مساهمة خطوط السكك الحديدية في التنمية المستدامة بجهة صفاقس ودور الجماعات العمومية المحلية في النهوض بقطاع النقل وتيسير حركة المرور ودراسة العوائق والصعوبات التي تعترض انجاز المشاريع الحيوية المتصلة بمختلف أنواع النقل، كانت من أبرز المحاور المطروحة خلال الندوة التي نظمتها جمعية التنمية المستديمة بالاشتراك مع بلدية صفاقس وحضرها مسؤولون سامون بوزارة النقل والإطارات الجهوية المعنية ورؤساء البلديات وممثلون عن منظمات المجتمع المدني. نقائص عديدة تجدر الإشارة إلى أن أغلب المتدخلين خلال اللقاء سواء كانوا من الإداريين أو الخبراء أو المهتمين بالشأن العام أجمعوا على أن قطاع النقل بالجهة يشكو عديد النقائص والصعوبات لأسباب مختلفة ومتراكمة منذ سنوات وتتعلق خاصة بعدم انجاز مشاريع قطاعية في الغرض وعدم تطوير البنية الأساسية وكذلك عدم تفعيل القرارات الحكومية خاصة منها المتعلقة بتحويل محطة قطارات المسافرين وإخراج محطة نقل البضائع من وسط المدينة إلى الضواحي حتى يتسنى الوصول إلى موقع مشروع تبرورة بكل سهولة انطلاقا من وسط المدينة وضرورة انجاز محطة نقل متعددة الوسائط وبعث منطقة لوجستية. نقائص تتسبب يوميا في اختناق حركة المرور بالمدينة في أغلب أوقات العمل والدراسة وازدياد نسبة التلوث وتراجع النقل العمومي مقابل ارتفاع النقل الخاص وما يسببه من خسائر جمة لأصحاب السيارات والعربات والاقتصاد الوطني عامة. وتشير الدراسات المنجزة في الغرض إلى أن أسطول السيارات يتطور بنسبة عالية فيما تراجع النقل الجماعي إلى 10%بعد أن كان في حدود 17%منذ سنتين فقط، هذا إلى جانب تقهقر خدمات نقل المسافرين عبر القطار مقابل ارتفاع نشاط نقل البضائع وهو ما تسبب في عديد الإشكاليات المرورية والبيئية خاصة بوسط المدينة اذ أن القطار يمر من قلب المدينة ويقسمها إلى نصفين ويزيد في حدة تعطيل حركة المرور. الحلول متوفرة ولكن.. ولتسليط الأضواء على هذا الملتقى كان ل«الصباح» لقاء مع الأستاذ محمود قدورة رئيس لجنة التهيئة والتراخيص العمرانية ببلدية صفاقس الذي أكد أن من أهم الحلول المناسبة للتخفيف من اختناق حركة المرور هو الترفيع في نسبة النقل الجماعي وإعطائه الأولوية في الطريق والتشجيع على النقل النظيف والبيئي إلا أن المعوقات المتعلقة بالبنية الأساسية خاصة منها المتصلة بخط السكة الحديدية الذي يعطل ويقسم النسيج العمراني بما ينعكس سلبا على حركية المدينة شمالا وجنوبا وكذلك على سلامة حركة المرور. وأكد أنه من الضروري اخراج محطة نقل البضائع التابعة لشركة السكك الحديدية إلى أطراف المدينة بمنطقة سيدي صالح مثلا وربطها بمنطقة قرقور والتي هي امتداد للضفة الجنوبية للميناء التجاري، هذا إلى جانب تكثيف نقل المسافرين عبر القطار دون أن تشكل السكة عائقا لتواصل النسيج وشبكة الطرقات عامة وذلك بتركيز ممرات سكة علوية أو انفاق تربط ضاحية ساقية الزيتبالمدينة، وهذا من شأنه أن أن ينعكس إيجابيا على حركة المرور بطريق تونس ويمكن في نفس الوقت من توسعة الطريق ومن انجاز مشروع المترو المعلق على غرار ما سيتم في منطقة البحيرة الشمالية بالعاصمة. وبما أن الشبكة الطرقية بالجهة شعاعية بطبيعتها وتكثر فيها التقاطعات والأحزمة فيرى قدورة أنه لابد من تطوير الأحزمة إلى طرقات سريعة ودون تقاطعات وانشاء جسور علوية فوق الطرقات تيسيرا لحركة المرور، كما أن القضاء على الوقوف العشوائي للسيارات يستوجب ايجاد الحلول المناسبة عبر توفير ماوى سيارات جماعية خاصة في شارع مجيدة بوليلة وعلى مستوى الحزام رقم 4 وهو يقترح أن تتولى السلط تشجيع الباعثين الخواص على إنجاز الماوي الجماعية مشيرا إلى أن البلدية ستعمل على مراجعة مثال التهيئة العمرانية لإعطاء حوافز لكل من يبادر ببعث مأوى سيارات بطوابق عبر السماح له باستغلال الطابق الأرضي والطابق الأول للنشاط التجاري على غرار ما يتم في العاصمة. وفي انتظار ذلك قال قدورة أن البلدية ستتخذ الإجراءات اللازمة لتنظيم وقوف السيارات بمقابل بالمدينة كحل عاجل للاكتظاظ المروري كما أنها تدعم مشاريع النقل الجماعي عبر مختلف الوسائل. وشهد شاهد من أهلها من جهة أخرى أشار أنيس الوسلاتي رم ع الشركة الوطنية للسكك الحديدية خلال مداخلته إلى أن خدمات المؤسسة لا تستجيب حاليا لطموحات المواطنين نظراً لتردي نوعية الخدمات وذلك يعود إلى عدة أسباب تتعلق أساسا بعدم تجديد أسطول العربات والقطارات منذ سنوات وعدم انجاز الاستثمارات المبرمجة في الابان مؤكدا أن الشركة ستتفاعل مع اقتراحات وانتظارات المواطنين بالجهة وهي منفتحة على محيطها وعلى المجتمع المدني خاصة أن مزايا النقل الحديدي تفاضلية مقارنة بانماط النقل الأخرى فيما يتعلق بطاقة الاستيعاب والاقتصاد في الطاقة والمحافظة على البيئة. وامام تراجع عدد المسافرين بواسطة القطار خاصة عبر خط صفاقستونس جراء تكرر تأخير وصول القطارات وتدني مستوى الخدمات عامة، فقد تم الإعلان عن طلب عروض لاقتناء اكثر من 100 عربة لنقل الركاب وهو في مراحل متقدمة (فرز العروض) وسيشرع في استغلالها في ظرف سنتين، وفي الإثناء تدرس الشركة إعادة استغلال الخط السريع صفاقستونس عبر القلعة الصغرى والذي أثبت مردودية عالية سابقا وربحا في وقت الرحلة.