رئيس الحكومة يدعو لمتابعة نتائج مشاركة تونس في اجتماعات الربيع 2024    عاجل/ قرار هام بخصوص تجديد بطاقة الإعاقة    خلال 24 ساعة فقط.. وفاة 21 شخصًا    مركز النهوض بالصادرات ينظم بعثة أعمال إلى روسيا يومي 13 و14 جوان 2024    حرفاء يصعدون الميترو عبر فتحة البلّور: شركة نقل تونس توضّح    عاجل/ جيش الاحتلال يتأهّب لمهاجمة رفح قريبا    الاغتصاب وتحويل وجهة فتاة من بين القضايا.. إيقاف شخص صادرة ضده أحكام بالسجن تفوق 21 سنة    تراوحت بين 31 و26 ميلمتر : كميات هامة من الامطار خلال 24 ساعة الماضية    قرار قضائي بتجميد أموال شركة بيكيه لهذا السبب    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    عاجل/ تعطل الدروس بالمدرسة الإعدادية ابن شرف حامة الجريد بعد وفاة تلميذ..    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي يواصل التحضيرات بجنوب إفريقيا    اليوم النظر في شرعية القائمات الثلاث المترشحة لإنتخابات جامعة كرة القدم    كانت متّجهة من العاصمة الى هذه الجهة: حجز مبلغ مالي على متن سيارة اجنبية    جلول: أفكر جديا في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.    الاتحاد الأوروبي يمنح هؤلاء ''فيزا شنغن'' عند أول طلب    جنوب إفريقيا تدعو لتحقيق عاجل بالمقابر الجماعية في غزة    شكري الدجبي يطالب بمواصلة العمل بالإجراء الاستثنائي لفائدة الفلاحين    التمديد في مدة ايقاف وديع الجريء    توقيع اتفاقية تعاون بين وزارة التشغيل وبرامج ابتكار الأعمال النرويجي    شهداء وجرحى في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة بقطاع غزة..    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الأربعاء 24 أفريل 2024    نابل: الكشف عن المتورطين في سرقة مؤسسة سياحية    قفصة: الاطاحة بمروجي مخدرات وحجز كمية من المواد المخدرة    بنزرت: تفكيك شبكة مختصة في تنظيم عمليات الإبحار خلسة    باجة: وفاة كهل في حادث مرور    اختناق عائلة متكونة من 6 أفراد بغاز المنزلي..    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    ممثل تركي ينتقم : يشتري مدرسته و يهدمها لأنه تعرض للضرب داخل فصولها    تحول جذري في حياة أثقل رجل في العالم    الحماية المدنية: 21 حالة وفاة و513 إصابة خلال 24 ساعة.    %39 زيادة رصيد الخزينة العامة.. دعم مكثف للموارد الذاتية    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    لطفي الرياحي: "الحل الغاء شراء أضاحي العيد.."    نحو المزيد تفعيل المنظومة الذكية للتصرف الآلي في ميناء رادس    فاطمة المسدي: 'إزالة مخيّمات المهاجرين الأفارقة ليست حلًّا للمشكل الحقيقي'    أنس جابر تواجه السلوفاكية أنا كارولينا...متى و أين ؟    بطولة كرة السلة: برنامج مواجهات اليوم من الجولة الأخيرة لمرحلة البلاي أوف    المنستير: افتتاح الدورة السادسة لمهرجان تونس التراث بالمبيت الجامعي الإمام المازري    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل إلى النهائي رغم خسارته امام لاتسيو    تحذير صارم من واشنطن إلى 'تيك توك': طلاق مع بكين أو الحظر!    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    الطقس اليوم: أمطار رعديّة اليوم الأربعاء..    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب ويطالبون بتكثيف الحملات الدعائية لاستقطاب الزوار    الاتحاد الجزائري يصدر بيانا رسميا بشأن مباراة نهضة بركان    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    الألعاب الأولمبية في باريس: برنامج ترويجي للسياحة بمناسبة المشاركة التونسية    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    أولا وأخيرا .. الله الله الله الله    فيروسات ، جوع وتصحّر .. كيف سنواجه بيئتنا «المريضة»؟    توزر.. يوم مفتوح احتفاء باليوم العالمي للكتاب    إكتشاف مُرعب.. بكتيريا جديدة قادرة على محو البشرية جمعاء!    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس..    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التستر بلغ حد «ترقية الفاسدين» مقابل «التنكيل بالمبلغين»: الدولة.. تتحول من ضحية إلى «شريك» في الفساد!
