأجيال من فراغ !وهل هالة المالكي الصوت الوحيد الرائع والمميز.. الأصوات الطربية و»المؤدية» لأغاني عمالقة الفن العربي والغربي كثيرة لكن من نجح وصار اسما يذكره التاريخ لم ينجح لقدرته على أداء أغاني غيره والأمثلة كثيرة وإنمّا نحت مسيرة أساسها إنتاجه الخاص فكان من الأجدر أن تستعد هالة المالكي أكثر لسهرة قرطاج حتى يكون لهذا الموعد أثر أكبر وأكثر إيجابية على مشوارها الفني الذي مازال في بداياته فبعد تعثر سنوات تعود هالة المالكي لقرطاج تتمايل على ركح بغرور واضح وهي تردد أغاني غيرها من المطربين !! وفي أحيان كثيرة تدير ظهرها للجمهور وكأنها مستاءة من شيء ما.. تنادي بين الحين والآخر على «مهندس الصوت» لتذكره بوجود إشكال ما ثم تخاطب قائد الفرقة الموسيقية «أحمد الشايبي» بتشنج واضح.. هذه التصرفات التي لونت حضور هالة المالكي على الركح لا تعكس حرفيتها ورغبتها في تقديم حفلة دون أخطاء وإنمّا تعبر من منظورنا على تعاليها فالفنان الحقيقي يخاطب جمهوره، يحادثه، يتفاعل معه، يعد كل تفاصيل حفلاته ويحضر «بروفات» قبل العرض حتى لا يتفاجأ بمثل هذه الثغرات. سهرة (الجمعة 27 جويلية) على ركح المسرح الأثري بقرطاج مع هالة المالكي حضرها عدد محترم من الجماهير تمتعت في البداية بصوتها الطربي وقدرتها على أداء أعمال العمالقة أكثر من تفاعلها مع أغانيها الخاصة على غرار «والله نحبك» فهالة المالكي أستاذة أداء لكن في حاجة لعطاء أكبر على الركح وقدرة أعمق في التواصل مع جمهورها والبحث عن أعمال تضفي التألق على صوتها المميز لا أن تكتفي بأغاني تتشابه الكثير من إيقاعاتها بالمستهلك في موسيقانا التونسية. في سهرة هالة المالكي حضرت وردة الجزائرية، سميرة سعيد، ماجدة الرومي، سيلين ديون، درويس داي وغابت صاحبة الحفل هالة المالكي بصوتها الرائع مازالت تملك الكثير من الوقت لإيجاد طريق أجمل لمسيرتها لكن فنان «الأغاني الملتزمة وأشعار الثورة».. صاحب «منتصب القامة أمشي» أضاع خطواته فلم ندرك أننا في أجواء سهرة لمارسيل خليفة إلا من خلال ملامح جمهوره .. جمهور مازال وافيا لفنان فقد الكثير من روح فنه..لا يمكن أن ننكر موهبة «أنامل» رامي خليفة على البيانو وتجديده في أعمال والده لكن هل كان من «الإبداع» التقاء التجربتين!؟ أغلب جمهور مارسيل خليفة في قرطاج غادر دون أن يحظى بسهرة «الحلم» ومع ذلك ظل يردد بإيقاعاته الخاصة أشهر أغاني فنانهم وهم يتوجهون خارج المسرح.. هذه السهرة كانت «خيبة أمل» للكثيرين كما كانت مناسبة للاحتجاج وعكست «أوجاع التونسيين» والجمهور العربي الحاضر في سهرة مارسيل خليفة فرفرت أعلام تونس وفلسطين وسوريا ولبنان في أركان المسرح ورفعت لافتات تدعو للإفراج عن جورج ابراهيم عبد الله وأحمد سعدات وكل الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني..كما دوت صرخة سيدة تونسية في أرجاء المكان «سيب الدواء» وهي تشاهد وزير الصحة العمومية عماد الحمامي يغادر المسرج صحبة عدد من النواب والسياسيين المواكبين لسهرة مارسيل خليفة «الفنان المفضل عند الكثير من ساسة البلاد!» الأسبوع الثاني من فعاليات مهرجان قرطاج قدم طبقا فنيا ثريا بين الطربي والموسيقى الملتزمة وسهرة الفنان الفرنسي ويلي وليام، التي تابعها عدد غفير من الشباب.. عرض لاقى بعض الانتقاد لتزامنه مع احتفالات تونس بعيد الجمهورية (25 جويلية) غير أن هذا «الصخب» الفني منح الكثير من الطاقة والحماس لليافعين من جمهور قرطاج فرقصوا على إيقاعات أغانيه «ego»