23طفلة دون سن 18 سنة تزوّجن في سن مبكرة جدا كل دقيقة حول العالم، اي بمعدل بنت كل ثانيتين تقريبا ما يقارب 12 مليون قاصر سنويا حسب احصائيات منظمة» انقذوا الطفولة» العالمية. هذه الاحصائيات وردت في برنامج «كلام نواعم» الذي بثته قناة «ام بي سي» ليلة اول امس الاحد في فقرة تحقيقات وكان موضوعها تزويج القاصرات. طرح برنامج «كلام نواعم» اشكالية مهمة تتكون من سؤالين هما تزويج القاصرات او الاطفال مرض اجتماعي ومشكلة قانونية لا بد من التعجيل بوضع حد لها؟ ام انه من المحرم منع الزواج المبكر؟ وتعرض البرنامج ايضا لحملات المطالبة برفع سن الزواج في عدد من الدول العربية؟ ولكن هل يكفي ان نحدد سن الزواج بقانون لتندثر هذه الظاهرة انه لا بد من امور اخرى؟ وتم التعرض الى تأثير هذه العادة على المجتمع بأسره وعلى صحة الفتيات والعائلة اذ كيف يمكن لطفلة ان تربي وليدا او اجيال كاملة وقد تم اقصاؤها من كل حياة اجتماعية ومنعها من مواصلة دراستها.. احداهن قالت انها كانت كلما بكت رضيعتها خافت وهربت بها الى والدتها لتبحث لها عن حل.. وبالمناسبة استضاف»كلام نواعم» الطفلة اليمنية ندى الاهدل التي هربت من اهلها قبل ان يزوجوها وقد كان عمرها 11 سنة (هي حاليا ناشطة في مجال حماية الطفولة).. ندى تحدت التقاليد والأعراف وهربت وقد روت معاناة خالتها التي انتحرت حرقا وهي طفلة احتجاجا على تزويجها قسرا من رجل يكبرها كثيرا في السن ويعنفها لأنها غير قادرة على اداء»واجباتها الزوجية». كذلك حكاية اختها التي احرقت نفسها قبل الزواج اعتراضا على تزويجها وهي صغيرة جدا وقالت انها استغلت انشغال العائلة بالعناية بأختها المحروقة لتهرب وتلتجئ الى الاعلام الذي ساعدها في طرح قضيتها وقضية ملايين الفتيات مثلها. معاناة لا حدود لها تتعرض لها البنيّات الصغيرات من الزواج المبكر وخاصة عندما تحملن ولم يكتمل نمو اجسادهن بعد.. احدى العينات قدمت شهادة مؤثرة جدا ندمت على الموافقة على تزويج اختها في سن مبكرة جدا وقد كانت في كفالتها وصرحت بأنها لا تسامح نفسها لان ذلك تسبب لها في مضاعفات خطيرة انتهت بوفاتها. تزويج القاصرات كما تم التطرق اليه نوعان الاول والخطير جدا هو ان يتم تزويج بنت 12 سنة بمن يصل عمره الى 50 سنة او اكثر وفي هذه الحالة عادة ما تكون البنية من شريحة اجتماعية فقيرة والخمسيني من تلك الشريحة الغنية التي لا توفر جهدا للاستغلال مالها وصرفه في ملذات الحياة ومن بين هؤلاء من يجد متعته في معاشرة الاطفال تحت غطاء شرع الله وعدم وجود ما يحرم ذلك ومن يفتي بعدم جواز الزواج من القاصرات واستغلالهن جنسيا؟ والنوع الثاني هو تزويج الفتيات الصغيرات بالفتيان الصغار حيت تتقارب الاعمار كثيرا دون ان يكون لأي منهما القدرة على تحمل اعباء الحياة العائلية وخاصة اذا اتسعت العائلة و»منّ الله»عليها بالأطفال.. مثل هذه الزيجات وحسب ما تبين من خلال الشهادات والتصريحات التي تم تقديمها تفشل في الاغلب وتنتهي بالطلاق الذي كثيرا ما يؤثر على نوعية العلاقة بالزوج الثاني (طبعا الا ما رحم ربي). قضية تزويج القاصرات لا تهمنا في تونس ونعتبرها غريبة ومن بيننا من لا يفكر فيها اصلا لأنها عادة قطعنا معها منذ ظهور مجلة الاحوال الشخصية (الفصل 5).. فسن الزواج عندنا محددة بالقانون(18 سنة بالنسبة للإناث والذكور) الذي التزم به الكل (والشاذ يحفظ ولا يقاس عليه) حتى ان المجتمع اصبح يساند من لا رغبة لها في الزواج الذي لا يمكن ان يتم إلا بموافقتها أمام عدلي اشهاد او ضابط الحالة المدنية بحضور شاهدين من اهل الثقة وموافقة الوالدين بالنسبة للقصّر دون 20 سنة. بعد مثل هذا البرنامج لا يمكن ان لا نترحم على كل من لعب دورا وعلى كل من فكر وخط وشرّع اي حرف او جملة في قانون مجلة الاحوال الشخصية.. وحمدا لله على انني تونسية.