انطلقت الدورة النيابية الاخيرة لمجلس نواب الشعب ومع هذه الانطلاقة عادت الهواجس لتقض المضاجع بسبب ما عشناه وما عانيناه وعايناه من تجاوزات فاقت الحدد تحت قبة المجلس. ومن باب التذكير بإبداعات ابطال الملاسنات اعود الى ما سجلناه من مسرحيات مبكيات على امتداد الدورات النيابية السابقة عسى ان تتحرك الضمائر لإيقاف المهازل ومباريات المشاحنات والتطاول. عدوى «الفيراج» هجرت في المواسم الاخيرة ملاعب الكرة وامتنعت عن ممارسة لازمتني على امتداد عشرات السنين وذلك لظروف مهنية وشخصية متعددة. ومن اهم الاسباب اذكر موجة الرداءة التي عمت الملاعب واتت على كل جميل في لعبة الملايين.. تلك الرداءة التي تتمثل بالخصوص في التهور الذي اصبح سمة تصرفات الجمهور التي فاقت كل الحدود. هربت إذن من أهازيج «الفيراج» في الملاعب فوقعت في مطب لاهب بل هو اشد وانكى.. اكتفيت بمتابعة بطولات اخرى تجري اطوارها في ملاعب مختلفة ومصانة نظريا من تجاوزات مدارج الكرة وجمهورها. لذلك ادمنت متابعة تلك المباريات عبر الشاشة الصغيرة وبذلك ضرب عصفورين بحجرة واحدة.. المتابعة المريحة والحصول على ما يشبع نهم قلمي. ومع مرور الجولات والدورات تبين ان منسوب التجاوزات والمخالفات والركلات المحرمة فاق التوقعات وسجل ارقاما قياسية يعسر تحطيمها او حتى معادلتها. لقد تابعنا كل انواع الضرب الممنوع لفظ وحسا وسجلنا مشادات لم نر مثيلا لها في الملاعب.. واسألوا سامية عبو وعمار عمروسية وغيرهما تجدوا الاجوبة الشافية! تصرفات «الفيراج» تحولت الى ممارسات متكررة في رحاب البرلمان الذي تحول بدوره الى مسرح لتبادل الحوارات التي تتسم بالعنف وهبوط الفكر وغياب الوعي.. فتشابكت الايدي وانزلقت الالسن الى مدونة لا تليق بمقام النواب وسمعنا اوصافا ونعوتا تطلق من هذا الجانب او ذاك يندى لها الجبين. قد يعتبر البعض ان ذلك ناتج عن بعض التشنج الطارئ الذي قد يحدث رغم انوف الجميع ولكن تكرر الامر يدفع الى تأويلات مغايرة لما ذكر. لقد تخصص بعض النواب في تصعيد اللهجة ضد كل طرف وضد كل شيء ووصل الامر حد الدعوة الى الفوضى وان بطرق مغلفة كما اتجه البعض الاخر الى دغدغة المشاعر الجهوية والفئوية فيما اصر صنف ثالث على ان يكون في الواجهة امام الكاميرا داخل المجلس وخارجه ليبدو في ثوب البطل الذي لا يشق له غبار ولا تخبو له نار! هؤلاء وغيرهم حولوا قبة البرلمان الى مسرح يتندر بوقائعه المتابعون الذين وجدوا فيه معوضا للأعمال المسرحية المغيبة.. ايها «الممثلون» (بالمعنى المسرحي) كفاكم تمثيلا وثوبوا الى الرشد وتوقفوا عن هلوسات البطولات الوهمية لان البطولة الوحيدة التي انتخبتم لتحقيقها هي خدمة الشعب بصدق وامانة وشرف واخلاق عالية.. لقد مللنا مسرحياتكم فعودوا إلى ذواتكم وحاولوا اصلاح ما افسدته تصرفاتكم.. والله يغفر سيئاتكم.. الوقود والنار ومن «ملعب باردو» الى الميادين الملونة عبر شاشات التلفزة المحلية.. لقد دافعنا ومازلنا عن حرية الاعلام والتعبير ووقفنا ضد الاتهامات الموجهة الى اعلامنا الوطني بمختلف تجلياته وتحميله مسؤولية ما يحدث من تجاوزات بسبب بحثه عن «البوز» الخ.. ولكن الواقع المعيش داخل بعض المؤسسات الاعلامية المرئية (وليست كلها) وما تمارسه من تغطيات لبعض الاحداث يدعونا جميعا الى التوقف عند تفاصيلها حتى لا تتورط الى الحد الذي لا يمكن عنده ايقاف النزيف. إن المرء ليتساءل عن الفائدة من تمرير تلك اللقطات المتشنجة المأخوذة من بؤر التوتر حتى ان الامر يبدو مقصودا.. فهل يعقل ان تكون الصدفة دائما وراء تسجيل تلك المداخلات النارية ومنها ما يدعو جهرا الى العنف؟! لا اعتقد ان ذلك يحدث كل مرة ببراءة ثم كيف تقدم تقارير مصورة عن قطع الطرقات واضرام النار في العجلات وغيرها وتوصف بالاعتصامات السلمية؟! هل الاعتصامات السلمية تتمثل في قطع حركة المرور ومنع المواطنين من التنقل والعمل وايقاف الانتاج؟ هل ان التحركات السلمية ان يهب جمع من المواطنين للمطالبة بعودة مسؤول معزول لأسباب ادارية او التهديد بالتصعيد.. وهل.. وهل..؟ الاعلام المرئي عندنا دخل مرحلة الجري وراء السبق كلفه ذلك ما كلفه وان بإضرام النيران ليتساءل بعد ذلك عن مصدر الدخان! لقد انخرطت تلك الفئة في اصطياد المثير حتى وان أدى ذلك إلى أسوأ مصير والخروج عن قواعد المهنة وخيانة المهمة! ففي نشرات الاخبار تتجول الكاميرا من الشمال الى الجنوب وتتحدث عن البيئة والمدرسة والطرقات وغيرها وتمر غير مبصرة لقضايا تعيق الانتاج والاستثمار الخ.. ماذا نسمي هذا؟ هل هو اهمال ام سوء تقدير أم بحث عن اللافت والمثير؟ في كل الحالات هذا تقدير أعرج ومنزلق خطير.. قد يتساءل البعض.. وماذا عن حرية التعبير؟.. ان الحرية مسؤولية وتتطلب التوازن في تغطية الاحداث لان العكس يؤدي الى الترويج لصورة معينة تتحول شيئا فشيئا الى انموذج قابل للتعميم. لذلك يمكن القول ان حرية التعبير والاعلام لا تعني الانفلات وفقدان المرتكزات للإعلام المسؤول والبعيد عن الاثارة الجانية.. «شكشوكة» سامي.. سامي الفهري صاحب افكار.. وقد اثبت هذا على امتداد السنوات الاخيرة من خلال «التونسية» «ثم «الحوار التونسي».. ومن باب الرد على المشككين والمتهكمين على الشعار الدائم الذي كان يرافق جيل البرامج في قناته بادر هذه المرة بإعداد وتقديم برنامج يحمل عنوان: «فكرة سامي الفهري». العنوان يستبطن اشارتين واضحتين.. الاولى تفيد الرد الذي اشرت اليه والثانية تتصدى لإمكانية الاستيلاء على الفكرة بعد ان اصبحت ممهورة باسمه. سامي اطل في «لوك» جديد وكأنه يقول.. انا هنا وانتظروا مني دائما الجديد. واعود الى البرنامج في حد ذاته الذي بدا في صورة شقيقه «لاباس» زائد بعض البهارات على مستوى المشهدية (ديكور واضاءة وتعدد مستويات الفرجة الخ..) اما من حيث المضمون فقد خرج في شكل «شكشوكة» تتشكل من مضامين تبدو متنافرة وتجمع بين الحوارات والغناء والرقص.. وبين السياسة والتهريج الخ.. لقد تراوحت الاستضافات بين السياسيين واهل المغنى والراقصين على طار بوفلس.. بين لطيفة وزازا.. لطيفة ظهرت بدورها في شكل جديد واستعادت رشاقتها وجددت ملامحها فاذ هي شابة ايام زمان. تغير اللوك رافقه تغيير في تصرف لطيفة امام الكاميرا حيث تحركت بطريقة مفتعلة ورقصت واهتزت وابتسمت وضحكت ومدت المصدح باتجاه الجمهور.. في لحظة تخلت فيها عن أسلوبها المعتاد وانضمت الى زمرة الراقصات اللاتي يعولن على الخصر بدل الحنجرة! لماذا فعلت ذلك.. والحال انها قادرة على شد الجمهور بصوتها واغانيها فقط لا غير.. فمن صفر في اذنها كي تغير اسلوبها وتقتحم ميدان هز الوسط والفرفشة التي لا تغطي العيوب ولا تستقطب القلوب.. فهل رأت لطيفة المرحومتين وردة وفائزة احمد او نجاة الصغيرة مثلا يغيّرن وقفتهن امام الجمهور من باب مسايرة الموجة السائدة؟ فلماذا هذا يا لطيفة؟! زقزقة. حاكم *قال خبر صحفي: تقلصت صلاحياته: الوالي حاكم لا يحكم.. ** قالت العصفورة: وما الغرابة في ذلك؟ الوالي نسخة من حكام البلاد.. فهل الوزير يحكم؟ وهل الحكومة تحكم؟ وهل رئيس الحكومة يحكم؟ الحكم خرج من ايدي اصحابه واصبح لدى من يحسن فرض العابه ويريد على الشعب انغايه. الفوضى تحكم والحق ابكم!