بعد جرعة اكسيجين بسيطة، لم تنعش احتياطي تونس من العملة الصعبة إلا أياما قليلة بعد ضخ قرض صندوق البنك العالمي، ينهار هذا الاحتياطي مجددا ليصل أمس إلى 73 يوم توريد بمقدار 11524 مليون دينار ومن المنتظر أن يتواصل هذا الانهيار خلال هذا الأسبوع في انتظار قرض جديد ربما يكون قرض صندوق النقد بقيمة 245 مليون دولار وهو القسط الخامس من القرض المخصص لتونس وقيمته الجملية 2843 مليون دولار. وكان الاحتياطي قد وصل ل77 يوما خلال الأيام الفارطة بعد الحصول على قرض بقيمة 412.3 مليون أورو (ما يعادل 1.344 مليار دينار) في 20 سبتمبر 2018، من البنك العالمي في إطار «سياسة التنمية والتنافسية والاقتصاد الاجتماعي والاندماج المالي». وقد قام البنك المركزي التونسي وقتها بضخ 500مليون دولار مباشرة بعد صرف القرض. منحى تنازلي لاحتياطي العملة الصعبة ويشهد احتياطي تونس من العملة الصعبة منحى تنازليا منذ بداية السنة ليصل حد 68 يوما فقط في 18 سبتمبر 2018. وكان هذا الرقم في حدود ال90 يوما خلال نفس الفترة من العام الماضي. ويعدّ تراجع الاحتياطي واحدًا من مظاهر انهيار الاقتصاد التونسي خلال الأشهر الماضية، وهو يواصل نزيفه إلى أن أصبحت تونس اليوم على حافة الإفلاس، بحسب خبراء اقتصاديين. ويعود تراجع احتياطي تونس من العملة الصعبة إلى انهيار سعر صرف العملة المحلية، الدينار، مقابل العملتين الرئيستين اليورو والدولار، إذ فقد الدينار 13 % من قيمته مقابل اليورو، و7.6 % مقابل الدولار ما بين جويلية 2017 وجويلية 2018. الدولار تجاوز عتبة ال 2.8 مقابل الدينار وقد تجاوز سعر صرف الدولار الأمريكي الواحد أمس الثلاثاء 2 أكتوبر 2018، ال2.8 دينار تونسي ليصل الى 2.818، بحسب موقع XE المهتم بأسعار صرف العملات العالمي.. وهو رقم تاريخي لم يسبق أن بلغه سعر صرف الدولار في البنوك التونسية. أما بالنسبة للعملة الأوروبية الموحدة، الأورو، فقد بلغ سعر صرف الوحدة منه أمس الى 3.245. ويشهد الدينار انزلاقا متواصلا منذ سنة 2011، وقد تسارعت وتيرة تراجعه أمام العملات الرئيسية بعد تخلّي البنك المركزي عن دوره في دعم العملة التونسية بعد أن طالبت المؤسسات المالية الدولية وعلى رأسها البنك العالمي وصندوق النقد الدولي بالتوجه التدريجي نحو تعويم الدينار إلى أن يصل إلى قيمته الحقيقية. ارتفاع التضخم وضع المخزون من العملة الصعبة وانهيار العملة المحلية نتج عنه ارتفاع كلفة الإنتاج والتوريد وهو ما نتج عنه آليا ارتفاع نسبة التضخّم في البلاد التي وصل معدلها سنة 2018 إلى 7.8 بالمائة (7.5 بالمائة في أوت الماضي) مقارنة ب 6.4 بالمائة سنة 2017. نسبة التضخم هذه تعد «قياسية»، وتعود إلى العجز في الميزان التجاري، خاصة على مستوى تمويل الواردات بالعملة الصعبة. ومن أسباب هذا التراجع تفاقم العجز التجاري الذي ناهز ال12 ألف مليون دينار خلال الثمانية أشهر الأولى من العام الحالي، بحسب المعهد الوطني للإحصاء مع توقع عجز تجاري غير مسبوق بنهاية السنة الجارية قد يقارب ال18 ألف مليون دينار.. هذا الوضع يحتم دق ناقوس الخطر خاصة ان كل المؤشرات والدلائل تشير إلى أن البلاد باتت مهددة بالإفلاس.