لم يكن البيان الصادر أمس عن حزب نداء تونس بالمفاجأة، حيث كان هذا الموقف متوقعا بعد الدعوة التي وجهها رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في رسالته الأسبوع المنقضي لتتجسد أيضا خلال اجتماع مجلس شورى للحركة الذي صدر بيانه بالدعوة للتوافق. قبول النداء بالعودة إلى مربع التوافق سيخدم بالأساس نداء تونس أكثر من حركة النهضة نفسها، فالنداء يعرف جيدا انه لم يعد يشكل حجر الزاوية في مجرى الأحداث في بلادنا كما هو حال الحزب عند التأسيس أو قبل انتخابات 2014، ليتأكد النداء أيضا انه بات ضمنيا بعيدا عن التأثير بعد أن خسر "معنويا" الانتخابات البلدية. عودة النداء إلى مربع التوافق قد تخدم الاستقرار لكنها لن تحجب الحقيقة المرة للحزب بأنه بات مرتبطا عضويا بحركة النهضة التي لم يتأخر قياديو النداء في التأكيد على القطيعة معها منذ الانتخابات الجزئية بألمانيا، بيد أن هذا لا يعني نهاية الحزب كما سوق القيادي رضا بلحاج لذلك في أكثر من تصريح. شعور النداء بالعزلة السياسية، سواء بعد النهاية المؤقتة للود مع النهضة أو بعد أن استدرج رئيس الحكومة جزءا كبيرا من الحزب والكتلة، دفع بالمدير التنفيذي للحزب ومن ورائه الباجي قائد السبسي للاستنجاد بشريك الأمس لإخراجه من وضعه الراهن، بعد ان فشل النداء في التشبيك مع مشروع تونس في ظل أزمة داخلية تلاحق حزب مرزوق. مشروع الشاهد في البال فالنداء يخشى أن يمضي الشاهد في مشروعه السياسي خاصة مع الإعلان عن كتلة الائتلاف الوطني التي لن تتوقف عن التوسع، حيث من المنتظر أن يرتفع عددها من 34 نائبا ليدرك 45 نائبا قبل التصويت على قانون المالية 2019 وذلك في انتظار إعلان استقالات جديدة من كتلة مشروع تونس في قادم الأيام ومن كتلة نداء تونس أساسا لتكون كتلة الائتلاف الوطني ثالث الكتل بعد كتلتي حركة النهضة وكتلة ما سيتبقى من النداء. ولم يكن للكتلة أن تحاط بهذا الضجيج المصاحب لتكوينها لولا شك بعض السياسيين في "أبوتها" بعد ان تم نسبها إلى رئيس الحكومة يوسف الشاهد وهو ما رفضه كل من النائب وليد جلاد ومصطفى بن احمد الذي لا يُستبعد ان يترأس الكتلة باعتباره الأكبر سنا أولا ولكونه ضمانة لاستقلالية الكتلة عن التجاذبات السياسية ثانيا حسب ما تسرب ل"الصباح". وتعهد نواب الكتلة خلال الندوة الصحفية "بالعمل على استكمال بناء المؤسسات الدستورية بتنصيب أعضاء المحكمة الدستورية وإصلاح وضعية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مع العمل على تركيز استقرار كل مؤسسات الدولة وتجاوز العراقيل على المستوى التشريعي والتنفيذي ومشاريع القوانين المعطلة ومواصلة الحرب ضد الفساد". ومن المؤمل أن تشكل هذه الكتلة بالإضافة إلى كتلة حركة النهضة حزاما نيابيا لحكومة الشاهد قصد إنهاء حالة الابتزاز السياسي الذي ينتهجه نداء تونس وجزء من كتلته بمجلس نواب الشعب للإطاحة بالحكومة، بالإضافة إلى دورها البرلماني في التسريع في المصادقة على جملة القوانين المعلقة نتيجة التجاذبات التي فرضها المدير التنفيذي للنداء وتعطيل كتلته لعدد مهم من الفصول والمقترحات. فقد ظن المدير التنفيذي للنداء أن إسقاط الشاهد ممكنة عبر البرلمان لتتولى كتلة