نشر في الصباح يوم 16 - 08 - 2018

منذ أكثر من سنة، قال رئيس الحكومة يوسف الشاهد تلك الجملة الشهيرة "إما تونس وإما الفساد ونحن اخترنا تونس.." في إصرار واضح على جعل مكافحة الفساد شعارا لعمل حكومته وترجم ما ورد في وثيقة قرطاج من أن مكافحة الفساد أحد أبرز أولويات حكومة الوحدة الوطنية.
هذا الفساد الذي انتشر بشكل "مُخيف" وبات يهدّد حتى كيان الدولة، وقدّرته منظّمات دولية مهتمة برصد مؤشرات الفساد ومنها منظّمة الشفافية الدولية بأنه يُقدّر بنسبة 2 بالمائة من الناتج الداخلي الخام أي ما يعادل نقطتين من نسبة النمو السنوية ويكبّد الدولة خسارة تصل إلى 1.2 مليار دولار في السنة أي ما يُقارب 3 مليار دينار، لم تنجح حكومة الوحدة الوطنية في تقليص مؤشراته أو القضاء عليه وحملة مكافحة الفساد التي انطلقت ب"حماسة" واستطاعت أن تزجّ ببعض رجال الأعمال وبعض المهربين "الكبار" في السجن، خفت "حماسها" فجأة بعد المعارضة الشديدة التي وجدتها من أحزاب سياسية بما في ذلك بعض الأحزاب الحاكمة وقياداتها والتي اتهمت رئيس الحكومة بأن الحملة التي أطلقها لمكافحة الفساد حملة "انتقائية" هدفها تصفية حسابات سياسية وذلك على خلفية إيقاف رجل الأعمال واحد ممولّي نداء تونس السابقين شفيق جرّاية .
كما ساهمت بعض التحفّظات الحقوقية على طريقة إيقاف بعض المشتبه بهم في قضايا فساد ووضعهم تحت الإقامة الجبرية في إرباك مسار مكافحة الفساد الذي انطلق بقوة ثم تخاذلت الجهود بعد ذلك في إنجاحه..
ورغم مصادقة مجلس نواب الشعب، منذ أسابيع، على قانون التصريح بالمكاسب والمصالح ومكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح الذي بادرت به الحكومة والذي اصطلح الرأي العام على تسميته بقانون "من أين لك هذا" وتأكيد رئيس الحكومة أمس في زيارته إلى ميناء رادس أن الحكومة ماضية في مقاومة ظاهرة الفساد ومحاصرتها بإرساء منظومة تشريعية متكاملة وإحالة الملفات على الجهات القضائية الاّ أن المؤشرات الأخيرة التي أعلن عنها رئيس هيئة مكافحة الفساد شوقي الطبيب تؤكّد مرّة أخرى أن "الفساد" "التهم" جزءا من الدولة وتغلغل في مفاصلها وانتشر في المجتمع أفقيا وعموديا ومسّ بذلك كل شرائح المجتمع، حيث تشير أغلب التقارير الى أن أغلب التونسيين على استعداد لتقديم رشوة أو الحصول عليها "دون حرج" وهو ما يعكس كيف تحوّل الفساد بأنواعه إلى ذهنية اجتماعية، دون وجود إرادة صارمة لردعه والقضاء عليه .
الدولة "شريك" في الفساد
في السنوات والأشهر الأخيرة تمت إحالة عدد كبير من كبار المسؤولين في الدولة على اختلاف مواقعهم ومناصبهم بما في ذلك وزراء على المثول أمام القضاء على خلفية قضايا شبهات فساد، حقيقة اعترف بها رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب الذي أكّد منذ أيام خلال يوم دراسي حول الحوكمة الرشيدة، ان حاكم التحقيق يجد نفسه أحيانا في حالة حرج عندما يحقق مع مسؤولين كبار من الدولة.
