أثار مقترح اللّجنة الحكومية - المكلفة بمراجعة نظام دعم المنتجات الأساسية - باللجوء إلى الرّفع التدريجي للدعم عبر اعتماد الأسعار الحقيقية على ثلاث مراحل وفقا للتصريحات التي أدلى بها المكلّف بمهمّة لدى وزارة التجارة، جدلا كبيرا بما أن الأمر يتعلق - على حد قول كثيرين - بمواد يفترض ألّا يقع مطلقا المساس بها على غرار الحليب والخبز. ورغم أن وزير التجارة عمر الباهي كان قد نفى أول أمس أي نية للحكومة لرفع الدعم عن المواد الأساسية، كما انه لن يُسجل أي ارتفاع في الأسعار في الفترة القادمة، وان الحكومة لديها مشروع تحت الدرس لتوجيه الدعم لمستحقيه على اعتبار أن منظومة الدعم المعمول بها حاليا تُشرع للفساد، إلا أن المسالة لا تزال تسيل الكثير من الحبر في ظل ما وصفه البعض ب»التصريحات المتضاربة». فقد أورد المكلّف بمهمّة لدى وزارة التجارة يوسف طريفة في تصريح أدلى به ل(وات) ان اللجنة الحكومية المكلفة بمراجعة نظام دعم المنتجات الأساسية، توصي باللجوء إلى الرفع التدريجي للدعم، ليتم اعتماد الأسعار الحقيقية على ثلاث مراحل: «وتهم المرحلة الأولى الحليب والزيوت النباتية، وتتعلق المرحلة الثانية بالخبز (الخبز من الحجم الكبير والباقات) الى جانب فارينة المرطبات، والمرحلة الثالثة السكر والسميد والكسكسي والمعجنات الغذائية». وبين المتحدث أن «خيار المرور عبر ثلاث مراحل تدوم كل واحدة منها ما بين 6 و9 أشهر سيمكن من معالجة النقائص عند الحاجة وخاصة من تمديد فترة الترفيع في الأسعار، التي ستبقى مؤطرة». تحويل الدعم نقدا لمستحقيه كما فسر طريفة «أن التحويل النقدي سيعمل على الحد من تدهور المقدرة الشرائية للمواطنين بسبب المرور إلى الأسعار الحقيقية للمواد الأساسية. وسيتم إحداث قاعدة معطيات تجمع بين مجمل المستفيدين من التحويل النقدي. وسيكون التسجيل في قاعدة التحويل النقدي طوعيا ودون إقصاء لكل تونسي مقيم راشد». تصريحات ولئن فندتها الوزارة إلا أنها فتحت الباب على مصراعيه أمام التأويلات والدعوات التي تطالب بعدم المساس مطلقا بمنظومة الدعم في المواد الأساسية. في تفاعله مع المسألة أقرّ نائب رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك أكرم الباروني في تصريح ل»الصباح» بصحة ما صرّح به وزير التجارة حين اعتبر أن منظومة الدعم المعمول بها حاليا تُشرّع للفساد، موضّحا أن هذه المنظومة تشوبها عديد الاخلالات والتجاوزات، كما أنها تعتبر بابا من أبواب الفساد بما أن الدعم أضحى يذهب إلى غير مستحقيه فضلا عن معضلة المضاربة في المواد الاستهلاكية الأساسية ذات المطلب الكبير. أمّا فيما يتعلق بموقف المنظمة، فقد أورد الباروني أن منظمة الدفاع عن المستهلك تعتبر أن منظومة الدفع لا يمكن رفعها أو إلغاؤها بين عشية وضحاها باعتبار أن المنظومة قائمة منذ عشرات السنين، كما أن إلغاء الدعم غير ممكن، لا واقعا ولا قانونا، قائلا: «ندعو إلى إصلاح منظومة الدعم ومراجعتها بشكل يذهب فيه الدعم إلى مستحقيه في كنف الوضوح والشفافية «. وشدد على أن منظومة الدعم تبقى من المسائل التي من الضروري مراجعتها وإعادة النظر فيها لاسيما أن بقاء المنظومة على ما هي عليه تشرع للفساد في ظل الإخلالات الموجودة، داعيا إلى ضرورة الإسراع في إصلاح هذه المنظومة بشكل عميق وجذري وبمشاركة جميع المنظمات والهياكل المعنية. من جهته، وحول الإجراءات الحينيّة التي من الضروري تطبيقها قبل الانطلاق في مراجعة فعلية لمنظومة الدعم، أورد رئيس منظمة إرشاد المستهلك لطفي الرياحي في تصريح ل»الصباح» ان المطلوب هو أن يذهب الدعم إلى مستحقيه على اعتبار أن هناك أطرافا مستفيدة من الدعم، مشيرا إلى أن إقرار بعض الإجراءات على غرار تركيز نقطة قارة لبيع الزيت في الأسواق من شأنها أن تحد من المضاربة في الدعم التي يتضرر منها المستهلك.