«جارالتحميل..» الكلمة التي أطلقها رئيس الحكومة يوسف الشاهد قبل أكثرمن أربعة أشهر عندما سئل عن موعد التحوير الوزاري الذي يبدو أن مدة التحميل الالكتروني ليست قريبة من نهايتها وقد لا تكتمل قبل انفراج الازمة السياسية التي تجرف البلاد الى المجهول.. وربما استوجب الامر المزيد من الانتظار حتى ينضج الحمل ويتضح جنس وطبيعة التحوير المرتقب لتطعيم الحكومة في ما بقي لها من الحكم قبل موعد الانتخابات القادمة... الحقيقة أن موقف يوسف الشاهد وتردده في الاستجابة لما كان التزم به في هذا الشأن لا يعد استثناء ولا يتوقف عند حدود المشهد السياسي التونسي الذي يشكو حالة من الجمود والشلل الذي طال أمده بل هو موقف ينسحب على أكثر من حكومة في العالم العربي المقيد بعقلية الغنيمة ولعبة المحاصصة الحزبية التي تكاد تنهك المشهد السياسي فيها.. والامر ينطبق على العراق الذي يسعى لتشكيل حكومة جديدة منبثقة عن نتائج الانتخابات التي تمت قبل أكثر من اربعة أشهر والتي ظلت تتأجل بالنظر الى استحالة المرور الى تشكيل الحكومة قبل فصل مجلس النواب العراقي رئاستي الجمهورية والحكومة وهو ما تم قبل أيام ومهد بالتالي الطريق أمام رئيس الحكومة عادل عبد المهدي لاطلاق سباق تشكيل الحكومة العراقية والبحث عن توافق بين الائتلاف الفائز الذي يشكو حالة نشاز في تركيبته لا يخفى عن أعين مراقب.. تماما كما ينطبق على الحالة اللبنانية التي دخلت مرحلة الاستنزاف للمشهد اللبناني الذي أصيب بالجمود بعد أن فشلت القوى السياسية فيه في تجاوز تعقيدات تشكيل الحكومة التي يترأسها سعد الحريري وتطلع الساحة السياسية اللبنانية الى الخروج من عنق الزجاجة على حد تعبيرالرئيس الباجي قائد السبسي المهوس بهذا التعبير, وتحقيق الخلاص الذي لا تستطيع بلوغه بسبب المحاصصة وما يرتبط بها من حسابات طائفية وحزبية ومن ضغوطات وابتزازات للقوى السياسية وولاءاتها الاقليمية والدولية وسعيها للاستئثار بأكبر عدد ممكن من الحقائب الوزراية السيادية. والحقيقة أن العنصر المشترك بين الامثلة التي سبق ذكرها رغم انها تتمتع بقدر من الديموقراطية والشفافية مرده وقوعها تحت هيمنة عقلية الغنيمة البغيضة واعلاء خيار الولاءات والمحاباة والمحسوبية بدل الاستجابة لشرط الكفاءة والخبرة والنزاهة المطلوبة في كل مسؤول في الحكومة أو في أي مؤسسة سياسية او اقتصادية اوغيرها.. وتلك أيضا مصيبة أغلب الانظمة العربية ودول العالم الثالث التي لم تتخلص من عقدة الولاءات التي تحولت الى داء ينخر مؤسسات الدولة ويستنزف مواردها بعد أن تحولت نتائج الانتخابات ومهما بلغت من الشفافية الى ما يشبه سوقا للمزادات العلنية على المناصب وعنوانا للحوافز والامتيازات والسلطة.. ولا شك أن في تواترالتقارير التي تؤكد تفاقم الفساد في أغلب هذه الدول مرده سوء التقدير وعدم ترجمة شعار الرجل المناسب في المكان المناسب سواء تعلق الامر بالكفاءات من النساء أوالرجال... واذا كان يوسف الشاهد اختار التخفي وراء التكنولوجيا للتهرب من استحقاقات التحويرالمؤجل الى أجل غير مسمى, فان نظيره العراقي اختار التكنولوجيا للافلات من ضغوطات القيادات الحزبية وتجنب الابتزازات ومحاولات النخب البائسة الاستئثار لهم ولذويهم بأكبرعدد من الحقائب الوزارية.. والطريف أن أول من تجرأ وتقدم للفوز بمنصب في الحكومة العراقية بعد ساعات على اعلان الموقع كانت امرأة وقد بادرت بالاستجابة لبلاغ رئاسة الحكومة لاعتقادها أن رئيس الحكومة الجديد اختار القطع مع الاساليب النمطية المفلسة في توزيع المناصب... وفي انتظار تحقق الانفراج في المشهد العراقي واستكمال بقية أعضاء الحكومة مطلع الشهر القادم يبقى الاكيد أن المشكل الاساسي سواء تعلق الامر بالمشهد العراقي وما يرافقه من شلل بعد أكثر من اربعة أشهر على تنظيم الانتخابات التشريعية في العراق وتواصل الجمود بشأن تشكيل الحكومة العراقية أو كذلك المشهد اللبناني الذي يعيش بدوره جمودا مستمرا بعد انتخابات ماي الماضي تبقى عقدة الجشع والمحاصصة الحزبية والاطماع الطائفية سيد المشهد وسبب الخراب والتجني على حق الشعوب والاوطان...