اكتفيت بالمهرجانات الصغرى ونشر الثقافة في "الداخل" بعد إبعادنا من المهرجانات الكبرى تونس – الصباح بعد مسيرة طويلة حافلة بالإنتاجات الخاصة لأغان وعروض فنية ذات طابع خاص اختار الفنان أحمد الماجري التوجه إلى التلحين والتعامل مع أبرز الأسماء الفنية في تونس فضلا عن عقد مشاريع في الأفق مع فنانين عرب من بينهم اللبناني راغب علامة. وقد أعلنت أمينة فاخت أنها تعاملت معه في عديد الأعمال ولكنها غنت واحدة فقط "يا بلادي". هذا الفنان تحدث ل"الصباح" عن مآل بقية الأغاني التي تقدمها أمينة فاخت وعن حقيقة مشاركته في المهرجانات الصيفية الصغرى وتطرق أيضا إلى مسائل أخرى نتابع تفاصيلها في الحوار التالي: حاورته نزيهة الغضباني - هل أنت راض عن صائفة 2018 بعد أن استطعت تحيز مكان في خارطة المهرجانات الصيفية وضبط برنامج موسع يمكنك من إحياء عروض في عديد المناطق بالجمهورية؟ هذه مسألة لا أريد الخوض فيها لأنها تؤلمني بقدر سعادتي بما تحقق خاصة أني سألاقي جمهورا في مناطق مختلفة من جهات الجمهورية على غرار المروج ورأس الجبل وشربان ووادي مليز والعالية والقنطاوي وغيرها. رغم أن هذه العروض أقدمها بمقابل زهيد. والأهم بالنسبة لي هو نشر الثقافة والفن في مثل هذه الربوع. لماذا هذا الرفض؟ مثلما قلت يحز في نفسي كفنان تونسي ألا أكون في المهرجانات الدولية الكبرى. وأكتفي كغيري من الفنانين بالمشاركة في المهرجانات الصغرى. لأني بذلك أقدم خدمات ثقافية لبلدي وأبناء وطني خاصة في الجهات المهمشة والمحرومة ويرافقني في عرضي الذي أقدمه هذه الصائفة ثلة من خيرة الموسيقيين المحترفين من عديد جهات الجمهورية. - ولكن هل تنكر أنك حاضر بشكل آخر في المهرجانات الكبرى من خلال أغانيك؟ صحيح أني قدمت ألحانا لعدد كبير من الفنانين في تونس وبعضهم يقدم هذه الأغاني ضمن فقرات عروضه والبعض الآخر يرى غير ذلك. ولكن وجود الفنان أيضا في مثل هذه المهرجانات الكبرى هام خاصة أنها تنتظم تحت عنوان "خدمات ثقافية" للمواطن التونسي من أجل مقاومة الإرهاب والدفع لحب الحياة وتخصص لها ميزانيات جد مرتفعة وتخصص أيضا أسعار خيالية لفنانين أجانب وغيرهم. - على ذكر الأغاني أعلنت أمينة فاخت في الندوة الصحفية التي عقدتها قبل عرضيها بمهرجان قرطاج الدولي أنها ستغني في عرضها أعمالا من ألحانك ولكنها لم تقدم سوى أغنية واحدة. فما هو تفسيرك لذلك؟ أعترف أني تعاملت مع الفنانة أمينة فاخت في أكثر من عمل وقدمت لها ست أغاني كانت ثمرة تجربة متواصلة معها على امتداد ثماني سنوات وهي أغان تمت في إطار ورشات في الكتابة والتلحين ولكنها اختارت في حفليها الاكتفاء بأغنيتي "يا بلادي" التي كتبت كلماتها حنان ثم انها أثناء الحفل لم تعلن عن أسمي كملحن. وهذا الأمر يرجع لها وحدها لأني أيضا حر في تحديد مصير بقية الأعمال الأخرى. - هل تعني ذلك أنك ستوقف التعامل معها؟ في الحقيقة أنا تحصلت على مستحقات أغنية فقط والبقية لم نتفق حولها ولم تثر هي هذه المسألة لذلك أنا حر في أعمالي خاصة أن هناك طلبات عديدة للتعامل مع ألحاني. وإيقاف التعامل أو مواصلته مسألة غير مطروحة بالنسبة لي اليوم. - بم تفسر الإقبال المسجل من قبل رموز الغناء في تونس وأيضا العرب على ألحانك في هذه المرحلة تحديدا؟ في الحقيقة أنا ألحّن منذ سنوات وهذا المجال ليس جديدا بالنسبة لي وليس لي إشكال مع أحد في الوسط الموسيقي والفني في تونس ولكن عوامل عديدة كانت وراء تزايد الإقبال على ألحاني خلال السنوات الأخيرة ولم أعمل على إشهارها بل تركت الأمور تجري في كنف "العادية" أذكر من بينها أني مواظب على العمل وتقديم الألحان الانتاجات الجديدة، فضلا عن كون ألحاني تتميز بإحساس خاص يشبه كل التونسيين وتمس كل الأجيال تقريبا. ولا ننسى العامل الآخر المتمثل في أن الساحة الفنية في تونس أصبحت شبه خالية من الملحنين باستثناء محافظة البعض على العمل بصفة غير مسترسلة. ويكفي أن أستشهد على ذلك بغياب محمد الماجري والناصر صمود وانسحاب أسماء أخرى رائدة في التلحين بسبب عامل السن والصحة مقابل انتشار "الرداءة" وانخراط أعداد كبيرة من الفنانين خاصة منهم الشباب في هذه النوعية من الأغاني التي تسيء للذوق العام والثقافة التونسية التي يفترض أن نتجند للدفاع عنها وتطويرها ونشرها على مستوى إقليمي عربي. - على حد علمي هناك محاولات للتعامل مع فنانين أجانب وتحديدا عرب، فهل هذا صحيح؟ نعم وبكل تأكيد، إذ بعد التعامل مع كل من حسن الدهماني في عملين وفيصل الرياحي ونوال غشام وكريم شعيب وألفة بن رمضان في "توحشتك" التي كتب كلماتها حاتم القيزاني ومروان علي في "اسأل نانا واسأل ليلا" التي كتب كلماتها الجليدي العويني هناك مشروع تعامل في اللحن مع الفنان اللبناني راغب علامة وغيره. ولا أخفي سرا إذا قلت أن هناك مشاريع تعاون في الأفق مع كل من صابر الرباعي ومنيرة حمدي ونور شيبة وغيرهم. - قلت إن أعمالك الأخيرة كانت نتيجة لورشات، فماذا تقصد بذلك؟ اخترت أن تكون أعمالي في شكل ورشات متكاملة تشارك فيها الأطراف التي لها علاقة بالأغنية من شعراء وملحنين وموسيقيين وفنانين لأنها الطريقة الأمثل لإنتاج عمل متميز. وقد نجحت التجربة وأثمرت عديد الأعمال والتعاملات في السنوات الأخيرة. وما ساهم في إنجاح ذلك أن الشعراء المشاركين فيها يؤمنون بأن الكلمة والمعنى النبيل والهادف هو اللبنة الأولى لنجاح العمل ليأتي في مرحلة ثانية اللحن وتعبيرة الأحاسيس التي أضعها وفق بصمتي في التلحين وبتشريك الفنان في العملية. - من هم الشعراء الذين تعاملت معهم في هذه الورشات؟ في الحقيقة القائمة مطولة وموسعة وليست نهائية ولكن لكل عمل نفسه ولكل شاعر غنائي بنية وصور شعرية وهذا الانفتاح مكنني من تقديم أعمال مختلفة ولأذكر من بين هؤلاء الأخوين حبيب وحسين المحنوش والشاذلي القرواشي فضلا عن حاتم القيزاني والجليدي العويني وحنان قم وغيرهم. - توجهك واهتمامك بالتلحين هل قلص من فرص تقديمك لأغان جديدة بصوتك؟ أنا فنان وأشتغل في قطاع التربية كمدرس للموسيقى، يعني أعترف أنني لا أستطيع التخلص من "ذاتي" الفنية. والغناء هو عنواني وخطي الأول. لكن ذلك لا ينفي أن ما سجلته ألحاني من قبول واستحسان من أبرز الفنانين في تونس سيبعدني عن الغناء بل سيوسع من دائرة نشاطي ويفتح لي المجال الأرحب للعمل والإبداع. وبالمناسبة أدعو الفنانين التونسيين الحقيقيين للابتعاد عن المشاكل و"العرك" غير المجدي والوقوف صفا واحدا ضد الرداءة لأننا بهذه الوحدة والقوة يمكننا افتكاك مكانة أفضل في المشهدين الثقافي والمهرجاناتي.