المديرة العامة لديوان الحبوب تُتابع تقدّم تجميع صابة الحبوب في ولاية باجة [صور]    زلزال بقوة 7.3 درجات يضرب ألاسكا وتحذيرات من تسونامي    رياح قوية متواصلة هذا الخميس في شمال وشرق تونس    الزهروني: منحرف يروّع المواطنين بسيف والأمن يُطيح به في كمين محكم    ملتقى لياج الدولي لالعاب القوى ببلجيكا: التونسي عبد السلام العيوني يحرز المركز الرابع لسباق 1000م    البطولة الافريقية لالعاب القوى للشبان : التونسية فريال شنيبة تحرز برونزية مسابقة الوثب الثلاثي    المنتخب التونسي لكرة السلة يتحول الى اسطنبول لاجراء تربص تحضيري استعدادا للبطولة العربية    سبالينكا لن تشارك في بطولة مونتريال للتنس قبل أمريكا المفتوحة    عاجل/ هيئة الدفاع تكشف عن عدد القضايا المرفوعة ضد سنية الدهماني..    عاجل/ نحو 50 قتيلاً وجريحاً في حريق بمركز تجاري بهذه المنطقة..    ترامب يصف أعضاء الحزب الجمهوري الذين يتهمونه بالارتباط بإبستين ب"السذج"    تأجيل الإضراب في قطاع الفلاحة إلى 20 أوت المقبل بعد جلسة صلحية    عاجل/ رئيس الدولة يسدي هذه التعليمات لوزير الشؤون الاجتماعية..    رئيس الجمهورية يؤكد على ضرورة إعادة هيكلة جملة من المؤسسات التي أُحدثت ولم تُؤدّ مهامها    التفويت بالدينار الرمزي لفائدة مؤسسة مدينة الأغالبة الطبية بالقيروان    ما القصة؟ البلايلي بين المولودية والترجي    زلزال بقوة 7.3 درجة على سلم ريختر يضرب ألاسكا الأمريكية وتحذيرات من تسونامي    كارثة "إير إنديا": تسجيل صوتي يثير شبهات حول تصرف الطيار في قطع وقود المحركات    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    "تعبت".. تدوينة مؤثرة ترافق استقالة مفاجئة للنائبة سيرين مرابط وتثير تفاعلاً واسعًا    الجيش السوري يبدأ بسحب قواته من السويداء تنفيذا للاتفاق مع شيوخ الدروز ووجهاء المدينة    شرب الماء من أجل التخسيس: خرافة أم حليف فعلي للرشاقة؟    تظاهرة «هُنّ» بنابل .. ورشات للمرأة والعائلة... ورسائل ضد إدمان الشاشات    هيئة الدفاع تكشف عن عدد القضايا المرفوعة ضد سنية الدهماني    من التعب إلى التنميل : 11علامة على ارتفاع السكر في الدم... لا تهملها!    دعم الورق المستعمل في صناعة الكتب    تاريخ الخيانات السياسية (17).. .مروان الحمار وخيانة صهره    سوسة القلعة الصغرى .. إلغاء محطة الاستخلاص    يقنعون ضحاياهم بأنهم قادرون على مساعدتهم: ينتحلون صفة محامين ومسؤولين ويلهفون الملايين !    عطر 24 وبوشناق ..وصابر الرباعي للاهتمام ...مداخيل فاقت المليار في الدورة الفارطة    بنزرت: " رحلة أجيال ، من خميس ترنان إلى فيصل رجيبة " تفتتح الدورة 42 لمهرجان بنزرت الدولي    "رَست" و"السارة و النوباتونز" يصدحان بأوجاع الاغتراب في المهجر على ركح مهرجان الحمامات الدولي    كارفور تونس تواكب الدورة 59 من مهرجان قرطاج الدولي    تراجع عائدات صادرات التمور بنسبة 3،8 بالمائة إلى موفى جوان 2025    خلال 6 أشهر: المنطقة السياحية نابل-الحمامات تستقبل أكثر من 325 ألف سائح    الكاف: حجز كميات من المواد الغذائية غير صالحة للاستهلاك    وزارة الدفاع تنتدب.. #خبر_عاجل    عاجل/ انقلاب شاحنة تُقل عاملات فلاحة.. وهذه حصيلة الاصابات    عاجل/ الجيش الاسرائيلي يأمر بتحويل عدد كبير من الطائرات نحو سوريا    البرلمان: عقد جلسة عامة في هذا الموعد تهم جملة من مشاريع القوانين    نابل:كهل ينتحر شنقا    لا تتجاهلها..