هو فنان تقمص كل ما اسند إليه من ادوار بإقناع إذ كان يستعمل كل حواسه ويستفيد من صوته الرخيم المميز ونظراته الحادة وملامحه الشرقية المؤثرة، كما كان وسيما ويحافظ على رشاقته وعلى طلته كنجم شباك وكفتى اولا وكفنان مثقف وذكي انه الممثل المصري محمود ياسين الذي تصلنا هذه الأيام أخبار عن اعتزاله التمثيل والظهور في المناسبات والمهرجانات وفي البرامج التلفزية والإذاعية وقعوده نهائيا في منزله لأسباب صحية وهي إصابته بمرض الزهايمر بعد ان اكتفى على حد تعبير زوجته الممثلة المصرية المعتزلة شهيرة: «بالمسلسلات والأفلام التي قدمها طيلة مشواره الفني الحافل، على مدار سنوات». يأتي قرار الاعتزال النهائي بعد ست سنوات من آخر فيلم مثله محمود ياسين وكان بعنوان «جدو حبيبي « الذي عرض سنة 2012، وشاركته البطولة الفنانة لبنى عبد العزيز، أما آخر عمل تليفزيوني شارك فيه محمود ياسين فكان مسلسل «ماما في القسم» مع الفنانة سميرة أحمد، والذي تم عرضه عام 2010. وأعلمت الفنانة شهيرة الجميع ان التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين الممثل وجمهوره على صفحاته يتم تحت اشراف موظف مختص. وفي خصوص علاج محمود ياسين ذكرت زوجته شهيرة ان عددا كبيرا من الملوك والرؤساء الذين يعشقون فنه ويحترمون مسيرته ومساهماته في السينما العربية ونضاله عرضوا علاجه على نفقتهم الخاصة حتى ان البعض منهم عرض إرسال طائرة خاصة لنقله إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية لعلاجه. عرض أسعدها واسعد العائلة ولكنها رفضته لأنها تعتبر ان «مصر أولى بعلاجه، لأنه الوطن الذي حقق أحلامه وأخلص له في عمله خلال سنوات عمره». وذكرت شهيرة ايضا بما يحظى به زوجها من محبة الجمهور العربي، وإنها تكن كل الشكر للرئيس الأسبق محمد حسني مبارك الذي اطمئن بنفسه على صحة زوجها، خاصة وإنه سبق وأن قدم لمحمود ياسين الدعم عندما أمر بسفره إلى أمريكا لإجراء عملية القلب المفتوح. عكس في أعماله صورة الرجل العربي للإشارة فان الممثل القدير محمود ياسين من مواليد سنة 1941 بمحافظة بورسعيد في مصر. ويعتبر واحدا من أهم من عبروا عن الرجل المصري والعربي بصفة عامة من خلال الأعمال التي قدمها في السينما وفي الدراما التلفزية. فقد قدم في فيلم «الجزيرة» شخصية «علي الحفني» كبير العائلة الأب والأخ الذي يحكم عائلة كاملة ويتصرف حسب نواميسه وتقاليده الخاصة التي لا يمكن الخروج عليها، وعبر عن شخصية الرجل الصعيدي القوية المسيطرة التي تعيش وفقا لتقاليد متوارثة. كما قدم نموذج الرجل الشرقي والمتفتح في عام 1977 قدم فيلم « أفواه وأرانب « مع النجمة فاتن حمامة، وجسد فيه شخصية «محمود بيه» الرجل الشرقي المتفتح الذي حمل كثير من المفاهيم التي كانت غريبة على المجتمع في ذلك الوقت مثل تعليم المرأة وأهمية عملها وتمكنيها من حقوقها بالحياة. وفي فيلم «الستات» الفيلم الذي ناقش قضية كثير من الأزواج الذين تفرض عليهم طبيعة عملهم الغياب بشكل دائم عن المنزل، الأمر الذي ينتج عنه كثير من المشاكل مع الزوجة، في هذا الفيلم جسد