شارف موسم المهرجانات الصيفية على النهاية بعد أن عزفت أغلب المهرجانات الجهوية منها أو الوطنية والدولية "التعليلة" الختامية معلنة انتهاء برنامج دورات هذا العام، باستثناء بعض المهرجانات التي تواصل "لملمة" ما تبقى من برنامجها أو الأخرى التي انطلقت مؤخرا. وما شد الانتباه في جل برامج مهرجانات هذه الصائفة أنها كلها كانت متشابهة في الشكل والمضمون سواء أتعلق الأمر بالعروض التونسية أو الأجنبية ولم تسجل عروضا دولية كبرى بالحجم والقيمة الفنية والثقافية التي تجعلها متفردة بذاتها، رغم التكلفة المرتفعة لبعض العروض الأجنبية أساسا منها العربية التي قوبلت باستنكار واسع خاصة أنها تتزامن مع الصعوبات والأزمة الاقتصادية التي تمر بلادنا في هذه المرحلة. فالعروض التي راهنت عليها بعض هذه المهرجانات تحت شعار "العروض الدولية الكبرى" لم تسجل أسماء جديدة بل لم تخرج عن دائرة خيارات سابقة وعروض وأسماء سبق أن شاركت في المهرجانات التونسية على غرار كاظم الساهر وماجدة الرومي وملحم زين وجمال دبوز والشاب خالد والصربي أمير كوستاريكا وغيرهم. في المقابل سجلت أغلب المهرجانات الدولية الكبرى تغييبا للفن والفنان التونسي مقارنة بما كان عليه الأمر في مواسم سابقة. رغم مناداة بعض الفاعلين في الحقل الثقافي بضرورة المراهنة على المنتوج الفني والثقافي المحلي كبديل هادف وناجع في المشهد المهرجاناتي في هذه المرحلة تحديدا وذلك لعدة أسباب لعل من أبرزها دعم الإنتاج والفنان التونسي في إطار التشجيع على النشاط والعمل لاسيما في ظل ما تسجله عجلة الانتاج من "شح" وتعطل من ناحية، والضغط على المصاريف من ناحية ثانية خاصة في ظل ما تتطلبه العروض الأجنبية من مبالغ مشطة تدفع في أغلب الأحيان ب"العملة صعبة"، فضلا عما يتيحه ذلك من مصالحة بين الجمهور التونسي والإنتاج والفنان المحلي. ولعل الاستثناءات القليلة المسجلة في أغلب المهرجانات والتي تحسب للفنان التونسي هو عودة البعض بقوة للمهرجانات والمثال الوحيد في ذلك للفنانة أمينة فاخت التي تشارك في عدد كبير من المهرجانات خلال هذه الصائفة فضلا عن محافظة لطفي بوشناق على بقائه كإسم ورقم في صدارة قائمة الأسماء الفنية التونسية المطلوبة في المهرجانات إضافة إلى زياد غرسة بدرجة أقل في ظل تراجع حضور صابر الرباعي في موسم هذا العام، فيما تعزز يسرى المحنوش موقعها في المهرجانات الصيفية مع تسجيل حضور جماهيري كبير في جل عروضها كما هو الشأن بالنسبة لعرض "الزيارة" الذي يحافظ على الإقبال الجماهيري الكبير وحضوره في جل المهرجانات. لينضم الفنان حسان الدوس إلى قائمة الفنانين التونسيين الأكثر إقبالا على عروضها بعد نجاحه في ظرف وجيز في اكتساب قاعدة جماهيرية وتقديم مادة نوعية تقطع من ما هو نمطي في العروض التونسية وهي مادة لاقت استحسان الجمهور. حضور على «الهامش» في المقابل اكتفت نسبة كبيرة من الفنانين في تونس بتأثيث سهرات المهرجانات الجهوية والمحلية الصغرى وجلها كان في إطار العروض المدعومة من وزارة الشؤون الثقافية عن طريق المندوبيات الجهوية للثقافة في كل جهة. وقد قبل أغلب هؤلاء الفنانين هذه المعادلة لضمان العمل والخروج من البطالة حتى وإن كان المقابل المادي متدن ولا يضمن لصاحبه والفرقة الموسيقية المرافقة له الحقوق الدنيا. لذلك كانت جل هذه المهرجانات في شكل دعم من سلطة الإشراف وهو دعم كان أقرب لعروض "اجتماعية" نظرا للمقابل المادي الضئيل لهذه العروض لا يعكس قيمة ما قدموه للساحة الفنية والمشهد الثقافي في تونس خاصة أن من يصنفون في هذه الخانة هم فنانون من مختلف الاجيال تمسكوا ببقائهم في قاعدة المهرجانات ولم يرموا المنديل رغم الصعوبات التي عرفوها في المواسم الأخيرة. وما يحسب ل"كاشي" هؤلاء من مزايا عديدة هو أنه يساهم في توفير ما يحفظ كرامة الفنان والمبدع في تونس، وإنما يكفي أنها تمكن هؤلاء من المحافظة على بقائهم في المشهد الثقافي والنشاط في دائرة المهرجانات حتى وان دارت هذه العروض في ظروف جد صعبة. إذ يكفي الاستشهاد بمشاركة أسماء من قبيل حسن الدهماني وألفة بن رمضان وشهرزاد هلال وأحمد الماجري وسفيان الزايدي وناجحة جمال وسمية الحثروبي وشكري عمر الحناشي وعبدالوهاب الحناشي وأنيس الخماسي وغيرهم. فيما اكتفت بعض الاسماء بعدد قليل من العروض والمشاركات على غرار نورالدين الباجي وشكري بوزيان ونورة أمين وزهيرة سالم وغيرهم .