رئيس الهيئة لم يخف أيضا حقيقة تفاجئ الهيئة ب"ترقية مسؤولين محل تتبعات قضائية سواء في حكومة الحبيب الصيد أو يوسف الشاهد" مؤكّدا أن" قربهم من مواقع القرار فيه خطر لإمكانية مواصلة استعمال نفوذهم وإخفاء معالم الجريمة أو التأثير على الشهود والتنكيل بالمبلغين عنهم كما حصل في أكثر من مناسبة".. ولعل ترقية الفاسدين تعدّ من أبرز "الانتهاكات" التي عطّلت مسار مكافحة الفساد وجعلته مسارا مشكوكا فيه ولا يتمتّع أمام الرأي العام بالمصداقية الذي تجعل منه محّل إجماع وطني.
ومن أبرز المؤشّرات التي كشفتها هيئة مكافحة الفساد مؤخّرا هو أن 78 بالمائة من حالات الرشوة أو ما يسمى بالفساد الصغير كانت ببادرة من المواطن الذي يعرض الرشوة على الموظف العمومي مهما كانت درجته.. وأن قيمة "الرشوة" تبلغ سنويا بين 400 و500 مليون دينار، وأن حجم الفساد في الصفقات العمومية يقدّر سنويا بحوالي 2000 مليار. وفي ذات السياق أكّد رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "ان المشاكل التشريعية في الحرب على الفساد مازالت قائمة معتبرا ان بعض القوانين مازالت تبيح الفساد وتبيح الإفلات من العقاب".. وقد أشار أيضا رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أن"معدل الفصل في ملف فساد من نوع الفساد الكبير يتطلب 5 أو 7 سنوات نظرا لضعف الإمكانيات والمنظومة التشريعية التي كانت لا تعترف بالفساد.. إضافة إلى ان عدد القضايا أكبر من طاقة تحمل القضاة المكلفين بالبت في ملفات الفساد".
وقد شجّع الإفلات من العقاب وصعوبة تقفّي أثر الفساد خاصّة في جرائم غسيل الأموال على استشراء الظاهرة وانتشارها بشكل بات اليوم يهدّد فعليا كيان الدولة ويستنزفها اقتصاديا واجتماعيا.. حيث تحوّل الفساد من ظاهرة قبل الثورة تقترن ببعض الأشخاص الى حالة اجتماعية عامّة بعد الثورة وهو ما أكّده الوزير السابق في نظام بن علي ومؤسس الحركة الدستورية حامد القروي، منذ يومين عندما قال "ان الفساد في الخمس سنوات الأخيرة يفوق بكثير الفساد الذي ألحقته عائلة بن علي بالبلاد"، وفق تعبيره.
التنكيل ب"المبلغين"
عاش الكثير من المبلغين على الفساد تجارب قاسية بعد تبليغهم عن وجود حالات الفساد رغم أنه –نظريا- هناك قانونا يحمي المبلغين، حيث تم فصل بعضهم من العمل أو تجميد ترقياتهم أو تجميد مهامهم الإدارية وبلغ الأمر حدّ تلفيق لهم تهما خطيرة ،وتشير بعض الإحصائيات المتعلّقة بالتبليغ عن الفساد ومنها دراسة أولية قامت بها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أن عدد المبلغ عنهم في قضايا فساد سنة 2016 بلغ 53 شخصا، 51 منهم من الذكور وامرأتان فقط، فيما سجلت سنة 2017 التبليغ عن 142 شخصا منهم 136 من الذكور و6 نساء كما أشارت الدراسة الى كون المرأة أقل فسادا من الرجل ونسبة إقبالها على التبليغ عن الفساد ما تزال ضعيفة.
وما زالت نسب المبلغين على الفساد ضعيفة ولا تعكس حجم استشراء الظاهرة لأسباب منها نقص الوعي لدى أغلب المواطنين في القيام بواجب التبليغ بالإضافة الى أن هناك تقصيرا واضحا في تفعيل قانون حماية المبلغين..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.