في لقاء جمعه برواد "بيت الرواية" في مدينة الثقافة يوم الجمعة 21 سبتمبر الجاري الذي يخصص جلسات دورية للتعريف بأدب وأدباء تونس وخاصة روائييها قال الاديب حسن نصر بان دعوة بيت الرواية اسعدته وانه يشعر بالفخر وهو يلتقي بهؤلاء الشبان وبهذا الجيل الجديد من المبدعين ومن كتاب الرواية وتمنى ان يكون عصرهم احسن من عصره وان يعملوا على الانتشار خارج تونس لأنه لديهم ما يقولونه ولأنهم يقدرون على حصد الجوائز خارج تونس ومن الاكيد ان تصبح اسماؤهم متداولة عربيا ودوليا، فلا يكفي ان نحصل على جائزة عربية كبيرة ننافس بها اسماء عربية كبيرة رسخت اقدامها في مجال الكتابة وإنما من الضروري ان تصبح اسماء الروائيين التونسيين متداولة وان تصبح كتبهم متوفرة وان تدرس كتاباتهم في الجامعات العربية وان كانت لنا اسماء كبيرة تدرس آثارهم في بعض الجامعات العربية. في بداية اللقاء تحدث حسن نصر عن تجريته في الكتابة ومسيرته التي بدأت منذ ستينيات القرن الماضي وتتواصل الى اليوم حيث تصدر له قريبا رواية "ابو بكر الشبلي صاحب الأحوال" لتنضاف لكتبه "ليالي المطر" و" 52 ليلة" و"دهاليز الليل" و"السهر والجرح" و"خبز الأرض" و"خيول الفجر" و"ملاك في المنفى" و"دار الباشا" و"كائنات مجنحة" وكتاب "ما اجمل البحر" وقد صدر بعد الثورة. ولأنه من رواد كتابة القصة القصيرة والرواية والأقصوصة والمقالة في تونس ومن مؤسسي نادي القصة بالوردية ومجلة قصص وكذلك اتحاد الكتاب التونسيين تحدث حسن نصر عن جيله جيل التأسيس للكتابة وللفكر والإبداع.. جيل الريادة وانطلاق التجارب في كتابة القصة والرواية والقصيدة والنقد الادبي وأيضا تجميع ما كتبه رواد القصة والرواية في تونس مبعثرا فيما كان متيسرا من جرائد ومجلات وملاحق آنذاك مثل كتابات على الدعاجي التي تم تجميعها بعد ان تأسس نادي القصة بالوردية بالعاصمة ونشر في مجلة قصص سنة 1964 . واقع الرواية التونسية ليس دراميا ولكل جيل مبدعون واقع الرواية التونسية ليس دراميا كما يعتقده البعض بل هو جيد حيث يقرأ حسن نصر لأسماء من أجيال مختلفة روايات تعجبه ولكنه يأسف لان الكتاب التونسيين لا يشتهرون مثلما يشتهر المصريون والسوريون واللبنانيون ولا تتداول اسماؤهم وتوزع كتبهم على نطاق واسع وقد صرح بأنه يتابع الحركة الادبية في تونس منذ خمسينات القرن الماضي ونشط في نادي القصة الذي تأسس منذ سنة 1964. وفي مرحلة ثانية كوّن مع العروسي المطوي ومحمد صالح الجابري ومحمد يحي مجلة "قصص" للتعريف بالكتاب الآخرين وأضاف نصر:"..وأول من عرفنا به هو علي الدعاجي الذي كانت كتاباته مشتتة فجمعناها وبوجودنا في نادي القصة والتحاق آخرين معنا كونّا حركة ادبية ونشرنا المجموعات القصصية.. ومنذ ثمانينات وتسعينات القرن الماضي تطعمت الحركة الادبية في تونس بأسماء كثيرة لها انتاج جيد بعضها صمد وبعضها اندثر ولم يواصل التجربة وفي السنوات الاخيرة اصبحت اقرأ روايات مقنعة لعدد من الكتاب واذكر انني في السنة الماضية اعجبت برواية خيرية بوبطان "ابنة الجحيم" ومازلت اكتشف كتابات وأسماء كاتبات تونسيات رائعات يقنعنني بإبداعهن. كما تحدث حسن نصر عن اساليب كتابة الرواية وطقوسها فقال ان الهواية لا تكفي لكتابة عمل روائي مهم ويلفت الانتباه ولصناعة كاتب له اسم يتداول محليا وخارجيا بل لابد من ان يتم صقل هذه الهواية بالمطالعة وبالمشاركة في الورشات وحضور المجالس الادبية والإنصات الى التجارب ووضح ان الافكار على قارعة الطريق والمهم هو ماذا تختار منها وبأي اسلوب