«نعم ظلمتني إدارة مهرجان قرطاج الدولي بعدم برمجة عرضي الجديد «نساء بلادي نساء ونصف» في الدورة الحالية، خاصة أن هذا العرض الضخم أنتجته خصيصا لصائفة 2018 وكنت أنتظر أن يكون موجودا في عدد كبير من المهرجانات الدولية لكن!». بهذه الكلمات تحدثت الفنانة التونسية شهرزاد هلال ل«الصباح» عن مشاركتها في المهرجانات الصيفية وعن حضور الفنان التونسي في موسم «الميسرة» الفنية. وأكدت أنها ستكون حاضرة في عدد منها من بينها مهرجان الحمامات الدولي والشابة وبنان وغيرها. وعبرت عن عدم رضاها عن برنامجها لهذه الصائفة، لأنها كانت تأمل أن تكون حاضرة في عدد أكبر من المهرجانات الدولية منها أو غيرها من المهرجانات الوطنية. كما تحدثت عن مسائل أخرى في الحوار التالي: هل أنصفتك مهرجانات هذه الصائفة خاصة أنك فنانة تونسية تحافظ على نسق النشاط وتقديم الإنتاج الجديد؟ -لا بل قولي ظلمتني خاصة منها المهرجانات الدولية الكبرى التي كانت ضمن الخطوط العريضة لبرنامج عملي وتحضيراتي. وقد أنتجت عرض «نساء بلادي نساء ونصف» خصيصا لمهرجانات 2018 ولكن لم يجد التجاوب المنتظر من إدارات المهرجانات بجميع أصنافها والإستثناء الوحيد كان من إدارة مهرجان الحمامات الدولي في دورته 54 التي أنصفتني باختيار هذا العرض وبرمجته في سهرة 13 أوت المقبل في إطار الاحتفال بعيد المرأة خاصة أن المهرجان له صبغة ثقافية ويراهن في برمجته على العروض النوعية والمتميزة. فضلا عن المشاركة في بعض المهرجانات الأخرى لكن بعرض آخر أذكر من بينها مهرجاني الشابة والبنان. ثم أن مطالبتي وتمسكي بأن يكون لي مكان في المهرجانات التونسية هو حقي كفنانة وليس منة أو مزية من اي جهة أو فرد. هل يعني أن خصوصية هذا العرض ومحوره من أسباب عدم برمجته في المهرجانات خاصة أن ذلك يتزامن مع المطالب والتحركات والمشاريع التشريعية لإنصاف المرأة في تونس وتعزيز موقعها على غرار قانون «المساواة»؟ -لا أريد وضع هذا العرض في سياق هذه المعادلة الصعبة و»الجندرة» فالوضع اليوم جد مخيب للأمال والمسألة لا تعني إقصاء المرأة الفنانة مقابل إعلاء موقع الفنان الرجلوإذا كان العرض تكريمل للمرأة التونسية فأن في عدم برمجته من قبل المهرجانات فيه رمزية وحقيقة مؤلمة . ولكن لي أمل كبير في تغير الوضع للأفضل بتغير عدة عوامل وآليات ومقاييس. ولكن عرض «نساء بلادي نساء ونصف» هو عرض مؤنث بامتياز أليس صحيحا؟ -صحيح أن عرض «نساء بلادي نساء ونصف» هو أردته تكريما للمرأة التونسية ومن حسن الحظ والصدف أن المراة حاضرة بكثافة في أغلب أغاني أتغنى فيها بجمالها ورفعتها وتميزها. وهو عرض ضخم ومدته في حدود ساعتين ويشارك في تنفيذه ما يقارب ثلاثين عنصرا من بينهم 25 عازفا ويتضمن أيضا عرض أشرطة وثائقية على شاشة عملاقة ترافق العرض. وأنا حريصة في هذا العرض، كما في بقية أعمالي، على مواكبة التطورات والتقنيات المعتمدة في القطاع الموسيقي والفني بجودة عالية والمحافظة على بقائي ونشاطي في المشهد الثقافي بانتاجي الخاص وسأقدم فيه «أوبيرات» جديدة من ألحاني سأكرم فيها خمسة شخصيات نسائية عنونتها ب«نساء خالدات». من ستكرمين في هذه الأوبيرات؟ - اخترت شخصيات تونسية من مراحل تاريخية ومجالات مختلفة لهن وقع خاص عندي وهن كل من الكاهنة بخصوصيتها ورمزيتها التاريخية وأروى القيروانية وعزيزة عثمانة وتوحيدة بالشيخ والفنانة الراحلة صليحة. إلى أي مدى ساهمت أزمة تدني قيمة الدينار التونسي في تحقيق المصالحة بين الفنان التونسي والمهرجانات وفق المثل القائل «مصائب قوم عند قوم فوائد»؟ وهل تعني أن هذا العرض ستقدمينه لمرة واحدة فقط؟ -للأسف نعم، رغم أني علقت آمالا كبيرة على هذا المشروع الذي كلفني مجهود ومصاريف. ولكن سوف لن أرمي المنديل بل ساواصل إصراري على تحصيل حقي لقناعتي بقيمة ما أقدمه من مادة موسيقية وفنية نوعية وراقية كفيلة بضمان الاستمتاع والاعجاب والاستحسان لكل من يحضرها. لذلك أتمنى أن أقدم هذا العرض في فضاء مدينة الثقافة قريبا. وأعترف أن المهرجانات الدولية غير متصالحة مع الفنان التونسي بشكل عام والتغييب على المهرجانات هو الاشكال والقاسم المشترك بين أغلب الفنانين التونسيين. والوضع لا يمكن أن يتغير تحت أي داع طالما «الرداءة» هي الطابع المميز لأغلب برامج المهرجانات يكفي الاطلاع على البرامج لنقف على فظاعة الواقع. فتكرار نفس العروض والأسماء التي ترتقي للفني والثقافي سمة أغلب المهرجانات اليوم وتغييب الفنان التونسي أصبحت حقيقة لا يمكن إيجاد أي تبرير لها فأسماء عديدة تشارك في عدد كبير من المهرجانات لا يمكن احتسابها على الفن والثقافة. فلم يعد الأمر خفيا على أحد إذ لم تعد المقاييس الفنية والثقافية آلية معتمدة لبرمجة واختيار العروض الفنية والفنانين في المهرجانات فالأسماء التي وجدت حظا أوفر في الحضور في «قناة الحوار التونسي» هي الأكثر حضورا. فنفس العرض يتكرر في أغلب المهرجانات ولا أعرف سبب انتشار هذه الآلية التي لا تخدم المشهد الثقافي في تونس رغم الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها بلادنا. ما هو الحل حسب رأيك؟ - في ظل غلق باب الإصلاح وتطوير منظومة التعاطي مع الفن والثقافة في تونس في هذا المستوى تحديدا لم نعد في حاجة لمهرجانات عديدة ومصاريف إضافية بل يفترض أن تنظم وزارة الشؤون الثقافية بالتعاون مع متعهدي الحفلات و»سماسرة» الفن مهرجانا واحدا تشرك هؤلاء الذين تم اختيارهم من ناحية تكون فرصة للضغط على المصاريف ومن ناحية أخرى تجنب الجماهير التونسية التواقة للفن والإبداع والجمال من عناء التكرار والمعاناة طالما أن أغلب الفنانين والمبدعين الحقيقيين يجدون الأبواب مغلقة أمامهم.