يبدو ان السياقات السياسية المتحركة والتحالفات غير المتوقعة واخرها انصهار النداء والاتحاد الوطني الحر دفعت برئيس الحكومة يوسف الشاهد لتغيير جزء من خططه «التكتكية» عبر اخراج ورقة «التحوير الوزاري» الذي يعلم الجميع انه مطروح على طاولة الحكومة منذ شهر ماي الفارط. وتعكس المعطيات التي تم تناقلها اعلاميا نهاية الاسبوع المنقضي حول امكانية اعلان الشاهد في قادم الايام عن تحوير وزاري مع تسريب بعض الاسماء المعنية بهذا التحوير، وجود رغبة من الشاهد في عكس الهجوم ضد المتحالفين الجدد. ويبدو ان طابع «المناورة السياسية» طغى على عقلية رجل القصبة الذي يريد ان يسوق لنفسه على انه هو من وضع حدا للازمة السياسية وذلك مرورا الى الحل الرابع وهو التحوير الوزاري بعد ان فضّل كل من رئيسي الجمهورية والحكومة اسقاط الحلول الدستورية الثلاثة عبر رفضهما الاستناد الى الفصول 99 و98 و97 لحل الازمة الحالية. فبمقتضى الفصل 99 يمكن «لرئيس الجمهورية أن يطلب من مجلس نواب الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها، مرتين على الأكثر خلال كامل المدة الرئاسية، ويتم التصويت بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب، فإن لم يجدد المجلس الثقة في الحكومة اعتبرت مستقيلة، وعندئذ يكلف رئيس الجمهورية الشخصية الأقدر لتكوين حكومة في أجل أقصاه ثلاثون يوما طبقا للفقرات الأولى والخامسة والسادسة من الفصل 89». كما يمكن لرئيس الحكومة استنادا الى الفصل 98 وهذا الحل الثاني «أن يطرح على مجلس نواب الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها، ويتم التصويت بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب، فإن لم يجدد المجلس الثقة في الحكومة اعتبرت مستقيلة». وفي الحالتين يكلّف رئيس الجمهورية الشخصية الأقدر لتكوين حكومة طبق مقتضيات الفصل 89. اما الحل الثالث فيتعلق بالتصويت على لائحة لوم ضد الحكومة استنادا الى الفصل 97 من الدستور، «بعد طلب معلل يقدم لرئيس مجلس نواب الشعب من ثلث الأعضاء على الأقل. ولا يقع التصويت على لائحة اللوم إلا بعد مُضيّ خمسة عشر يوما على إيداعها لدى رئاسة المجلس». ويشترط لسحب الثقة من الحكومة موافقة الأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس، وتقديم مرشح بديل لرئيس الحكومة يُصادَق على ترشيحه في نفس التصويت، ويتمّ تكليفه من قبل رئيس الجمهورية بتكوين حكومة طبق أحكام الفصل 89. وفي صورة عدم تحقق الأغلبية المذكورة، لا يمكن أن تقدم لائحة اللوم مجددا ضد الحكومة إلا بعد مُضي ستة أشهر. ويمكن لمجلس نواب الشعب سحب الثقة من أحد أعضاء الحكومة بعد طلب معلل يقدم لرئيس المجلس من ثلث الأعضاء على الأقل، على أن يتم التصويت على سحب الثقة بالأغلبية المطلقة. «عكس الهجوم» فمن الأكيد أن تسريب التحوير الوزاري ليس «مجانيا» حيث تؤكد كل القراءات أن هذه الخطوة هي رد واضح من الشاهد على تقارب النداء والاتحاد الوطني الحرّ حيث يحاول «رجل القصبة» استباق الاحداث وعكس الهجوم في كل مرة وقد يكون حافزه او الدافع الاساسي هذه المرة هو تصريح رئيس حركة مشروع تونس محسن مرزوق الذي كان في الماضي القريب مرشحا للعب دور الوسيط بين نجل الرئيس والشاهد ومكلفا بمهمة اذابة الجليد بينهما لكن دخول سليم الرياحي على خط الاحداث لخبط «الاوراق من جديد» وغير سياق التحالفات. وكانت حركة مشروع تونس دعت في بلاغ رسمي لها الجمعة الفارط، رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى المبادرة بتغيير حكومي يراجع نقاط القصور والضعف في الأداء على قاعدة برنامج عمل يسمح بإيقاف نزيف التوازنات الماليّة والاقتصادية، يضمن تدابير عمليّة للتخفيف من معاناة المواطنين جهويّا ومحليّا، ويقع عرضه على البرلمان في أقرب الآجال. وعبّرت الحركة على استعدادها للمشاركة في الحوار حول التعديل الحكومي وخطة عمل الحكومة المقبلة، مع رئيس الحكومة وباقي القوى الوطنيّة المعنيّة. وفسّر حسونة الناصفي الناطق الرسم باسم حركة مشروع تونس التحولات المتسارعة في الكتل البرلمانية بانها طبيعية نظرا للهشاشة السياسية لاغلب الفاعلين في الساحة وخاصة الاحزاب المكوّنة للبرلمان باستثناء النهضة. ورأى الناصفي ان هذه الاحزاب في حاجة الى وقت لتنضج سياسيا. وفي علاقة بالتحوير الوزاري المطروح حاليا أكد الناطق الرسمي باسم حركة مشروع تونس انه مرتبط بتوفر جملة من الشروط على الشاهد توفيرها أهمها وضع برنامج عمل والتركيز على معيار الكفاءة وتفعيل الاصلاحات، مضيفا «إذا حظي التحوير الوزاري بدعم برلماني هام سيتحول مباشرة الى تجديد الثقة في الحكومة واذا حصل العكس فستسقط الحكومة». الشاهد.. وإحراج «النهضة» محمد عبو القيادي بالتيار الديمقراطي وصف وضع الحكومة بغير العادي، متسائلا: هل للحكومة اغلبية برلمانية تضمن استقرارها للعمل بشكل عادي الى حدود انتخابات 2019؟ ونفس الشيء بالنسبة لرئيس الجمهورية الذي يبدو انه لا يرغب في الاحتكام الى الفصل 99 من الدستور لانه قد يكون في ذلك مغامرة سياسية بما ان الاغلبية «غير مضمونة». ومن وجهة نظر عبوّ فإن ذهاب الشاهد الى البرلمان بوزراء جدد فيه نوع من الاحراج لبعض الاطراف الفاعلة عدديا كحركة النهضة.