الفنان محمود ياسين شخصية «عزمي» الصحفي المرموق الذي تغار عليه زوجته بشكل كبير جدًا وكيف تطورت المشاكل بينهما حتى وصلت إلى الانفصال وكيف استوعب الخطأ سريعًا. وفى فيلم «الشريدة» قدم محمود ياسين شخصية فتحي الرجل الجاهل المتسلط المقاول الذي بدأ كشخص عصامي غير متعلم أحب فتاة فقيرة وتزوجها وأنفق عليها حتى التحقت بكلية الحقوق، ومع كثرة ثروته زاد تسلطه إلى أن تعرف على امرأة سيئة السمعة فساءت علاقته بزوجته وأصبح يضربها ويسيء معاملتها وفي النهاية أصيب بمرض خطير وتوفى. لم يكن فارس الرومانسية فقط محمود ياسين كان واحدا من أهم الممثلين في المسرح الجامعي. و شاءت الصدفة أن يستمع المخرج صلاح أبو سيف إلى صوته المميز وهو يمثل على خشبة المسرح القومي المصري فقرر أن يسند إليه دورا في فيلم «القضية 68» ليكون أول أفلام محمود ياسين في السينما . ثم شارك بدور في فيلم المخرج حسين كمال عام 1969 « شيء من الخوف» وهو من أهم كلاسيكيات السينما العربية ثم شارك مع المخرج حلمي حليم في فيلم «حكاية من بلدنا». وسنة 1971 أصبحت تسند له البطولة المطلقة في عدة أفلام كان من بينها فيلم «نحن لا نزرع الشوك» للمخرج حسين كمال مع النجمة الكبيرة شادية و فيلم «أختي» مع نجلاء فتحي ومن إخراج بركات وكان الفيلمان عام 1971. وسنة 1972 قدم 10 أفلام دفعة واحدة وهي « الخيط الرفيع» و»أغنية على الممر» و»أنف وثلاث عيون» و»حب وكبرياء» و»العاطفة والجسد» ثم أصبح محمود ياسين يعرف بلقب فارس الرومانسية. والى جانب الأفلام الرومانسية قدم محمود ياسين أيضا الأفلام التاريخية والسياسية والاجتماعية ومن بينها مثلا «الرصاصة لا تزال في جيبي» إخراج حسام الدين مصطفى، أدوار جادة قوية تغلب عليها الحكمة والخبرة الحياتية تربع محمود ياسين على عرش السينما العربية خلال فترة الثمانينات بالأفلام الكوميدية والاجتماعية والسياسية والبوليسية والاستعراضية وفي التسعينات وسنوات الألفين لم يعد يسمح له العمر بان يكون الفتى الأول والبطل المطلق وبدأ يقدم ما يناسب عمره من خلال أدوار جادة قوية تغلب عليها الحكمة والخبرة الحياتية ومن أهم أفلامه خلال تلك الفترة مثلا :»تصريح بالقتل» مع المخرج تيمور سري 1991، «الشجعان» 1992 من إخراج طارق النهري، «امرأة تدفع الثمن» من إخراج حسن إبراهيم 1993،. وفي المقابل تطور نشاطه التلفزيوني وقدم الكثير من الأعمال التلفزيونية المهمة والناجحة، كما أنه واصل نشاطه المسرحي. محمود ياسين هو صاحب مسيرة ناجحة ومثمرة جدا ترك للخزينة الثقافية العربية ما يزيد عن 170 فيلما في السينما و ما يقارب 40 مسلسلا تلفزيونيا قدم خلالها الأدوار التاريخية والدينية وترك أيضا قرابة 30 مسرحية تعد من كلاسيكيات المسرح المصري، كما استفادت الإذاعة المصرية من صوته المميز وموهبته الفائقة فقدم لها العديد من المسلسلات والبرامج الإذاعية الناجحة. وقد تحصل على العديد من التكريمات في مصر وخارجها وقد كان من الحكمة ان تحافظ عائلته على جمال وقيمة هذه المسيرة وتعلن اعتزاله وكل جمهوره يحتفظ له بصورة جميلة ناصعة.