اختتمت الدورة الرابعة لتظاهرة سينما المتحف بسوسة (الأحد 16 سبتمبر) بعرض فيلم قصير بعنوان "Les Enfants De Sousse" في الجزء الأول من السهرة،وهو إنتاج بلجيكي يعود لعام 1968، وتخلل الجزء الثاني من سهرة الاختتام عرض فيلم"المصير"للمخرج المصري يوسف شاهين. وعرفانا بالجميل وحفظا للذاكرة السينمائية اختار القائمون على التظاهرة تكريم السيد هذيلي الشواش، وتم عرض أجزاء نادرة من شريطهET POURTANT الذي صوره بمعية زميله Alain Midi سنة 1968 في إطار نشاط نادي السينما بسوسة. الجزء الثاني من سهرة الافتتاح شهد عرض النسخة المرممة للفيلم التركي "Yol"الطريق الحائز على السعفة الذهبية في مهرجان كان 1982. وذلك بحضور المنتج السويسرى للشريط Donat Keusch, الفيلم YOL للمخرج والسيناريستYilmaz Güney الذي كان سجينا و قد أعطى تعليماته من زنزانة منفاه إلى المخرج المنفذ للشريطSerif Goren لانجاز هذا العمل المميز. ويروي الفيلم قصة مجموعة من المساجين إبان الحكم العسكري في تركيا، اختلفت أسباب سجنهم وتشابهت مصائرهم. رحلة بدأت بأحلام العودة لمدة أسبوع لأحضان عائلاتهم في محاولة إما لاسترجاع ما فات أو لتصفية حسابات أو تسوية خلافات أو تصحيح أوضاع ومسارات، أحلام تهشمت على صخور الوقائع المأساوية خلال رحلة الشقاء والفقر والخيانة والثأر والاضطهاد والفراق والموت. المخرج التونسي الهادي بن خليفة، اسم آخر استحق التكريم في هذه الدورة. فبعد تقديم نبذة عن حياة هذا المبدع التونسي من طرف زميله المخرج والمنتج حاتم بن ميلاد وقع عرض بعض أفلامه على غرار فيلم يعود إلى عام 1957 بعنوان"La Distribution Du Pain "وفيلم "Paris, Mai 1968" إنتاج سنة 1968. وكالعادة كانت السينما الإفريقية حاضرة في المهرجان من خلال فيلم "Hyènes"في نسخته المرممة للسنغاليDjibril Diop Mambéty،فيلم من إنتاج مشترك بين السنغال وسويسرا. سهرة يوم السبت كانت مثيرة باعتبار أن الجمهور تابع في جزءها الثاني نسخة مرقمنة ومرممة لفيلم المخرج Vittorio De Sica بعنوان"Le Voleur de Bicyclette "، فيلم يعتبر من روائع السينما العالمية وأحد علامات الواقعية الجديدة الإيطالية. أما الجزء الأول من ثالث سهرات تظاهرة سينما المتحف فكان عبارة عن رحلة عبر الزمن عاد الجمهور من خلالها إلى أجواء السينما الصامتة في أوائل القرن العشرين،بالتحديد إلى سنة 1914 و1917 تاريخ صدور فيلمي Charlot Dentiste وL'enfant Terrible وكانت الأفلام الصامتة مصحوبة بعزف الأستاذ محمد الرواتبي على البيانو، ونفس الأجواء التي كانت سائدة في الثلث الأول من القرن العشرين حيث كانت تقوم الجوقات والفرق بالعزف في نفس توقيت عرض الأفلام الصامتة. فيلم آخر عاش معه خمسون طفلة و طفلا من"S.O.S أكودة" أجواء السينما الصامتة ودهشة الاكتشاف، فيلم شارلي شابلن"Le Dentiste " إنتاج سنة 1917. الاكتشاف لم يقتصر على مكان العرض الجميل بالمتحف الأثري بسوسة بل تجاوزه للأجواء السحرية والعودة لزمن عروض 35 مم من خلال بعث الروح في آلة "50 Westrex "، والتي كانت مهملة في أحد مصبات الخردة بالساحل قبل ترميمها. وفق تأكيد المنظمين. ومع انبعاث الدخان من الآلة العجائبية المشتغلة بالفحم ولمسات ساحرها التقني مجيد بن سالم، بعثت محبة الفن السابع في قلوب هؤلاء الأطفال وباقي الحاضرين من شباب وكهول وحفرت هذه التجربة في ذاكرتهم، بالإضافة إلى فتح جمعية إفريقيا المتوسط للثقافة الباب أمام تكرار هذه التجربة الفريدة من لدنها أو لدن باقي الجمعيات السينمائية. ويمكن القول أنه جوهرة الساحل تحولت خلال أربعة أيام وهي مدة المهرجان إلى عاصمة للتراث السينمائي العالمي بفضل بادرة جمعية إفريقيا المتوسط للثقافة وتضافر جهود كل من المركز الوطني للسينما و الصورة، وكالة إحياء التراث والمندوبية الجهورية للثقافة بسوسة والمعهد الثقافي الايطالي بتونس.