في الوقت الذي ينتظر أن يساهم قطاع الفسفاط في تدعيم عائداتنا من العملة الصعبة وذلك عبر استعادة نسق التصدير ما من شأنه التخفيف من عجز الميزان التجاري الذي بلغ خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2018 حدود 14183.2 مليون دينار مقابل 11480.1 م د خلال نفس الفترة من سنة 2017، بقيت صادرات قطاع الفسفاط ومشتقاته في تراجع مستمر حيث تراجعت بنسبة 7.8 بالمائة خلال التسعة أشهر الأولى من السنة الجارية ما يعني تعمق تقهقر صادرات القطاع. ورغم أن بلادنا من أهم الدول المنتجة للفسفاط ومشتقاته إلا أن مؤشرات التجارة الخارجية الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء مؤخرا قد كشفت أن واردات تونس من المواد الأولية والفسفاطية قد بلغت 12.2 بالمائة وهو ما يطرح أكثر من نقطة استفهام حول حاجتنا إلى توريد مواد فسفاطية في الوقت التي تعتبر فيه بلادنا من أهم الدول المنتجة والمصدرة للفسفاط ومشتقاته. خسارة أسواق خارجية هذا وأدى تراجع إنتاج الفسفاط إلى حدود 50 بالمائة خلال السنوات الفارطة بسبب تتالي التحركات الاجتماعية إلى خسارة بلادنا لعديد الأسواق علما وأن تونس تعد من أبرز المصدرين للفسفاط ومشتقاته، ويعود تقلص الإنتاج إلى تراجع وتيرة تحويل الفسفاط بالمجمع الكيميائي وهذا الانخفاض قد أدى بدوره إلى خسارة تونس لأهم أسواقها مثل الهند والبرازيل. هذا وقد بلغت عائدات تصدير الفسفاط خلال السنة المنقضية حوالي 500 مليون دينار في حين أن هذا الرقم قد ناهز 1500 مليون دينار خلال 2010 وهو ما يؤكد التراجع المهول لعائداتنا من القطاع الذي يعد حلا لمعضلة تراجع عائداتنا من العملة الصعبة ولعجز الميزان التجاري. تواصل تقلص الإنتاج ومن المنتظر أن تتواصل مشاكل القطاع لا سيما وأنه من الصعب بلوغ الهدف المنشود من إنتاج الفسفاط خلال السنة الجارية وهو حوالي 5 مليون طنا بعد أن تمت مراجعته من قبل الوزارة لعدة أسباب إذ كان متوقعا إنتاج 6.5 مليون طنا مع نهاية 2018. فقد بلغ إجمالي إنتاج الفسفاط التجاري خلال التسعة أشهر الأولى من السنة الجارية 2 مليون و600 ألف طن، وهو إنتاج دون الهدف المنشود الذي قد تم ضبطته خلال الفترة ذاتها وهو تحقيق إنتاج يساوي 3.5 مليون طنّ، أي بفارق سلبي قدّرت نسبته ب 25.4 بالمائة. علما وأنه خلال نفس الفترة من السنة الفارطة تم إنتاج أكثر من 3.3 مليون طن، وتروم شركة فسفاط قفصة بالنسبة للعام الحالي بلوغ إنتاج قدره 5 ملايين طنّ، وهو هدف من الصعب تحقيقه باعتبار أنّ الشركة لم تحقّق وبعد مرور تسعة أشهر من هذا العام ولو نصف كمّية الإنتاج المأمولة على اعتبار أن الإنتاج تراجع مقارنة ب2017 بنسبة 25 بالمائة. ويعتبر الشّلل التامّ لأنشطة قطاع الفسفاط لعدّة أسابيع في بداية هذا العام هو السّبب الرّئيسي في عدم بلوغ الشركة للهدف الذي وضعته لنفسها، وهو إنتاج 3.5 مليون طنّ من الفسفاط التجاري. وكانت قد اندلعت خلال الفترة الممتدة من 20 جانفي وإلى موفى شهر مارس من هذا العام بكلّ مناطق إنتاج الفسفاط (وهي المتلوي والرديف وامّ العرائس والمظيلة) احتجاجات واسعة النطاق إثر الإعلان عن نتائج مناظرة لانتداب أعوان للعمل بشركة فسفاط قفصة، وهو ما تسبّب حينها في تعطيل كلّي لكلّ أنشطة شركة فسفاط قفصة في مجالات استخراج الفسفاط وإنتاجه ونقله. كما أنّ تواتر الاعتصامات والحراك الاجتماعي من وقت لآخر قد في عدم استرجاع الشركة لنسقها العادي في إنتاج الفسفاط.