الحزب الانطلاق في جمع إمضاءات سحب الثقة في البداية، ليتدخل مجددا عبر فرضه للنقطة 64 بمعية الاتحاد العام التونسي للشغل لفرض منطق إبعاد رئيس الحكومة انطلاقا من وثيقة قرطاج ليفشل المدير التنفيذي في مرة أولى وفِي مرة أخرى بعد ان دفع بكتلة الحزب المنقسمة أصلا للتصويت لفائدة مقترح رئيس الحكومة بتعيين وزير للداخلية. تخوفات النداء تخوفات النداء من تشكيل كتلة محيطة بالحكومة يعني بالضرورة مواصلة الشاهد لمهامه وهو ما لن يرضاه المدير التنفيذي الذي سعى في وقت سابق إلى تكوين الكتلة الكبيرة صحبة الأمين العام لمشروع تونس محسن مرزوق، كتلة أرادا من خلالها رسم حدود تحرك للشاهد وفق ما صرح به النائب عن نداء تونس عصام المطوسي الذي اعتبر "أن كتلة مرزوق والمدير التنفيذي ماهي إلا محاولة لاستهداف الشاهد" ولكن سرعان ما خفت هذا المشروع بعد التهديد باستقالات جديدة من كتلة مشروع تونس ومن النداء نفسه لينتهي حلم الكتلة "الكبيرة" في المهد. ولم تكن نشأة الكتلة الجديدة ومشاركة كتلة الوطني الحر فيها خيارا سياسيا للحزب بل كان خيارا براغماتيا لرئيسه سليم الرياحي، فالرياحي مثلا يدرك ان من المهم تبديل المواقع السياسية من دعم الباجي قائد السبسي إلى دعم يوسف الشاهد، دعم جاء عكس التوقعات منذ أكثر من شهر بعد ان غير حزب الرياحي موقفه الداعم لرحيل رئيس الحكومة إلى أول القابلين بمقترح تعيين وزير الحكومة وهو ما أثار تساؤلات حول هذا التغيير المفاجئ في الموقف رغم الرغبة في الانتقام من الشاهد الذي "مرمد" الرياحي بعد وشاية قام الأمين العام لمشروع تونس وقد كان شريكا للرياحي ضمن ما يعرف بجبهة الإنقاذ حسب تصريح سابق للقيادية بحزب الوطني الحر سميرة الشواشي. فعودة الرياحي للحياة السياسية بعد "استقالته" المؤقتة من الحزب أغرت رئيس الجمهورية للقائه عله يقنعه بالتراجع عن موقفه الداعم للكتلة الجديدة خاصة وان الحزب يشكل نحو 1/3 الائتلاف الجديد ب12 نائبا من أصل 34 نائبا. فهل يؤشر التوافق للافتتاح سنة سياسية مستقرة؟ وأي ثمن قد يدفعه الشاهد؟ ◗ خليل الحناشي بيان نداء تونس إن حركة نداء تونس وفي سياق متابعتها للتطورات السياسية والاجتماعية بالبلاد يهمها التعبير عن التالي: 1 - انشغالها بتنامي الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية المتزامنة مع العودة السياسية والاجتماعية والمدرسية وانعكاساتها المرتقبة على السلم الاجتماعي في ظل تواصل استفحال الأزمة السياسية التي وضعت أجهزة الدولة ومؤسساتها في حالة انتظارية وشلل. 2 - تمسك حركة نداء تونس بالتوافق والوحدة الوطنية خاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد. 3 - تمسك حركة نداء تونس بكل نقاط وثيقة قرطاج 2 بما فيها النقطة 64 المطالبة بتغيير حكومي شامل. 4 - تتوجه حركة نداء تونس الي سيادة رئيس الجمهورية بطلب لدعوة كل الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية المكونة لاتفاق قرطاج 2 الي الاجتماع بشكل عاجل للاتفاق على مخرج للأزمة السياسية الحالية والشروع مباشرة في تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها في وثيقة قرطاج 2. عن حركة نداء تونس المدير التنفيذي