في وقت انتظر فيه الجميع أن تساهم ثورة الحرية والكرامة في محاصرة ظاهرة «الحرقان» ودراسة أسبابها للحد من انتشارها عبر توفير مواطن الشغل وبعث المشاريع والاحاطة بالشباب تعمقت الظاهرة بعد اكثر من ست سنوات ونصف على سقوط النظام السابق، حيث شهدت سواحلنا في الأسابيع الأخيرة موجة من الرحلات البحرية غير الشرعية بعد ان نشطت «السمسرة» وانطلق المئات من الشباب الى«الجنة الموعودة» على متن مراكب موت أبحرت خلسة انطلاقا من شواطئنا باتجاه السواحل الايطالية في رحلات خلفت بعض الفواجع. وقالت مصادر أمنية رفيعة المستوى ل «الصباح» إن وحدات الحرس البحري بمختلف المناطق البحرية للحرس الوطني بذلت مجهودات كبيرة للتصدي لعمليات الإبحار خلسة وتمكنت من إنقاذ عشرات الحارقين من موت محقق وإيقاف المئات منذ بداية العام. ولكن رغم المجهودات الكبيرة التي بذلتها مصالح الحرس البحري وأيضا البحرية الوطنية والامن الوطني فإن ظاهرة«الحرقان» تواصلت بل تضاعفت في الاونة الاخيرة وخلفت عدة فواجع تسببت في غرق عشرات المهاجرين غير الشرعيين فيما قالت وسائل إعلام إيطالية إن أكثر من أربعة آلاف«حارق» تونسي وصلوا الى السواحل الايطالية بعد مشاركتهم منذ بداية العام الجاري في عمليات اجتياز الحدود خلسة نظمتها شبكات مترامية الاطراف أخطرها بولاية صفاقس. صفاقس الأولى في سياق متصل أكد مصدر من الحرس البحري في اتصال مع«الصباح» ان عدة شواطئ تونسية تعتبر من المناطق السوداء لرحلات الابحار خلسة تتواجد اساسا بولايات مدنينوصفاقس والمهدية والمنستيرونابل إضافة لمناطق أخرى تعتبر أقل حدة متواجدة بولايات قابسوسوسةوجندوبة، وتتصدر ولاية صفاقس خريطة المناطق السوداء لانطلاق عمليات اجتياز الحدود البحرية خلسة. وقال ذات المصدر ان شواطئ ولاية صفاقس تحتل المرتبة الأولى في كثافة رحلات الهجرة غير الشرعية وتحديدا شواطئ قرقنة والعوابد والعامرة وسيدي منصور وبدرجة أقل شواطئ الدوار واللوزة بأحواز جبنيانة والمحرس وأعزى هذا التدفق البشري الى قرب المنطقة من جزيرة لمبدوزا بأقصى الجنوب الايطالي وتعدد شبكات تنظيم عمليات«الحرقان» التي بدأت تتهاوى بعد الضربات الامنية الأخيرة التي تلقتها إثر الفاجعة الأخيرة بسواحل قرقنة. قليبية الثانية ووفق نفس المصدر فان شواطئ معتمدية قليبية من ولاية نابل احتلت المرتبة الثانية من حيث عدد عمليات التهريب بحرا، مشددا على ان التهريب انطلاقا من هذه الربوع شمل البشر والسجائر لقربها من سواحل بانتالاريا الايطالية فيما تأتي بعدها تباعا شواطئ الهوارية وقربة وسليمان وسيدي جمال الدين بمنزل تميم وغيرها من شواطئ الوطن القبلي التي تتواجد عادة بالقرب منها غابات كثيفة. شواطئ سوداء وبالنسبة لبقية المناطق السوداء لعمليات«الحرقان» فإنها تتواجد بولاية المهدية وخاصة الشابة وملولش اللتان تشهدان أغلب العمليات المنطلقة نحو الجنوب الايطالي بالاضافة لشواطئ الغضابنة والخمارة والشعابنة المعروفة بتواجدها بالقرب من غابات كثيفة وولاية مدنين وتحديدا شواطئ جرجيس وبدرجة أقل شواطئ جربة ثم ولاية قابس التي تراجع نسق عمليات اجتياز الحدود البحرية خلسة انطلاقا من شواطئها وولاية المنستير وخاصة على مستوى شواطئ البقالطة وطبلبة. ولاية سوسة بدورها تضم بعض المناطق السوداء لعمليات الحرقان رغم تراجعها عن السنوات الفارطة من اهمها شط مريم وبوفيشة اضافة الى ولاية تونس وتحديدا على مستوى حلق الوادي وولاية بن عروس انطلاقا من شواطئ برج السدرية ولكنها تراجعت بصفة كبيرة وولاية اريانة انطلاقا من شواطئ قلعة الاندلس(تراجعت بنسبة كبيرة) وولاية بنزرت انطلاقا من غار الملح وكاب زبيب ورأس الجبل وولاية جندوبة وتحديدا من شواطئ طبرقة التي تراجعت نسبة تدفق الحارقين عليها. الامن الداخلي والجيش في سياق متصل أكد مسؤول أمني برتبة عميد بالحرس البحري في اتصال مع«الصباح» ان مجهودات كبيرة تبذلها قوات الأمن الداخلي وخاصة على مستوى المناطق البحرية للحرس الوطني في مكافحة هذه الظاهرة وفق الامكانيات المتاحة، مضيفا أن الاعوان أحبطوا عددا كبيرا من عمليات اجتياز الحدود البحرية خلسة وخاصة في الاسابيع الاخيرة ألقوا إثرها القبض على مئات الحارقين وأنقذوا العشرات من موت محقق. واشار مصدر امني ثان برتبة وكيل أول بالحرس البحري في اتصال هاتفي مع «الصباح» الى ان عدة مناطق سوداء مازال منظمو عمليات اجتياز الحدود البحرية خلسة يستغلونها وخاصة الشواطئ التي تحاذيها السباخ والغابات الكثيفة لسهولة المرور عبرها والتخفي والفرار بالتوازي مع صعوبة تنقل السيارات الأمنية عبرها على غرار الشاطئ المطل على منطقة بطرية وشاطئ ملولش بين المهدية وصفاقس، مؤكدا ان المصالح الامنية تعمل للتصدي لهذه الظاهرة رغم كل المصاعب التي تواجهها.