في ظل استمرار الضّبابية التي تطوّق مسألة مصير يوسف الشّاهد و حكومته و انقسام المشهد السياسي بين متمسّكين بإقالته و آخرين مصرّين على إجراء تحوير وزاري جزئي دون إبعاد الشّاهد ، لا يزال الجدل متواصلا لاسيّما وأن هناك تعارضا تاما بين مكوني المشهد السياسي البارزين في البلاد (النهضة ونداء تونس) حول موقفيهما تجاه الحكومة. ومع مطالبة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي يوسف الشاهد مؤخرا بالإستقالة من الحكومة أو طلب تجديد الثقة من البرلمان في حال استمرت الأزمة، ارتفعت وتيرة الغموض الذي يطوق مصير الحكومة. فيما لم يردّ يوسف الشاهد إلى حدّ الآن على ما جاء على لسان السبسي ، وواصل القيام بمهامه على رأس الحكومة كسابق عهده ، موجها رسالة ضمنية إلى الجميع بأنه مواصل أعماله طالما لايزال على رأس مهامه. ويرى متابعو الشأن السياسي أن الشاهد يخوض معركة كسر عظام طاحنة في حزب نداء تونس ضد المدير التنفيذي للحزب ونجل الرئيس حافظ قايد السبسي، لا سيما وقد أضحى الصراع على السلطة بين الشاهد والسبسي الإبن على أشده بعد طرح مسألة إقالته. وهو ما دفع حافظ الى اعتماد الخطة "ب" وهي التأثير على والده الذي وضع الشاهد أمام خياري الاستقالة أو طلب تجديد الثقة من البرلمان. كما توجّه عدد من نواب من نداء تونس محسوبين على حافظ قائد السبسي بطلب للاجتماع مع الرئيس الباجي قائد السبسي بهدف مناقشة مصير حكومة يوسف الشاهد و"التوافق حول موقف جماعي ونهائي بخصوص العمل الحكومي وإقالة يوسف الشاهد من على رأس الحكومة" وفق الناطق باسم الحزب منجي الحرباوي. وعلى مستوى البرلمان، طالب ثلث نوابه رئيس الحكومة، بالتوجه لمجلس الشعب لطلب تجديد الثقة لحكومته. وقال النائب غازي الشواشي إن أكثر من ستين نائبًا أمضوا على عريضة للمطالبة بقدوم رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى البرلمان وعرض تجديد الثقة في حكومته، مشيرًا إلى أن العريضة التي تقدم بها نواب المعارضة وأعضاء من كتل برلمانية أخرى "هي بمثابة الدعوة وليست لائحة لوم، تقدمت بها أحزاب المعارضة لاقتناعهما بضرورة إيجاد حل يمنع استمرار الأزمة السياسيّة الخانقة التي تمرّ بها البلاد، وبالنظر إلى أنّ مجلس نواب الشعب هو السلطة الأصلية التي بإمكانها منح الثقة وسحبها في إطار ممارسة صلاحياته". ويمكن التصويت على لائحة لوم ضد الحكومة بعد طلب معلل يقدم لرئيس مجلس نواب الشعب من ثلث الأعضاء على الأقل. ولا يقع التصويت على لائحة اللوم إلا بعد مُضيّ خمسة عشر يومًا على إيداعها لدى رئاسة المجلس. ويشترط لسحب الثقة من الحكومة موافقة الأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس، وتقديم مرشح بديل لرئيس الحكومة يُصادَق على ترشيحه في التصويت نفسه، ويتمّ تكليفه من قبل رئيس الجمهورية بتكوين حكومة . ولم يتوقف الضغط عاى الشاهد حد حزبه الأم ومجلس النواب بل شمل أيضا المنظمة الشغيلة. حيث اعتبر الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل، سامي الطاهري، أن حكومة يوسف الشاهد «فاشلة»، مطالبًا رئيسها إما بالاستقالة أو الذهاب إلى البرلمان لطلب تجديد الثقة في حكومته. كما دعا الطاهري الرئيس الباجي قائد السبسي إلى تفعيل الفصل (99) من الدستور الذي يتيح لرئيس الجمهورية أن "يطلب من مجلس نواب الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها مرتين على الأكثر خلال كامل المدة الرئاسية، ويتم التصويت بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب، فإن لم يجدد المجلس الثقة في الحكومة اعتبرت مستقيلة، وعندئذ يكلف رئيس الجمهورية الشخصية الأقدر لتكوين حكومة في أجل أقصاه ثلاثون يومًا طبقًا للفقرات الأولى والخامسة والسادسة من الفصل (89)". وكان نور الدين الطبّوبي، الأمين العام لاتحاد الشغل، دعا الشاهد بشكل غير مباشر للاستقالة، مشيرًا إلى أن "التنازل من شيم الكبار وليس ضعفًا، ولا بد أن تتحمل المؤسسات الدستورية وفي مقدمتها مجلس نواب الشعب مسؤوليتها في حسم الخلاف وحيال ما آل إليه الوضع السياسي