*لا فرق عندي بين النجم والمبتدئ * إلا بالموهبة والاجتهاد * أقول للباحثين عن الانتشار.. «يا داخل مصر منك ألوف»! * عوضوني في المجمع العربي بدكتور في التنظير الموسيقي! ضيفنا هو أستاذ الموسيقى وملحن ممتاز لعديد الأغاني والموسيقى التصويرية لعديد المسلسلات والأفلام. كما أنه ترأس مصلحة الموسيقى بالإذاعة الوطنية وأيضا إدارة الموسيقى بوزارة الثقافة وتحصل على عديد الجوائز في مهرجانات الموسيقى التونسية كما أشرف على الفرقة الوطنية للموسيقى وساهم في اكتشاف عديد المواهب من خلال برامج تلفزية لعبت دورا كبيرا منذ الستينات. ضيفنا هو الموسيقار حمادي بن عثمان الذي تحدث إلينا بصدر رحب.. أين أنت أم أن إبداعك تقاعد هو الآخر؟ - المبدع في الشعر والتلحين والغناء والصحافة أيضا لا يعترف بالتقاعد فأنا موجود وأشتغل ولست مكتوف الأيدي بدليل أنني أعددت انتاجا موسيقيا للشابة ألفة البرهومي وعدة أغنيات لسمية الحثروبي وأنا بصدد إعداد أغنيتين لبوشناق وبعض الأغنيات لرؤوف عبد المجيد وهيثم هلال ويسرى المحنوش وستظهر هذه الأعمال في القريب. فأنا دأبت على تشجيع الشبان والتعامل مع الفنانين الكبار وهذا أمر طبيعي ولا أقف عند مطرب معين. ما الفرق بين مطرب نجم وبين موهبة صاعدة؟ - الفرق في التجربة فقط فالمطرب الكبير له الشيء الكثير من الخبرة وهذا يجعل من نوعية التجربة أعمق وأكبر من حيث التمكّن مع الاجتهاد في تقديم شيء ما في مسيرة هذا الفنان الذي سيقدّم هو أيضا الإضافة للأغنية والقصيدة في حين أن المطرب الشاب مازال يتحسس طريقه فدوري هو أن أضعه على الطريق الصحيح مع ما يتلاءم مع إمكاناته لإبراز محاسن صوته وتطوير طريقة أدائه، فأنا لحنت لعديد المواهب في بداياتها مثل ذكرى ونجاة ونوال والشاذلي الحاجي وغيرهم. هل تدرس الأصوات التي تتعامل معها أم أنك تبحث عن الجانب المادي؟ - أنا لست ماديا والكل يعرف ذلك بل أكتفي بدعم الوزارة الذي يسلم للفنان فآخذ ما توافق عليه اللجنة، أما بالنسبة لدارسة الأصوات وتقييمها فهذا أمر مفروض ومفروغ منه إذ لا يعقل أن «ألعب» باسمي وتاريخي مهما كان المبلغ المالي لذلك أدرس جيدا الامكانات الصوتية للمغني وامتداد صوته لأني أعتقد أن هناك فرقا كبيرا بين المؤدي والمغني والمطرب وهذا الأخير له دور في إضافة جماليات جديدة للحن والكلمة اعتمادا على مقدرته وسعة معلوماته الموسيقية.. لحنت لذكرى ولكن لماذا لم تنجح إلا لمّا هاجرت واستقرت في القاهرة؟ - ذكرى رحمها الله كانت تملك من القدرات الصوتية ما لا يتوفر لغيرها ولها طاقة في الأداء والطرب ما يسحر أذن السامع ولقد تعاملت معها في أول لحن غنته وهو قصيدة «يا هوى» كلمات المرحوم عبد الحميد خريف ثم واصلت الطريق مع الأستاذ عبد الرحمان العيادي والشاعر المرحوم حسونة قسومة وقد نجحت جل أعمالها من الناحيتين الشعرية والموسيقية إذ كانت جل هذه الأعمال من نوع الموسيقى الراقية والتي بطبيعة الحال لا تخضع للمقاييس التجارية، كما أن أغانيها في مصر كانت بدعم من شركات تجارية وتعاملت مع شعراء وملحنين مختلفين أضافوا لها الكثير وهي أيضا أضافت لهم الكثير ما جعلهم يتنافسون على تقديم أفضل ما لديهم من كلمات وألحان لها قبل المطربات المصريات والعربيات كما أن المبدعين الخليجيين صاروا يبحثون عن موعد لكي تغني من أشعارهم وألحانهم رحمها الله وهي لم تمت لأنها فنانة حساسة وصادقة في الأداء. لماذا لم تنجح عديد الأصوات بعد ذكرى في مصر؟ - هذا يرجع إلى طرق التعامل ولست أدري كيف جرت الاتصالات بين بعض مطرباتنا والملحنين أو مع شركات الإنتاج فهناك من تعرضت إلى عمليات تحيّل وهناك من توقفت الشركة التي تعاملت معها وهناك من وضعت حدا للعقد، وما أعرفه أن كيفية التعامل تتطلب التضحية والصبر والحرفية واحترام بنود العقد والأهم من ذلك لا بد للمطربة من دائرة موسيقية حتى تحسن اختيار ما يلائم صوتها إذ هناك من تقبل أي لحن لأن الملحن معروف لذلك لا بد أن تستشير أهل الذكر و«يا داخل مصر منك ألوف». نجاة عطية هاجرت إلى القاهرة واشترت 10 أغنيات ب300 ألف دينار ولكن لم تنجح هذه الأغاني لا في تونس ولا في مصر؟ - دون التجني على أغانيها الشرقية فأنا سمعتها وأعجبت بأغنيتين ولكن قد تكون نجاة تسرّعت في اختيار الأغاني ولم تتمكن من استشارة أهل الذكر وأعتقد شخصيا أن نجاة التي احتضنتها كابنتي أن نجاحها لا يكون إلا بأغنيات تونسية. ولكنها أكدت أنها اتصلت بعديد الملحنين ولم تجد لديهم جملا موسيقية تشد السامع؟ - نجاح الأغاني تحكمه الظروف والوقت وتكثيف إذاعة الأغاني في القنوات والإذاعات وضرورة تقديمها في الحفلات والمهرجانات والمنوعات مثلما فعلت ذلك عندما كنت مديرا للفرقة الوطنية حيث كنت أفرض على المطربين والمطربات آداء أغانيهم الجديدة حتى يحفظها الجمهور كما لا بد من رعاية شركات إنتاج تؤمن بالأغاني التونسية إلى جانب الدعم الذي تقدمه وزارة الثقافة إذ لولا دعمها لما توفرت أغنيات تونسية ولما تمكن أي مطرب من إصدار أي قرص ليزري. ولكن هذه الأقراص بقيت على الرفوف ولم يغنها أصحابها لأنها دون المستوى؟ - هذا هو التجني بعينه فالأعمال التي قدمت ودعّمت فيها الجيد جدا وهناك المتوسط ولكن كما قلت لا بد أن تبث هذه الأغاني بصفة مكثفة في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية ثم الحكم لها أو عليها.. مصلحة الموسيقى بالإذاعة كانت تقدم عديد الأغاني والقصائد ولكن يبدو أنها نائمة في العسل؟ - فرقة الإذاعة فرقة محترفة ويعود عدم نشاطها وتسجيلها للأغاني الجديدة إلى قرار المسؤولين على الإذاعة والذين يوجه لهم السؤال عن هذا الركود والتقصير في حق الأغنية، فهذه المصلحة كانت وراء بروز عديد الأغاني التي ملأت خزينة الإذاعة والتلفزة أما الآن فقد صارت الإذاعة تعوّل على ما يأتيها من المطربين التونسيين والعرب دون الاستماع إليها.. وماذا عن الفرقة الوطنية؟ - كانت تنتج الأغاني للمطربين وكانت تقدم أغانيهم في كل المهرجانات ومنذ سنوات فقد صارت تكتفي باختيار 4 مطربين يقدمون بعض أعمالهم وأغاني غيرهم وهذا أمر أرفضه لأنه يساهم في الدعاية المجانية للمطربين وللموتى. ولكن جل المطربين يؤكدون أن أغانيهم الجديدة لا تحفظها الفرق لا في المنوعات ولا في المهرجانات؟ - هذا هراء وكلام غير مقبول لأن التلفزة الوطنية تونسية قبل كل شيء ومن واجب منوعاتها أن تقدم الأغاني الجديدة للمطربين التونسيين فالفرقة التي يمكنها أن تتدرب على انتاجات الغير قادرة على أن تتدرب على الإنتاج الجديد المحلي حتى لا تبقى تجتر القديم وهنا لا بد للمنشطين والمنتجين القيام بدورهم وأن يشجعوا الأغاني التونسية ومطربينا الذين يعملون ويجتهدون ولكن أغانيهم ترمى في سلة النسيان. من مهرجان الأغنية إلى مهرجان الموسيقى إلى أيام قرطاج الموسيقية إلى لا شيء فكيف ترى مستقبل هذه التظاهرة؟ - مهرجان الأغنية أو الموسيقى أو أيام قرطاج للموسيقى مكسب ثقافي وفني للبلاد مع ما فيه من إيجابيات وسلبيات إلا أن مهرجان الأغنية تداعى فيه الإنتاج لعدم مشاركة عديد المؤلفين والملحنين والمطربين البارزين لأسباب أهمها الخلط بين ذوي الخبرة والمبتدئين وقد رفض ذلك العديد من المطربين الكبار ولما جاءت أيام قرطاج الموسيقية والتي أعتقد أنها لم تأت في وقتها بل تسرعوا في برمجتها وها أنها توقفت لعودة المسابقة التي أدرجتها إدارة الأيام وكذلك لجنة التحكيم التي ترأسها المصري جمال سلامة وهذا أكبر خطإ في دورة تونسية فالمطلوب من الأيام تشريك فرق بأعمال جديدة وإدخال حركية موسيقية في كامل تراب الجمهورية حتى نحس بأهمية الحدث أما بالنسبة للمسابقة فيمكن إقامة مهرجان وطني خاص بالشبان من شعراء وملحنين ومطربين حتى يعرّفوا بانتاجاتهم وقدراتهم وبإمكان الناجحين المشاركة في أيام قرطاج للموسيقى. إذن أنت ضد المسابقة في الأيام؟ - لا، ولكن أن تكون بين النجوم والمحترفين وليس للهواة ويمكن تشجيع كل أنواع الموسيقى في هذه التظاهرة التي لا أدري هل ستعود أم لا. كنت عضوا ممثلا لتونس في المجمع العربي للموسيقى ولكن يبدو أن الوزارة عوّضتك دون إعلامك؟ - غريب ما حدث فعلا فأنا قمت بالواجب في هذا المجمع بشهادة الأعضاء وأنا موسيقي وأستاذ عكس الذي عوضني فهو دكتور في الموسيقى ولكن نظريا فقط ولست أدري إن كان الوزير يعرف ماذا يعني عضو المجمع أم هو مجرد مزية!! كيف ترى المهرجانات وما حدث مؤخرا؟ - اختلط الحابل بالنابل وكثرت المشاكل من أجل «خبزة القاطو» دون أن تكون لنا انتاجات جديدة تجلب الجماهير. لا بد من مراجعة المقاييس لقبول ملفات الفنانين المطالبين بالعمل على مدار السنة وليس قبل شهر من المهرجانات فهل هناك أغنيات ناجحة؟ لا نريد أن يكون قرطاج مجرد عربون فأمينة وصوفية وبوشناق وصابر ونبيهة ونوال كانوا يعملون ويجتهدون لتقديم الجديد في كل دورة يشاركون فيها مجانا مع الأصوات الجديدة التي يمكن برمجتها في سهرة متنوعة كما أني تألمت لعدم برمجة سهرة خاصة بالراحل علي الرياحي بمناسبة المائوية فهو مبدع حقيقي وله أعمال نادرة شعرا ولحنا وأداء وقد سمعنا كلاما كثيرا حول إقامة العروض والحفلات ولكن للأسف لم نر ولم نسمع شيئا بعد حفل أفريل الذي علق عليه الجميع بأنه متواضع جدا وخال من الإضافة والطرافة. كلمة الختام؟ - شكرا ل«التونسية» وأنا على ذمة الشبان والكبار في دنيا التلحين.. من هو بن عثمان؟ حمادي بن عثمان مولود في 31 جانفي 1946 بتونس. أستاذ موسيقى متحصل على ديبلوم الموسيقى العربية وشهادة ختم الدروس من مدارس الترشيح. ملحن معروف ومتحصل على عدة جوائز وطنية وعربية ومنها الميكروفون الذهبي سنة 1997 في مهرجان الأغنية العربية بالقاهرة في أغنية طال بي الدرب أداء صابر الرباعي وتأليف الشاعر عبد الرحمان عمار (ابن الواحة). قدم العديد من الألحان لأشهر المطربين: علية، ذكرى، صابر الرباعي، لطفي بوشناق، نجاة عطية، سنية مبارك، الشاذلي الحاجي، أسماء بن أحمد، سمية الحثروبي، ليليا وغيرهم.. متخصص في تلحين موسيقى المسرحيات: وضع الموسيقى ل40 مسرحية و12 مسلسلا و9 أفلام. نال جائزة أحسن موسيقى للأعمال الدرامية التلفزية في المهرجان الثاني للتمثيليات العربية سنة 1983. قام بتلحين موسيقى العرض الافتتاحي لألعاب البحر الأبيض المتوسط (2 سبتمبر 2001 بتونس). أدار الفرقة الوطنية للموسيقى (من 1985 إلى 1990). أدار الفرقة الوطنية للفنون الشعبية (من 1985 إلى 1990). أدار المركز الوطني للموسيقى والفنون الشعبية. أشرف على مصلحة الموسيقى بالإذاعة التونسية في مناسبتين (1984-1985) و(1990-1992). انتخب رئيسا للجامعة التونسية للشبيبة الموسيقية (1983). انتخب عضوا بمكتب الجامعة العالمية للشبيبة الموسيقية وبلجنة السنة العالمية للشباب (1985). دعي كمستشار موسيقي لمهرجان قرطاج الدولي في عدة مناسبات. شارك في وضع برمجة المرحلة الثانية (العليا) للتعليم الموسيقي بتونس. له عدة مقالات نقدية في الموسيقى ومقالات حول الموسيقى التراثية والمسرحية المعاصرة. يعد حاليا كتابا عن الطبوع في الموسيقى التونسية والمقامات في الموسيقى العربية بتطبيقات من ألحانه. أدار المعهد الوطني للموسيقى وأشرف على إدارة الموسيقى والرقص بوزارة الثقافة والمحافظة على التراث بتونس. محرز على وسام الجمهورية (الصنف الثالث). محرز على وسام الاستحقاق الثقافي (الصنف الثاني). تحصل سنة 2002 على الجائزة الوطنية في الآداب والفنون في ميدان الموسيقى. ممثل تونس في المجمع العربي للموسيقى إلى حدود 2012.