علامة في يديك قد تدل على هذا المرض    يوم اعلامي حول "المتعامل الاقتصادي المعتمد" بمقر الادارة العامة للديوانة    وزارة التجارة تعلن عن تنفيذ برنامج إستثنائي لتزويد السوق بمادة القهوة الموجّهة للإستهلاك العائلي    الفيفا: الكشف عن موعد الإنطلاق في بيع تذاكر مونديال 2026    تونس: اللحوم الحمراء قد يصل سعرها إلى 80 دينار!    فتح المنصة الخاصة بالتسجيل في خط تمويل بقيمة 5 ملايين دينار لفائدة الاشخاض ذوي/ات الإعاقة    الإعلان عن انطلاق الاستعدادات العمليّة واللوجستية "لأسطول الصمود المغاربي البحري لكسرِ الحصار على غزَّة..وهذه التفاصيل..    دراسة تحذر وتكشف: المُحليات قد تُسبّب البلوغ المبكر لدى الأطفال ومشاكل في الإنجاب..!#خبر_عاجل    الشبيبة القيروانية: ود منتظر أمام النادي الإفريقي .. وثلاثي يمضي غدا    ديار جدودنا كانت تبرد، توا ديارنا تغلي... علاش؟    محرز الغنوشي: ''رياح قوية اليوم ولا ننصح بالسباحة''    دوري نجوم قطر: نادي الغرافة يحسم مصير "فرجاني ساسي"    تاريخ الخيانات السياسية (16) .. تآمر ابن سُريج مع خاقان    القيصر يطمئن جمهوره: لا تصدقوا الشائعات، أنا بخير    تاريخ الخيانات السياسية (15)نهاية ملوك إفريقية    لحظة مذهلة في مكة: تعامد الشمس على الكعبة وتحديد دقيق للقبلة    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين «التقدميين» و«المحافظين» .. جدل الحريات الفردية والمساواة.. هل يحسمه الرئيس في عيد المرأة؟
نشر في الصباح يوم 11 - 08 - 2018

لا يزال واقع تقرير الحريات في تونس محل صراع سياسي واجتماعي بين معسكرين، أول يرى فيه فرصة لإعادة صياغة الحريات وفقا لمقتضيات الدستور وبما يتقاطع مع المفهوم الكوني لحقوق الإنسان من خلال أجيالها الثلاثة وفرصة حقيقية لميلاد مجلة أحوال شخصية جديدة، ومعسكر ثان يؤكد أن التداخل الحاصل بين التقرير وتوجهات جزء كبير من الشعب هي مَس من الشريعة وهويته وضرب لثوابت الإسلام.
وفي هذا الإطار أعلنت جمعيات ومنظمات ناشطة في مجال الحريات الفردية والمساواة، خلال ندوة صحفية أمس، إطلاق حملة مواطنية لمناصرة الحريات الفردية والمساواة في تونس. وأفادت رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات يسرى فراوس، أن إطلاق الحملة يهدف الى دعم المقترحات المدرجة بتقرير اللجنة، مشيرة إلى أن الجمعيات والمنظمات الناشطة في مجال الحريات ستشارك بكثافة في مسيرة سيتم تنظيمها يوم 13 أوت 2018 بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، بمناسبة الاحتفال بعيد المرأة، في رسالة تهدف الى التأكيد على التمسك بتجسيد المساواة التامة بين المواطنين تطبيقا لما أقره الدستور.
