سجلت نسبة التضخم انخفاضا طفيفا من 7.5 % إلى 7.4 % وقد أعلن المدير العام للمعهد الوطني للإحصاء، الهادي السعيدي في تصريح ل«وات» أن المعهد يشتغل على تحيين سلة المنتوجات التي يعتمدها في احتساب نسبة التضخم. «الصباح الأسبوعي» اتصلت بالخبير الاقتصادي والمالي عز الدين سعيدان للتعرف على دلالات الانخفاض الطفيف ومدى تأثر نسبة التضخم بتغيير سلة المنتوجات المعتمدة في احتسابها. وقد اعتبر سعيدان أنه بالرغم من هذا الانخفاض الطفيف فإن النسبة تبقى مرتفعة جدا وتؤثر سلبا على كل التوازنات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. سلة تجاوزها الزمن ويضيف محدثنا أن هذه النسبة تحتسب انطلاقا من اعتماد سلة استهلاك تجاوزها الزمن ولا تعكس نمط استهلاك العائلة التونسية. ويرى محدثنا أن مراجعتها تعد ضرورة قصوى وهي تأتي متأخرة إذ كان من المفترض القيام بها سنوات 2012 و2013 ولكن أن تأتي اليوم خير من أن تواصل مزيد التأخر، وذلك نتيجة لتطور العادات الاستهلاكية وتطور التجارة الخارجية وتوفر مواد جديدة وغيره من العوامل الأخرى التي ساهمت في تغير الأنماط الاستهلاكية لدى التونسيين. أما النقطة الثانية المرتبطة بهذه السلة فهي وجود مواد مدعمة فيها وهي مواد لا تخضع أسعارها لقاعدة العرض والطلب والسعر الذي تباع به ليس سعرها الحقيقي. ويمكن التعامل معها -كما يوضح محدثنا- بطريقتين إما باحتساب ثمنها الذي تباع به وإضافة كلفة الدعم لها (والتي يدفعها المواطن بطريقة غير مباشرة عبر الضرائب التي يمول منها صندوق الدعم) أو اعتماد طريق مختصر يتمثل في حذفها تماما من السلة لأن أسعارها ليست حقيقية ولا يمكن التعامل معها بذات الطريقة التي يتم على أساسها احتساب المواد غير المدعومة. نسبة التضخم الحقيقية تصل 10 % عندما يتم أخذ مختلف النقاط المذكورة سابقا بعين الاعتبار تصل نسبة التضخم الحقيقية إلى 9.5 أو 10% بحسب الخبير الاقتصادي والمالي عز الدين سعيدان في تصريحه ل»الصباح الأسبوعي» أي أكثر من 7.4% وهو الرقم الرسمي المعلن وهي نسبة مرتفعة بطبيعة الحال. ونحن نعيش في هذا النسق منذ 8 سنوات وهذا انعكس بشكل مباشر على المقدرة الشرائية للمواطن التي تراجعت بنسبة 30% وتراجعت قدرة المواطن التونسي على الادخار من 22% من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2010 وأصبح اليوم في حدود 10% بحسب المعطيات التي يقدمها سعيدان. لا مساواة أمام التضخم ويبرز محدثنا أننا كمواطنين لسنا متساوين أمام التضخم المالي. فبالنسبة إلى أصحاب الأجر القار سواء في القطاع الخاص أو العمومي والمتقاعدين فإن «لا حول لهم ولا قوة أمام التضخم» ويتحملون بشكل مباشر نتائج التضخم. أما أصحاب المهن الحرة والتجار فلديهم قدرة على التأقلم وفي بعض الأحيان يمكن أن يستفيدوا من التضخم، لأنهم يثقلون أي ارتفاع في الكلفة على كاهل مستهلك المنتوج أو الخدمة ونتيجة لذلك تتم إعادة توزيع الثروة -كما يشرح الخبير الاقتصادي والمالي عز الدين سعيدان- فهنالك فئات اجتماعية تضررت وهنالك في المقابل فئات تحسن مدخولها. وأما بخصوص حديث بعض الخبراء عن أن نسبة تضخم تصل إلى حد 20% يبرز محدثنا أن ذلك يتم من خلال احتساب بعض المواد الاستهلاكية بعينها في حين أنه لاحتساب نسبة التضخم، يقتضي التمشي العلمي اعتماد معدل استهلاك العائلة التونسية، لأن أنماط الاستهلاك تختلف من عائلة إلى أخرى. ويبرز محدثنا أنه عندما يصل التضخم إلى 7 و8 و9% فإن ذلك يعني الدخول في دوامة التضخم المالي فيغذي التضخم نفسه. كما يوضح أن الإجراءات المعزولة لم تعد ذات جدوى وأن الخروج من هذه المعضلة يتطلب معالجة الاقتصاد معالجة جذرية ضمن مقاربة متكاملة.