بقلم: مبروكة وديرة محرر أول للعقود بإدارة الملكية العقارية - تواصل «الصباح» نشر الجزء الثالث من الدراسة القانونية «قانون الانتزاع من أجل المصلحة العمومية بين هاجس النّجاعة واحترام الضمانات»، بقلم المحرر أول للعقود بإدارة الملكية العقارية مبروكة وديرة.. «فماذا عن مهام اللجنة في هذا الطور؟ بداية من تعهدها بالملف (حسب منطوق الفصل 19) تتولى لجنة الاقتناء الإذن لصاحب المشروع بتكليف ديوان قيس الأراضي أو خبير في المساحة بإعداد الأمثلة اللازمة للمساحات المزمع انتزاعها. ولقد حرص المشرع على إحاطة العملية بالنجاعة المطلوبة حيث منح صاحب المشروع إمكانية استصدار الأذون الآزمة للدخول إلى العقارات المطلوبة. بعد توصله بالأمثلة تتولى اللجنة إشهار نية الإنتزاع لمدة ستين يوما، بتعليق قائمة بيانية في المالكين أو المالكين المحتملين مع مثال الحوزة العقارية وقيمة الغرامة الوقتية المضبوطة بالاختبار. ويتم التعليق والإيداع بمقر الولاية والمعتمدية والبلدية والإدارة الجهوية لأملاك الدولة المعنية وبمقر المصالح الجهوية للجهة صاحبة المشروع، كل ذلك مع الإعلام بوسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة. والملاحظ أن القانون الجديد اكتفى في هذه المرحلة باعتماد خيار الإعلان للعموم ولم يعتمد طريقة إعلام المعني ( بعملية الإنتزاع) شخصيا بمقره على الرغم من اعتماده في التشريع السابق. ويبدو أن رغبة مشرع سنة 2016 في تكريس نجاعة وسرعة عملية الانتزاع جعلته يسقط من حساباته حقوق المنتزع منه، في الإعلام شخصيا، وهو ما من شأنه أن يمثل إخلالا بإحدى ضمانات الحماية. فما هي ضمانات المالك المحتمل في حال إشهار نية الانتزاع؟ خلال أجل الإشهار بإمكان المالك أو المالك المحتمل الذي لم يقع ذكره بالقائمة أن يعترض كتابيا لدى اللجنة التي تدونه بدفتر الاستقصاء. كما يحق للمالك أو المالك المحتمل خلال الأجل المذكور الاعتراض على قيمة الغرامة الوقتية. وله خلال خمسة عشر يوما من تاريخ الاعتراض أن يستصدر إذنا قضائيا لتقدير قيمة العقار وتشخيص ما يحتويه، يكون مرجعا عند المطالبة بالترفيع في الغرامة التعويضية. والملاحظ أن حق الإعتراض المشار إليه لن يكون بالنجاعة المطلوبة لحفظ حقوق المنتزع منه في ظل غياب واجب الإعلام الشخصي . كما خولت الفقرة الأخيرة من الفصل 20 لجنة الإقتناء صلاحية إجراء البحث في حال الاعتراض على تشخيص العقار (المزمع انتزاعه) بطلب من المعترض والتثبت من إدعاءاته وتدوين نتائج البحث بدفتر الاستقصاء. وحتى تكون قراءة الفقرة الأخيرة من الفصل 20 غير متعارضة مع أحكام الفقرة الأولى، من المتجه القول أن صلاحية اللجنة للبحث في شأن الاعتراض المتعلق بتشخيص العقار لا تكون إلا في حال عدم تسمية خبير لإتمام عملية تشخيص العقار وما يحتويه. ما يؤكد أن هاجس النجاعة والتسريع في الإجراءات جعل المشرع يتجاهل حقوق المنتزع منه في إعلامه شخصيا بنية الانتزاع . وما إن تنهي اللجنة أعمالها حتى يحيل رئيسها – الوالي المختص ترابيا – ملفا متكاملا إلى المنتزع، يتضمن نسخة من دفتر الاستقصاء وتقريرا معللا حول الاعتراضات ومختلف الطلبات مع شهادة تثبت التعليق والإشهار، قصد إصدار أمر الانتزاع. ب) مرحلة إصدار أمر الانتزاع: اقتضى الفصل 23 من القانون عدد 53 لسنة 2016 انه بمجرد توصله بالملف، يتولى المنتزع إعداد مشروع أمر الانتزاع – في ضوء ما انتهت إليه أعمال اللجنة – يتضمن التنصيص على طبيعة المشروع العمومي والبيانات المتعلقة بحوزته العقارية.... وقائمة تتضمن كافة المالكين او المالكين المحتملين... ويرفق عند عرضه للمصادقة، وجوبا بوصولات تأمين الغرامة الوقتية والأمثلة المعدة في الغرض. فما هي الضمانات المكفولة للمنتزع منه في هذا الطور؟ اقتضى الفصل 8 من قانون الانتزاع لسنة 2016 أن «يتم الانتزاع من اجل المصلحة العمومية بأمر حكومي يعرض على المحكمة الإدارية لإبداء الرأي . ويبين بأمر الانتزاع طبيعة العقار والمشروع المزمع انجازه». يبدو من ظاهر النص ان عرض مشروع الأمر على الدوائر الاستشارية بالمحكمة الإدارية من شانه ان يمثل ضمانة جدية لمراقبة عملية الانتزاع وبأنها ستكون من اجل المصلحة العامة. إلا انه بالتمعن في صيغة النص (الفصل 8) يتضح ان عملية العرض ستكون رهينة رغبة ومشيئة الجهة المنتزعة لإتمامها . فالنص لم يتضمن - عن قصد - صيغة الوجوب لإتمام تلك العملية. كما يلاحظ انه حتى في حال العرض فان المحكمة الإدارية تكتفي بإبداء رأيها دون أن تكون له صبغة إلزامية لجهة الإدارة (إذا تبين مثلا عدم توفر عنصر المصلحة العامة في المشروع المزمع انجازه). وعليه وطالما إن رأي المحكمة الإدارية لم يرد في صيغة الوجوبي – المطابق فان عملية العرض ستكون مجرد شكلية ، بالنظر خاصة الى توقيت عملية العرض التي عادة ما تكون متأخرة ومتزامنة – تقريبا – مع عملية الإصدار. وعلى هذا الأساس فان عملية العرض سوف لن تمثل ضمانة هامة لمراقبة شرعية أمر الانتزاع ، وسوف لن تجعله بمنأى عن الطعن بتجاوز السلطة. فمن حيث طبيعته، يعد أمر الانتزاع قرارا إداريا بامتياز وبالتالي فهو قابل للطعن بتجاوز السلطة. (...يتبع)