في المقابل انتقدت الرابطة التونسية للتسامح والهيئة الوطنية لدعم المقاومة العربية ومناهضة التطبيع والصهيونية، تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة واعتبرتاه يؤكد مظاهر التدخل الأجنبي في تونس والتطبيع مع العدو الصهيوني. وقال صلاح الدين المصري رئيس الرابطة التونسية للتسامح، خلال ندوة صحفية أمس، أن تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة يراد منه فتح أبواب تونس أمام كل أشكال التطبيع و»تجريم المقاومة» وهو ما يظهر حسب قوله في الفصول 79 و80 و81 من التقرير، التي انتقدت الجمعيات التي طالبت بعدم استقبال صهاينة في تونس على غرار الفنان ميشال بوجناح (مهرجان قرطاج 2017) واعتبرت ذلك اعتداء على الحريات الفردية.
واعتبر المصري أن من وصفهم ب»تجار الحرية» يريدون توظيف مفهوم الحرية للخضوع للهيمنة الغربية وللكيان الصهيوني، وهو ما يظهر من خلال البيان الذي أصدرته الخارجية الفرنسية في 22 جوان الماضي وشكرت فيه تونس على تقرير الحريات الفردية والمساواة وخاصة منه الجزء المتعلق بعدم تجريم المثلية، وفق تعبيره.
ويذكر أن مناهضي التقرير دعوا إلى تنظيم مسيرة اليوم للتعبير عن رفضهم لمحتوى تقرير لجنة الحريات.
«معركة» بين التقدميين والمحافظين
وإذا ما كانت عناوين الخلافات واضحة بين تقدميين ومحافظين، فان البت فيها يبقى حبيس 48 ساعة القادمة حيث من المنتظر ان يلقي رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي كلمة له بمناسبة احتفالية 13 أوت، احتفالية ستحمل بالضرورة مفاجأة لأحد المعسكرين، فانتصار رئيس الدولة لأحد الجهتين لا يخلو من «التورط» في كل الحالات.
فقبول رئيس الجمهورية بقرار اللجنة الرئاسية المكلفة بإعداد تقرير الحريات والمساواة قد يدفع بالأزمة المجتمعية الى مداها في ظل رفض قطاع واسع من الأئمة والشيوخ لفحوى هذا التقرير الذين وصفوه بالشاذ وحتى المخالف للفطرة الإنسانية، وفِي هذا السياق قال الداعية بشير بن حسن في شريط فيديو نشره على صفحته الرسمية بالفايسبوك «ان مشاريع القوانين التي اقترحتها لجنة الحقوق والحريات والتي سيتم رفعها لرئيس الجمهورية من أجل تقديمها للبرلمان لمناقشتها تتضمن شذوذا فكريا يهدف إلى تفكيك الأسرة فأخطر ما احتوته مشاريع القوانين تخيير الابن أو البنت في حمل لقب الوالد أو الوالدة، مضيفا " تخيير الأبناء في اختيار لقبهم مخالف لتعاليم الدين السلامي الحنيف». وقد دعا بن حسن الى «سحب التقرير أو تظاهرات ثم التصعيد».
فقبول رئيس الجمهورية بتقرير اللجنة والدعوة الى عرضه على البرلمان لم يكن مسالة حريات وحقوق إنسان فحسب بل تجاوز هذا الواقع الى واقع الامتحان الحقيقي لحركة النهضة وذلك في اطار الاستعداد لانتخابات 2019 فِي هذا السياق دوّن المحلل السياسي نور الدين الختروشي وتحت عنوان «لن اخرج في مسيرة 11 أوت للأسباب التالية» حيث قال «ان المشروع استعادة لتكتيك سحب النهضة الى مربع الصراع الديني والهووي وتفسيخ الصورة التي عملت على تثبيتها في الداخل والخارج على انها حزب سياسي معني بقضية الحكم وإدارة الشأن العام وليست جماعة دينية وصية على ثوابت ومقدسات المجتمع .