تقدمها للقراء . وقال:"في اللحظة التي تمسك فيها بالقلم لتكتب نصا في مجال من مجالات الفنون، ترسل به الى مجلة مختصة، هذه اللحظة لا بد ان تكون سبقتها قراءات كثيرة ومحاولات في الكتابة لا تحصى وتجارب متعددة ووعي بذلك وبكل ما يدور في الوطن وفي العالم من حولك، وان تكون حاولت معرفة الانسان في صراعه مع الطبيعة وصراعه مع نفسه ومع اخيه الانسان، وتكون كذلك تقلبت ظهرا لبطن وعرفت الحياة حلوها ومرها ومدها وجزرها". لكي نكتب يجب أن يكون لدينا ما نقوله وأضاف حسن نصر:"لكي نكتب يجب ان يكون لدينا ما نقوله ورغبة في تغيير الواقع. وقال:"كانت الثورة الجزائرية على اشدها في سنوات 57 و58 من القرن الماضي وكنت اتابع اخبارها فيوجعني قلبي أتأثر بكل ما يجري من تعذيب و فظاعات فكتبت قصة قصيرة عنوانها "دمعة كهل" وهي اول قصة اكتبها تصور استيقاظ الضمير الانساني امام بشاعة التعذيب.. ارسلتها الى مجلة الفكر فنشرتها في جانفي 1959 كاملة كما كتبتها. من ثمة كسبت الثقة في نفسي وراسلت المجلة طيلة ثماني سنوات ونشرت لي دون ان يعرفني احد". وبين البروز والاختفاء تأكدت مسير حسن نصر الذي اشتغل في بداية مسيرته معلما بالمدارس الابتدائية في تونس ثم انقطع ليسافر الى العراق من اجل الدراسة بكلية الآداب.. وقتها نسي الكتابة والساحة الثقافية التونسية وانغمس في الدراسة الجامعية، الى حدود سنة 1964 حيث صدرت ترجمة باللغة الفرنسية لأعمال الكتاب العرب من لبنان ومصر والعراق وسوريا وفلسطين والسودان وتونس والجزائر ومراكش ووجد نفسه بين هؤلاء الكتاب حيث ترجمت له قصة "الثور الذي خلفه ابي". وعندما عاد الى تونس اندمج حسن نصر في الحياة الفكرية والأدبية وتعرف على الكتاب والشعراء والرسامين والصحفيين ونشر سنة 1968 مجموعة "ليالي المطر" التي تحصل بها على الجائزة التشجيعية من وزارة الثقافة كما نشر روايته الاولى "دهاليز الليل" وتحصل بها على نفس الجائزة. هذه الرواية ترجمت الى اللغة الروسية ضمن مجموعة من القصص القصيرة لمختلف الكتاب التونسيين صدرت كلها تحت عنوان "دهاليز الليل" تعرف بالأدب التونسي وقال نصر :"طبع من هذا الكتاب مائة الف نسخة كما اخبر المترجم السوفياتي بذلك، وتحصلت من الاتحاد السوفياتي على حقوق التأليف بما قيمته سبع مائة دينار في سبعينيات القرن الماضي". هل غير الكاتب التونسي الواقع؟ وعن علاقة الروائي التونسي بتغيير الواقع في تونس وفي الوطن العربي ومدى تأثيره فيه لاحظ حسن نصر أن الكاتب التونسي ورغم كتاباته الجيدة غير موجود في الاذهان -الا ما رحم ربي- مثل ما كان ومازال الطيب صالح ونجيب محفوظ وغيرهما وقال:"لا يسمع بنا احد خارج تونس رغم انه من بيننا من يكتب ويواكب ويبدع ويقنع ولا احد من الكتاب التونسيين نال شهرة عالمية او عربية كما يستحقها وحتى محمود المسعدي وقف اسلوبه في الكتابة بينه وبين الانتشار وسبب ذلك عدم وجود دور نشر قادرة على ان تصنع الاسماء وتشهر الكتّاب وتوزع كتبهم بانتظام وتعرف بهم في المعارض العربية والدولية كما توجد في مصر ولبنان وسوريا وغيرها من البلدان، اضافة الى عدم قدرة الاعلام التونسي حاليا على مواكبة ونشر الدراسات النقدية والأدبية والقراءات وكذلك تخلي الجرائد عن الملاحق الادبية والثقافية واندثار اغلب المجلات التي لم تبق منها إلا مجلة قصص. وقال:"نحن الكتاب كثيرا ما نكتشف انه يتم اختيار نصوصنا في كتب القراءة يكتب تحتها بتصرف دون ان يتم اعلامنا بذلك او استشارتنا كما اننا لا نتلقى ولو مليما عن تلك النصوص".