ويضيف الختروشي أن «خطورة استعمال الجمهور والشارع على قاعدة التناقض الهووي في وضع سياسي متموج ومفتوح على ممكن التهارج والاحتراب فردة فعل الرأي العام والمجتمع المدني على التقرير حشر اصحابه في زاوية حادة وأربكهم وتصدير رد الفعل الى الشارع تكتيك غير محسوب ومفتوح على احتمال التسيب والعنف الذي سيسوق على انه عنفا نهضويا بالأساس وسيحشر حركة النهضة في الزاوية الحادة على اعتبارها الركيزة السياسية الثابتة والوازنه في قيادة المرحلة نحو الاستقرار على سوق الديمقراطية مما ستكون له أثار غير محسوبه على مآلات التجربة».
من جهته وصف الأمين العام لحزب البناء الوطني رياض الشعيبي هذا الموضوع قائلا «ان طرحه منذ البداية كان مغلوطا ومستفزا وتطغى عليه شبهة التوظيف السياسي. فرئيس الجمهورية يسعى لإعادة تجميع مناصريه على أساس الاستقطاب الثقافي وعزل حركة النهضة. لكن ما حصل هو العكس إذا تراجعت النهضة عن الخوض المباشر في الموضوع وتقدمت أحزمتها للتصدي له».
اتهام حركة النهضة
واتهمت أطراف عدة حركة النهضة بالتحريض الضمني على التقرير وأعضاء اللجنة وفِي رده على تهم التحريض على تقرير الحريات نفى الناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري» أن الحركة تعودت على الزج بها في مثل هذه الأحداث دون تقديم إثباتات موضوعية وحقيقية .»
وأضاف الخميري «أن النهضة من بين الأحزاب القليلة التي تفاعلت مع التقرير وقد أصدرت موقفها في بيان أول ثم بيان ثان كما أعدت الحركة لجنة كاملة صلب المكتب التنفيذي لتهتم بهذا التقرير وقد أشارت الحركة من خلال مؤسساتها الرسمية الى أن التقرير يتضمن قضايا مجتمعية معقدة ذات طبيعة ثقافية وتشريعية مؤكدا أن للحركة مواقفها الثابتة الداعمة لتنزيل أحكام الدستور في إطار تشريعات جديدة تدافع عن قضايا المرأة وعن مكتسباتها مع رفض كل أشكال التمييز ضد المرأة».
وبخصوص نقاشات رئيس الجمهورية مع رئيس الحركة راشد الغنوشي أوضح الخميري «أن لقاء رئيس الحركة راشد الغنوشي برئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي بقصر قرطاج تناول الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الراهن في البلاد وتقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة حيث شدّد رئيس الحركة على أهمية التوافق كحل وحيد لحل مشاكل البلاد اليوم وغدا كما كان بالأمس والذي صنع الاستثناء التونسي.
وفِي رده على ما اعتبره ضوضاء حول التقرير كتب رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان عبد الباسط بن حسن «ان تونس تحت حجاب ضوضاء مصمّة جديدة. أصوات رفض حادّة « لتقرير الحريات الفردية والمساواة» تعبّر عن سخطها ومعارضتها لما جاء في التقرير وتهّدد وتتوعّد. ها نحن مرّة أخرى نُحشر في زاوية كره الحريات الضيقة. زاوية تختلط فيها الآراء والمشاعر وتستدعى فيها شذرات من الدين والايدولوجيا والسياسة لتنذر بخطر ضياع «الهوية» والقيم ومستقبل المجتمع ككلّ إذا اعتمدت توصيات «التقرير».
إن إغراق «التقرير» في هذه الضوضاء من ردود الفعل العنيفة هو محاولة لانتزاع تاريخيتّه وتحويله من محاولة جديدة لإعادة قراءة علاقتنا الملتبسة بالحقوق والحريات، بكلّ ما فيها من إمكانات وحدود، إلى وثيقة/مكيدة هدفها الوحيد شنّ الحرب على «ثوابت الأمة» وإنّ هذه الضوضاء محاولة لإخراج التقرير من دائرة الاقتراح: اقتراح حلول لأزمة الحريات يمكن قراءتها نقديا ومناقشتها ووضعها في سياقات مسار الانتقال الديمقراطي.
فكيف سيتجنب الباجي قائد السبسي ورطة 13 أوت هل ينتصر لمعسكر التقدميين والاحتماء بهم في المواعيد والمحطات السياسية اللاحقة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.